الأربعاء، 25 فبراير 2009

مُعَلَّقَاً بِخُيُوطِ الشَّمْسِ الغَارِبَةِ .. مَضَى! بقلم: كمال الجزولي (منقول)

مُعَلَّقَاً بِخُيُوطِ الشَّمْسِ الغَارِبَةِ .. مَضَى! بقلم: كمال الجزولي
"الحياة يا محيميد ما فيها غير حاجتين اتنين .. الصداقة والمحبة"! ود الرَّوَّاس (بندر شاه: مريود، ص 37 ـ 38) (1) في الثامنة من مساء الثلاثاء 17/2/09 قرَّر محمود صالح، الصديق الصدوق للطيِّب صالح، والذي بقي ملازماً له في رقدته الأخيرة، مثلما في كلِّ أوقات مرضه العصيبة خلال الفترة الماضية، أن يتوجَّه من مستشفى سانت هيلير في ضاحية ميرتون، بجوار ويمبلدون جنوب غرب العاصمة البريطانيَّة، حيث يرقد الطيِّب بعنبر هاري سيكوم لغسيل الكلى، إلى شقة إبنه الكائنة بناحية المطار غربيَّ لندن، كي يأخذ قسطاً من الراحة، يعود بعدها ليبقى قريباً من خدن روحه. لكنه ما كاد يبلغ الشقة، ولم تكن قد مضت على مغادرته المستشفى سوى أقل من ساعتين هي مسافة الطريق الزَّمنيَّة، حتى رنَّت نغمة جواله تنقل إليه الفاجعة:ـ "عُد فوراً. حالة الطيِّب تردَّت، فجأة، إلى أدنى درجة"!........................................................ظلَّ الطيِّب، طوال السنوات الماضية، في صراع يشتدُّ ويخفت، ليشتدَّ مجدَّداً، مع الداء الوبيل الذي أصاب كليتيه. وفي الأثناء ظلَّ يتردَّد على الأطباء بين لندن والقاهرة، أملاً في وصفة تستبعد مخايل عمليَّة نقل الكليَّة التي كان من رأي بعضهم ألا بديل عنها. ومع الأيام تكاثر، للأسف، أصحاب هذا الرأي من الاختصاصيين هنا وهناك، حتى صاروا أغلبية عظمى. فبدأ مشوار المعاناة في البحث عن مانح متطوِّع ملائم، وفي المفاضلة بين بلد وبلد، وبين مستشفى ومستشفى، وبين جرَّاح وجرَّاح. أخيراً وُجد المانح، وهو شاب من كوستي أصرَّ على عدم ذكر اسمه، فأدخِل مع الطيِّب مستشفى ميديكال كير الخاص بدُبَي، في فبراير 2008م، حيث تقرَّر إجراء العمليَّة هناك على يد الجرَّاح السوداني الكبير كمال ابو سن. سوى أن الفحوصات التحضيريَّة ما لبثت أن كشفت، للأسف، عن ضيق في أحد شرايين الطيِّب التاجيَّة، نتيجة إدمانه التدخين أغلب سنوات عمره، مِمَّا استلزم وضع دُعَامة في الشريان المعطوب لتوسيع مجرى الدَّم، مثلما استلزم تأجيل العمليَّة، ضربة لازب، لسنتين على الأقل!عاد الطيِّب إلى لندن ليواظب على الغسيل ويحاول التعايش معه. لكنَّ ارتخاءً مفاجئاً وقع في الدُّعَامة، بعد ما لا يزيد عن الخمسة أشهر من وضعها في الشريان، مِمَّا استدعى نقله، على عجل، إلى مستشفى برومتون التخصُّصي لأمراض القلب، حيث أجريت له، في يوليو، عمليَّة أخرى لاستبدالها. غير أنه أصيب، عقب العمليَّة، بجلطة في الدماغ أدخلته في حالة تنويم استمرَّت لثلاثة أشهر قضاها بغرفة العناية المركَّزة!في نوفمبر أفاق تماماً، وبمستوى أشاع التفاؤل في نفوس أطبائه وأسرته وأصدقائه، فتمَّ نقله إلى مستشفى سانت هيلير القريبة من مسكنه، ليبقى تحت العناية الاعتياديَّة، والمداومة الروتينيَّة على الغسيل ثلاث مرَّات في الأسبوع. وبالفعل بدا، خلال الشهرين التاليين، أنه قد استعاد شهيَّته للطعام، وللقراءة، وللمؤانسة، وأن صحته، بوجه عام، آخذة في التحسُّن، حتى أنه شرع في ممارسة رياضة المشي والتمارين على الدَّرَّاجة الثابتة. لكن حالته انتكست، فجأة، للأسف، مع خواتيم يناير المنصرم، فدخل في إغماءة أخرى. ورغم كلِّ ما بذل الأطباء من جهد، إلا أن خط التدهور العام في صحَّته راح يواصل انحداره بسرعة متزايدة، يوماً عن يوم، وساعة بعد ساعة، حتى أسلم روحه الطاهرة لبارئها قبل ساعتين من منتصف تلك الليلة الشتائيَّة التي ما انفكَّت ريحها تعول .. ويب .. ويب .. ويب!........................................................ قابلته آخر مرَّة قبل عامين. كان في إحدى زياراته إلى القاهرة، وكنت هناك بالمصادفة. إلتقينا على مأدبة غداء بشقة محمود، مع لفيف من أصدقائه وندمائه السودانيين والمصريين، وكان فيهم الشاعر صلاح أحمد محمد صالح، والشاعر الياس فتح الرحمن، والكاتب حسن ابَّشر الطيِّب، والصحفي مرتضى الغالي، والكاتب المصري المتخصِّص في أدب الأطفال محمود سالم، والكاتب والمترجم المصري عبد الرحيم الرفاعي، صديقه المقيم، حالياً، مع أسرته بجنيف، والذي زامله، لسنوات طوال، بهيئة الإذاعة البريطانيَّة، والذي يحرص على مرافقته إلى القاهرة كلما نزل إليها، وآخرين. كانت الجلسة ودودة، ومحفوفة بكرم أسرة محمود الفياض. وكان الأنس شائقاً تتخلله، كالعادة، لمعاً من القفشات المصريَّة. لكنَّ الطيِّب كان بادي الهزال والإعياء والرهق والهمِّ، ولا يكاد ينبس ببنت شفة، بل لم يكن نادراً ما يدع رأسه يتكئ على كتفه، ويدخل في نوبات إغفاء متقطعة، كلما غافل العيون المشتاقة، وكلما انزلق الكلام بعيداً عنه! وعندما نهضنا إلى المائدة الدسمة لمحت إناءين كبيرين فاخرين يتوسَّطانها، في أحدهما (أم رقيقة)، وفي الآخر (ملوخيَّة مفروكة). تذكَّرت، على الفور، ليلة سهرنا، الياس وشقيقي محمد وشخصي، قبل سنوات طوال، في شقة الطيِّب بالقاهرة، ذات شتاء قارس لبرده أزيز في الحنايا، ولصقيعه عضَّة في العظام، برفقة أصدقائه محمود صالح وحسن ابشر وعبد الرحمن سعيد والسِّر قدور وعمر يوسف، ثمَّ تعشينا، آخر الليل، على مزاجه الموغل في سودانيَّته، بـ (مُلاح وَرَق) كان أحضره له، بناء على طلبه المخصوص، صديقه حسن ابشر الذي كان يقيم، وقتها، مع أسرته هناك. قلت أداعبه بتلك الذكرى، عساه يخرج من حالة الصمت والكآبة التي تغمره. لكنه اكتفى بابتسامة كابية، وبدا كما لو لم يسمعني جيِّداً، مثلما بدا فاقداً الشهيَّة، لا للكلام، فحسب، وإنما للطعام أيضاً .. حتى السوداني الذي يفضله من بين أطعمة العالمين، رغم أنه لا يأكل، في العادة، إلا قليلاً، لكنه يبتهج لمرآه على المائدة، مثلما يبتهج لمرأى كلِّ شئ سوداني! أوَّل المساء أوصلناه، الياس ومرتضى وشخصي، بعربة الياس، وكان نائماً تقريباً، إلى حيث يقيم بالشقة التي كان يؤثرها على ما عداها، كلما زار القاهرة، والكائنة في البناية رقم 34 بالمهندسين ـ شارع جامعة الدول العربيَّة، وكنت سمعته، مرَّة، يتحدَّث عن رغبته في شرائها، لكنني لا أعلم إن كان فعل أم لا. أيقظناه، فترجَّل بصعوبة، وودَّعنا. لكنَّ إحساس قلق غامض ما لبث أن اجتاح ثلاثتنا، ونحن نبصره يعبر الرصيف، بخطو متثاقل، إلى مدخل العمارة، محاولاً أن يتفادى ثلة من الصبية كانوا يتسابقون بدرَّاجات رياضيَّة ملوَّنة. مع ذلك رأيناه يتمكَّث قليلاً، قبل أن يدلف، ليردَّ تحيَّة البوَّاب وزوجته وعيالهما، وقد هبُّوا ، لاستقباله خفافاً، ثمَّ يدخل يده في جيب جاكتته الداخلي يوزِّع على الأطفال ما تيسَّر. ........................................................نفس هذا البوَّاب كان سألنا، عندما جئنا، الياس وشقيقي محمد وشخصي، نلبي دعوة الطيِّب في تلك الليلة الصقيعيَّة قبل سنوات طوال:ـ "مين الراجل الطيِّب ده؟! أنا بشوف صورو في الجرانين، وبيجي عندو باشوات ياما .. ده باين عليه باشا حقيقي"؟! ـ "أيوه .. ده راجل مشهور قوي في العالم كلو .. إنت بتعرف نجيب محفوظ يا حاج؟! أهو ده بقى زي نجيب محفوظ"؟!ـ "بس هوَّ يا بيه، الله يجبر بخاطرو، بيقعد معانا عالدكَّة هنا، وبياخد ويدِّي معانا في الكلام، وساعات كمان بيشرب معانا الشاي الكشري اللي بتعملهولو الوليَّة مراتي"!خطرت لي، لحظتها، خاطرة كاريكاتيريَّة غاية في الطرافة: الرِّوائي الكبير الذي صُنفت روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) ضمن أفضل مائة عمل أدبي في التاريخ البشري، والذي تتهافت كبريات دور النشر العالميَة على نشر أعماله بملايين النسخ، وبما يربو على الستين لغة حيَّة، ليطالعها الناس في القارَّات كلها، وتدرَّس في أعرق الجامعات، ويضع طلاب الدِّراسات العليا بحوثهم حولها ليحصلوا على درجات الدكتوراه والماجستير، وتتردَّد أسماء أبطاله في أركان الدنيا من أقصاها إلى أقصاها، يقيم، في تلك الساعة، في شقة بسيطة بالقاهرة، يسهر مع الأصدقاء على سمر رائق، ويقدِّم لهم طعام السودانيين على العشاء؛ وفي الصباح، على حين تتبارى جميع المؤسَّسات الصحفيَّة والثقافيَّة على لفت انتباهه إليها، ويتسابق كلُّ المبدعين والنقاد، كبارهم قبل صغارهم، على الفوز بموعد للقائه، يروق له هو أن يجلس على (دكَّة) في مدخل عمارة ليتآنس ويشرب (الشاي الكشري) مع أسرة بوَّاب من عامَّة الناس! إلتفتُّ إلى الحاج قائلاً:ـ "آه .. طبعو كده، أصل هوَّ راجل حكيم، ومتواضع قوي .. وضارب الدنيا صرمة كمان"! فانطلقت زوجة الحاج تلهج بدعوات من القلب: ـ "إلهي يارب ينوِّلو اللي في مرادو، ويديلو الصِّحَّة وطولة العمرويزيدو كمان وكمان"!........................................................ما كاد محمود يغلق جوَّاله، حتى عدل عن دخول شقة إبنه وهي على مرمى حجر، ليخفَّ راجعاً، من فوره، إلى المستشفى، برغم الإرهاق الذي قشعه عن جسده، فجأة، قلق مزلزل! وصل المستشفى عند منتصف الليل. دلف إلى المبنى راكضاً، وقذف بنفسه داخل العنبر، يحدوه بصيص أمل في أن يجد الحالة قد تحسَّنت شيئاً. كانت هناك زوجة صديقه الاسكتلنديَّة جولي وبنتاهما سارة وسميرة يجهشن ببكاء حار. أما الإبنة الثالثة زينب، المقيمة، مع زوجها وأطفالها، في ألمانيا، فقد غادرتها على عجل في طريقها إليهم، لكنها لم تصل بعد. وأما بشير، شقيق صديقه، فقد كان، ساعتها، بين السماء والأرض، نهباً لقلق عاصف، حيث كانت طائرته ما تزال تقطع المسافة بين الدوحة، مقرِّ عمله، وبين لندن. وأما صديقه نفسه فقد كان مسجى على السرير الأبيض بلا حراك، تغمره المحارم الطبيَّة والسكينة الأبديَّة .. كان الأديب العظيم والإنسان النادر قد ودَّع الحياة والأحياء في تمام العاشرة من ذلك المساء الصقيعي الحزين! (2)ـ "كذابة المرة التقول ولدت مثل محجوب ود جبر الدار"! ود الروَّاس (بندر شاه: مريود، ص 39)في يوليو عام 1929م ولد الطيِّب بكرمكول لعائلتين؛ إحداهما، وهي عائلة مشاوي، تنتمي إلى البديريَّة الدهمشيَّة من جهة أبيه محمد صالح، والأخرى، وهي عائلة زكريا، تنتمي إلى الركابيَّة من جهة أمِّه عائشة حمودة.قضى الطيِّب طفولته الباكرة، هو وشقيقته علويَّة وشقيقهما الأصغر بشير، في كرمكول، حيث درس الكتاب. ولمَّا كان الفقر حالة عامَّة فاشية في كلِّ أنحاء السودان على أيام الاستعمار البريطاني، والناس ما ينفكُّون يرتحلون من الأرياف إلى المدن الكبيرة سعياً وراء الرزق الأوفر لأسرهم، والتعليم الأفضل لأبنائهم، فقد ارتحل والد الطيِّب، أيضاً، بأسرته، عام 1940م، من عمق مزارع الشمال، إلى ميناء بورسودان على ساحل البحر الأحمر. في مدرسة بورسودان الأميريَّة درس الطيِّب المرحلة الوسطى. ويروي عنه قريبه الأستاذ الصحفي عماد الدين أبو شامة أنه لم يكن يستنكف، خلال تلك السنوات، أن يعمل، أثناء العطلات، كبائع خُضَر متجوِّل في أزقة (ديم مدينة) ينادي على البصل والفجل والليمون، كي يخفف من أعباء مصروفاته عن كاهل والده. ولشغفه بالاطلاع فإنه كثيراً ما كان يغشى مكتبة كبيرة بسوق بورسودان، فإذا ما أعجبه كتاب، ولم يكن يملك ثمنه في العادة، قرأه بأكمله داخل المكتبة نفسها، خلال بضعة أيام، واقفاً، في كلِّ مرَّة، يتظاهر بالبحث عن كتاب ما (أجراس الحريَّة، 22/2/09). إجتاز الطيِّب المرحلة الوسطى، ونجح، عام 1944م، ضمن مائة وثلاثين تلميذاً فقط من جملة خمسمائة من كل أنحاء السودان، في الالتحاق بكليَّة غردون لدراسة الثانوي. لكنَّ الكليَّة ما لبثت أن خُصِّصت، عام 1946م، للمدارس العليا (الجامعيَّة)، فتوزَّع طلابها إلى مدرستين ثانويَّتين، حنتوب ووادي سيدنا، وكانت الأخيرة من نصيب الطيِّب، ثمَّ أنشئت خور طقت لاحقاً. هكذا أكمل الطيِّب دراسته الثانويَّة بوادي سيدنا، عام 1948م، وجلس لامتحان الشهادة السودانيَّة (كيمبردج)، فنجح في الالتحاق بمدرسة العلوم لدراسة الزراعة في الكليَّة بوضعها الجامعي الجديد. لكنه سرعان ما هجرها بعد عام واحد، لسبب غير معلوم، وإن كان الظنُّ الغالب أنه لم يكن، أصلاً، راغباً في ذلك التخصُّص. وما زال أبناء دفعته، حتى الآن، محتارين في سبب اختياره، منذ البداية، لمدرسة العلوم، مع أن مدرسة الآداب كانت تعتبر مكانه الطبيعي، خصوصاً وقد كان النجم الأدبي الأسطع المدرسة الثانويَّة، وسكرتير جمعيَّتها الأدبيَّة الدائم لا ينازعه في ذلك أحد! عقب مغادرته الكليَّة التحق الطيِّب بالعمل معلماً بمدرسة رفاعة الوسطى لمدة عام آخر انتقل بعده، في 1949م، إلى بخت الرضا لمدة سنتين. ومع نهايتهما تصادف أن أعلن القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانيَّة عن حاجته لمذيعين، فتقدَّم، واختير، وسافر إلى لندن عام 1952م، وعمره لم يتجاوز، بعد، الثالثة والعشرين. في لندن أتيحت للطيِّب الشاب فرص واسعة لإشباع طموحاته الإبداعيَّة، من خلال مواظبته على تثقيف الذات، وتجويده مهنة الإعلام، وانفتاحه على الدنيا الجديدة، فأبدى كفاءة مشهودة في تقديم البرامج الأدبيَّة والثقافيَّة، وفي ترجمة وتحرير وإعداد المواد الإذاعيَّة، وسرعان ما ارتقى، خلال السنوات التالية، إلى منصب مدير قسم الدراما، وتزوَّج من زميلته بالهيئة، واتسعت دائرة صداقاته وعلاقاته المهنيَّة والإنسانيَّة، يعينه في ذلك طبع ليِّن، وخلق دمث، وقلب حان، وذوق رفيع، حيث ظلَّ مبدأه الأسمى هو (المحبَّة والصداقة)؛ حتى النقد كان يرى أفضله ما صدر عن محبَّة. على أن السَّرد، إبداعاً وإحساناً وتجويداً، ظلَّ هو أكبَّر همِّ الطيِّب، وشغله الشاغل الذي منحه، على قلة إنتاجه من الناحية الكمِّيَّة، جُلَّ وقته وعافيته، فكافأه بالمقابل مجداً وصيتاً ما بعدهما مجد أو صيت، حيث حاز على الكثير من الشهادات الفخريَّة والجوائز والأوسمة من مختلف البلدان؛ وتمَّ تتويجه، عام 1976م، باعتباره (عبقري الرواية العربيَّة)، وقد أصدر عدد كبير من الباحثين المتخصِّصين كتاباً في بيروت بذات العنوان، تناولوا فيه لغته وعالمه الروائي، بكلِّ أبعاده وإشكالاته؛ كما تمَّ ترشيحه، ثلاث مرَّات لجائزة نوبل العالميَّة: الأولى، بصفة غير رسميَّة، من جانب نجيب محفوظ، يوم أبلغوه بفوزه بها، فقال: كنت أتوقع أن تمنح للطيِّب صالح! والثانية، بصفة رسميَّة، عام 2007م، من جانب البروفيسير عامي إلعاد ـ بوسقيلة، أستاذ الأدب العربي بكليَّة بيت بيرل؛ والثالثة، بصفة رسميَّة أيضاً، في يناير عام 2009م، قبل شهر من وفاته، من جانب مؤسَّستين سودانيَّتين هما إتحاد الكتاب السودانيين ومركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان؛ والمعلوم أن الأخير يدير، منذ سنوات طوال، برنامج (جائزة الطيِّب صالح للرواية في السودان). لقد استطاع الطيِّب، خلال سنوات وجيزة بمعيار الإنجاز، أن يصل بأهمِّ أعماله، وكلها مترجمة في معظم اللغات الحيَّة، إلى مصاف العالميَّة، وأن يحفر اسمه عميقاً في لوح الخالدين، وأن يمنح وطنه رمزاً آخر، ومواطنيه هويَّة إضافيَّة هي أنهم (مواطنو الطيِّب صالح)!(3)لم يقتصر عمل الطيِّب على السَّرد، وإن كان هو الأهمُّ في حياته المهنيَّة، أو على هيئة الإذاعة البريطانيَّة، فحسب، بل لقد عاد إلى بلده عام 1967م مستشاراً للإذاعة السودانيَّة لمدَّة عام. وانتقل إلى دولة قطر، وكيلاً ومشرفاً على أجهزة إعلامها سنين عدداً. ثمَّ عمل مديراً إقليمياً لمنظمة اليونسكو بباريس، ثمَّ ممثلاً لها بدول الخليج. كما عمل كاتباً صحفياً لعمود (وراء الأفق) الشهير بمجلة (المجلة) اللندنيَّة، لأكثر من عقد من الزمن. وفي الأثناء حصل على عدة شهادة أكاديميَّة، من بينها شهادة في الشئون الدوليَّة من بريطانيا. (4)بدأت معرفتي بالطيِّب صالح الأديب وأنا، بعد، طالب بالثانوي، من خلال (موسم الهجرة)، عندما نشرت، لأوَّل مرَّة، بمجلة (حوار) البيروتيَّة، نحو منتصف ستينات القرن الماضي. كانت شيئاً صاعقاً يكاد لا يصدق، كأن من كتبها ليس من جنس البشر! أعدت قراءتها مرَّات ومرَّات، وما زلت، منذ ذلك الوقت الباكر، أعود إليها، بين الحين والآخر، في مختلف الطبعات، وأتسقط كلَّ ما يكتب النقاد والدارسون عنها، وعن جماليات الطيِّب عموماً، دون أن أزعم أنني ارتويت تماماً مِمَّا تمنح من متعة وفائدة معاً. ولا غرو، فإن تلك السرديَّة المركبَّة شديدة التعقيد هي، في رأيي، مفتاح (باب السِّر) إلى عالم الطيِّب السردي كله، حسبما ظللت أتتبَّعه بلهفة وشغف، عملاً وراء عمل، من (عُرس الزين) إلى (دومة ود حامد) إلى (نخلة على الجدول)، حتى بلغ أشده في روايته (بندر شاه) بجزئيها الصادرين، حتى الآن، (ضو البيت) و(مريود)، وأسأل الله العلي القدير أن تكشف محتويات مكتبته المنزليَّة عمَّا يكون الراحل قد أراد أن يستكمل به هذا العمل الجليل، وليس سوى محمود صالح من يُعَوَّل عليه في تنقيب كهذا. ثمَّ إن (المنسي) ليس ببعيد عن ذلك العالم. وما زلت أذكر، كمهتمٍّ باللغة والثقافة الروسيَّتين، كم كانت سعادتي عظيمة عندما تولى البروفيسير السوفيتي، آنذاك، فلاديمير شاغال ترجمة (موسم الهجرة) إلى اللغة الروسيَّة، ونشرها بمجلة (الآداب الأجنبيَّة) عام 1975م، ثمَّ عندما ترجم إيغور يرماكوف (عرس الزين)، ثمَّ عندما ترجم ل. ستيبانوف جزئي (بندر شاه)، ثمَّ عندما صدرت هذه الأعمال كاملة في مجلد واحد أنيق عن دار رادوغا بموسكو عام 1982م. لقد أفضت دقة رسم الطيِّب لشخصيَّة مصطفى سعيد المركزيَّة في (موسم الهجرة) إلى أن يتبدَّى للجميع كما لو أنه شخصيَّة حقيقيَّة تسعى معهم في الحياة، لدرجة أن الأديب علي أبو سن، صديق الطيِّب وزميله، زعم، مرَّة، أنه هو مصطفى سعيد، مستشهداً بما كان الطيِّب قد صرَّح به، ذات محفل دبلوماسي! غير أن الطيِّب، عندما سُئل، لاحقاً، عن جليَّة الأمر، اكتفى بالصمت والابتسام، مفضِّلاً، في ما يبدو، الإبقاء على المسألة برمَّتها في دائرة الغموض!على المستوى الإنساني تعرَّفت إلى الطيِّب، شخصياً، حين زار السودان في خواتيم سبعينات القرن المنصرم، أو أوائل ثمانيناته. قدَّمني إليه صديقي الراحل الشاعر النور عثمان أبَّكر. وبعدها جمعتنا به الفنانة المسرحيَّة آسيا عبد الماجد في حفل مرطبات صغير أقامته، على شرفه، بباحة بيتها بالشعبيَّة. ثمَّ جمعتنا سهرة لطيفة بصالون قريبه وصديقه السِّر محمد الحسن بحي المقرن، وكان ضمن الحضور الناقدان عبد القدوس الخاتم وعبد الهادي الصديق، والشاعران سيد احمد الحردلو والنور عثمان، والقاص عيسى الحلو، والمغني ود اليمني، وآخرون أنسيتهم. ومنذ ذلك الوقت صرت ألتقيه كلما جاء إلى السودان في زيارات غير رسميَّة، وكلما حباني الحظ، خلال سفراتي المتعددة إلى القاهرة، بأن يكون هو متواجداً فيها. وما عرفت محبَّاً لمصر والمصريين كالطيِّب، اللهم إلا ما بلغنا من تاريخ الإبداع السوداني عن الخليل والتيجاني ونفر آخرين اشتهروا بهذه المحبَّة. وقد قامت للطيِّب هناك صداقات يجلها، لمست بعضها بنفسي وبعضها من مؤانساته الشخصيَّة، ولعلَّ على رأس هؤلاء ناقده الأوَّل، بل أوَّل من شدَّ الانتباه إليه، الراحل رجاء النقاش، وإلى ذلك جابر عصفور، وآخرين. كان الطيِّب بسيطاً، دائماً، في لغته، وفي حياته، وفي أسلوبه في الكتابة، وفي كلِّ شئ، اللهمَّ إلا الحكمة التي أوتيها، والتي ما تلبث أن تتكشف، لمن يتروَّى ويدقق، من خلال بساطته هذه نفسها التي يمكن اعتبارها، أيضاً، وفي بعض أهمِّ جوانبها، (بساطة مظهريَّة)! فهي، بالقطع، ليست ضرباً من (الغشامة)، بل إنها تلتمُّ، في حقيقتها، على شخصيَّة بالغة الرُّقي، هائلة العظمة. ولقد صدق تماماً عندما ردَّ على من وصفوه بأنه هو مصطفى سعيد، قائلاً: لا، أنا أقرب إلى الزين .. أنا الزين!بساطة الطيِّب هي (واجهته) الاعتياديَّة في التعامل مع بسطاء الناس، بل ويحبِّذ، ابتداءً، التعامل بها مع كلِّ مَن حوله، ريثما تغوي أحدهم بالتنطع، حينذاك يستل من قرابٍ خفيٍّ أدوات دهاء ما علمت أن مثلها يتوفر لدى سواه! (5)ورغم أن الطيِّب ينفي مقاربته الشعر إلا هذراً، لكن ما من عين يمكن أن تخطئ شيئاً من عناصر شعريَّته الخاصَّة التي تشكل، في النهاية، بعض مقوِّمات البناء الجمالي في سردياته؛ وهي شعريَّة بصريَّة سينمائيَّة بأكثر منها لفظيَّة بحتة. ففي وصفه، في (عُرس الزين)، للإمام في مشهد علاقته الغريبة بأهل القرية الذين كانوا يمقتونه، ومع ذلك يجمعون له مرتبه آخر كلِّ شهر، بينما هو لا يكفُّ عن تذكيرهم في خطبه، دائماً، بالحساب والعقاب، اقتصاصاً لنفسه منهم، يقول الطيِّب: "كان مثل الضريح الكبير وسط المقبرة!" (عُرس الزين، ص 96 ـ 97). وبعد أن رأى نفس الإمام الراقصة سلامة وقد انحسر ثوبها ".. عاد بوجهه إلى محدثه (و) كانت عيناه مربدتين مثل الماء العكر" (المصدر، ص 124). واستطراداً لعلَّ ذاكرة كلِّ مَن شاهد فيلم المخرج الكويتي خالد الصديقي (عُرس الزين ـ 1976م)، الفائز بجائزة خاصَّة في مهرجان كان، سوف تظل تختزن الأسلوب الرائع الذي أدى به الممثل السوداني الكبير الراحل محمد خيري هذا المشهد، رغم أنه لم يستغرق سوى بضع ثوان من زمن العرض! على أن هذه الشعريَّة بلغت أقصى قممها في (ضو البيت) و(مريود)، بالذات، حيث لم تعُد محض عنصر فني، فحسب، بل جزءاً وقائعياً ضرورياً في السَّرد لا يتجزَّأ من نسيج قماشة (الواقعيَّة السحريَّة) التي كان الطيِّب أوَّل من بدأ اجتراحها باكراً، من خلال (موسم الهجرة) و(عرس الزين) بالأخص، وسبق فيها دهاقنتها الحاليين من روائيي أمريكا اللاتينيَّة الذين ينسب أكثر النقاد، أبوَّتها، خطأ، إليهم! فالزين، في (عُرس الزين)، مثلاً، "ولي من أولياء الله" (ص 35)، أو "لعله نبي الله الخضر (أو هو) ملاك أنزله الله في هيكل آدمي زري" (المصدر، ص 37). لكن، لئن كان (الزين)، أصلاً، نتاج مجتمع (ود حامد)، فإنَّ جُلَّ شغل الطيِّب انصبَّ، بوجه خاص، على ثيمة (الغريب) الميتافيزيقي الذي يهبط، فجأة، من لامكان، ويتلاشى، فجأة، في لامكان، سوى أنه، بين هذا وذاك، يهزَّ المكان المحسوس المرئي هزَّاً، ويرجُّه رجَّاً، محدثاً فيه تحولات عظيمة، خيراً أو شرَّاً، كما لاحظ ذلك باحثون كثر، من بينهم، على سبيل المثال، صديقي عبد الرحمن الخانجي في كتابه (قراءة جديدة في روايات الطيِّب صالح، 1983م). ففي (موسم الهجرة) قلب مجئ مصطفى سعيد ود حامد رأساً على عقب، ابتداءً من خصائص شخصيَّة حسنة بت محمود، وليس انتهاءً بمقتلها الدراماتيكي هي وود الريس في ليلة واحدة. لقد بلغ التغيير نخاع القرية، ودفع بأسفلها إلى عاليها. وهكذا، برغم ما قد يبدو على حال الحياة، في الغالب، من استمرار (مظهري)، حيث "مع كلِّ هبَّة ريح
يفوح أريج الليمون والبرتقال واليوسفندي، خوار ثور أو نهيق حمار أو صوت فأس في الحطب"، إلا أنَّ "الدنيا قد تغيَّرت" (موسم الهجرة، ص 131). وفي (ضو البيت) كان ما أحدثه بندر شاه من تغيير يستحيل، بذات القدر، نظمه في سلك عاديَّات الحياة، حيث "فجأة اختلَّ ذلك التناسق في الكون، فإذا نحن، بين عشيَّة وضحاها، لا ندري من نحن، وما هو موضعنا في الزَّمان والمكان" (بندر شاه: ضو البيت، ص 19)، و"كانت البلد كأنَّ طائراً رهيباً اقتلعها من جذورها، وحملها بمخلبيه، ودار بها، ثمَّ ألقاها من شاهق!" (نفسه، ص 24)، و"كنا مثل سرب عظيم من طيور مذعورة تفترق لتلتقي، تعلو وتهبط، وتدور بعضها حول بعض، محدثة صراخاً منكراً يصمُّ الآذان" (نفسه، ص 25). وفي (مريود) يقول الطيِّب على لسان الراوي: "فجأة أحسست بمريم، بُعيد العِشاء أو قبيل الفجر، لا أعلم، لكنني أذكر ظلاماً رهيفاً، وضوءاً ينسكب على وجهي من عينيها .. (و) سمعت صوتها كأنه ينزل من السماء، ويحيط بي من النواحي كافة، تطويه رياح وتنشره رياح" (بندر شاه: مريود، ص 85). ويقول، أيضاً، عن صوت بلال (روَّاس مراكب القدرة) الذي استيقظ عليه الناس، ذات فجر، ينادي من على مئذنة الجامع، بعد إذ كان قد امتنع عن الأذان وعن دخول الجامع منذ وفاة شيخه نصرالله، إنه ".. كان كأنه مجموعة أصوات، يأتي من أماكن شتى ومن عصور غابرة، وإن ود حامد ارتعشت لرحابة الصوت، وأخذت تكبُر وتكثر وتعلو وتتسع، فكأنها مدينة أخرى في زمان آخر" (بندر شاه: مريود، ص 46).(6)خريف 1988م، وأثناء سيوله وفيضاناته الشهيرة، كان الطيِّب في إحدى زياراته إلى السودان. فأبلغته رسمياً بقرار اتحاد الكتاب بمنحه العضويَّة الشرفيَّة، فأدهشني الحبور الذي بدا على محياه وهو يحمِّلني شكره للزملاء بلجنة الاتحاد. تفسيري الوحيد لذلك أنه، مع كلِّ هالات الضوء والتكريم والتشريف التي تحيط بهامته السامقة عالمياً، كان يعزُّ أقلَّ القليل الذي يأتيه من وطنه بوجه خاص، ما جعله، طوال العُمر الذي قضاه في بريطانيا، يصرُّ على التمسُّك بجواز سفره السوداني! قلت له: ـ "لا .. إنت حتشرفنا في دار الاتحاد وتجتمع مع اللجنة، لكين بعد ما نعمل ليك محاكمة"! وسألني ضاحكاً:ـ "محاكمة كيف يعني؟! إنت بتجيب جنس الكلام ده من وين"؟!ثمَّ ما لبث أن وافق، متحمِّساً، بعد أن شرحت له مشروع الندوة الطريفة التي نعتزم إقامتها لتدارس بعض أهمِّ الإشكاليات التي تثيرها أعماله، في شكل محاكمة بممثل اتهام وممثل دفاع وقاض رمزي لإدارة الجلسة، على أن القاضي الحقيقي سيكون الجمهور!وهكذا انعقدت (محاكمة الطيِّب صالح) غير المسبوقة، وقتها، بحديقة دار الاتحاد بالمقرن. جلس الشاعر فضيلي جماع في مقعد القاضي الرَّمزي، ووقف المرحوم الناقد عبد الهادي الصديق في خانة الاتهام، والشاعر محمد المكي ابراهيم في خانة الدفاع، وكان حواراً ساخناً امتدَّ إلى منتصف الليل، بمشاركة نقاد وأدباء آخرين من مقاعد الجمهور، بالإضافة إلى الجمهور نفسه. وكان القاضي فضيلي يتيح الفرصة للطيِّب، كلما طلبها، للتعقيب على ما يقال. وما زلت أذكر، على نحو خاص، تعقيبه على ما أثار ناقد متزمِّت، حيث قال الطيِّب ما يعني إن أكثر ما يثير لديه الإشفاق حال من يخترعون للقرية (أخلاقاً) سرمديَّة لا تتأثر بالصراع الاجتماعي، كما وأن أكثر ما يثير لديه الرثاء حال من يحاكمون (الإبداع) بمقايسات (الأخلاق العامَّة)، فلا أرضاً يقطعون للأوَّل، ولا ظهراً يبقون للأخرى!بعد (المحاكمة) جلس معنا في اجتماع استثنائي للجنة الاتحاد، وسألنا: "كيف يمكنني مساعدتكم"؟ قلنا: "ديوان (إشراقة) تعدَّدت طبعاته الشائهة، حتى لقد التبس شعر التيجاني تماماً. فلو وجدنا منحة من اليونسكو العالميَّة أو الأليسكو العربي لتحقيقه ونشر طبعة منه بكميات كبيرة، لأضحت هذه خدمة للشعر السوداني لا تقدَّر بثمن. ونريد أن نستثمر علائقك في هذا السبيل". تحمَّس للأمر أيَّما حماس، ووعد بالسعي فيه، حالما يصله منا ما يفيد بالميزانيَّة المطلوبة.رشَّحنا عبد الله علي ابراهيم لتولي المهمَّة، وعبد الله اقترح ضم المرحوم عبد الحي إليه، لكنَّ سوء تفاهم وقع، في ما بعد، من جانب عبد الحي، حول أصل الموضوع وفصله، مِمَّا استغرق فضُّه شهوراً، حتى وقع الإنقلاب، وحُلَّ الاتحاد، وانتزعت الدار، وتفرقنا أيدي سبأ! (7)ـ " قلت نعم. قلت نعم. قلت نعم. ولكن طريق العودة كان أشقَّ لأنني كنت قد .. مشيت"!(خاتمة بندر شاه: مريود، ص 86)شعب السودان سوف يظلُّ مديناً لأرملته وبناته اللاتي حرمن أنفسهنَّ، بمشاعر إعزاز فياض لذكرى حبيبهنَّ الغالي، حين تنازلن عن فكرة دفنه إلى جوارهنَّ بلندن، ولو أصررن لكان القانون الإنجليزي في صفهنَّ. لكنهنَّ رأين أن من الأوقع تماماً دفنه في ثرى الأرض الغبشاء التي أحبَّها بكلِّ جوارحه، وقال إنها "لا تنبت إلا الشعراء والأنبياء"، وبين ملايين الناس الذين أحبهم، وحملهم في حدقات عيونه، وجعل لهم ذكراً في العالمين، وبقي وفياً لهم إلى آخر رمق في حياته العامرة بجلائل المكرمات، المزيَّنة ببساطة وتواضع المتصوِّفة النائين بأنفسهم عن عرض الدنيا الزائل، حتى مضى وكأنه كان معلقاً، أصلاً، بخيوط الشمس الغاربة! هكذا أمكن لنا أن نستقبل جثمانه بمطار الخرطوم في الرابعة والنصف من صباح الجمعة 20/2/09، وأن نشيِّعه، في التاسعة والنصف، في موكب مهيب، لنواريه الثرى بمقابر البكري بأم درمان.........................................................إنَّ "موته .. خسارة لا تعوَّض"! محجوب عن مصطفى سعيد (موسم الهجرة، ص 104 ـ 105)وإنا لنشهد بأنه عاش "كأنه وطـَّن نفسه على الموت"! عبد الخالق عن ضو البيت (بندر شاه: ضو البيت، ص 132)فقد "أحبَّ بلا ملل، وأعطى بلا أمل، وحسا كما يحسو الطائر .. حلم أحلام الضعفاء، وتزوَّد من زاد الفقراء، وراودته نفسه على المجد فزجرها، ولما نادته الحياة .. لما نادته الحياة ..!" (بندر شاه: مريود، ص 85)وكثيراً ما كان يردِّد أن "ابن آدم إذا كان ترك الدنيا وعنده ثقة إنسان واحد يكون كسبان"! ود الرَّوَّاس (بندر شاه: مريود، ص 38)وكان يقول، أيضاً، إن "القوَّة ليست للجسد، بل للروح والعزيمة"! (بندر شاه: ضو البيت، ص 35 ـ 39)كما كان يقول: "يوم يقف الخلق بين يدي ذي العزَّة والجَّلال، شايلين صلاتهم وزكاتهم، وحجَّهم وصيامهم، وهجودهم وسجودهم، سوف أقول: يا صاحب الجَّلال والجبروت، عبدك المسكين الطاهر ود بلال ولد حواء بنت العريبي يقف بين يديك خالي الجراب، مقطع الأسباب، ما عنده شئ يضعه في ميزان عدلك سوى المحبَّة!" الطاهر ود بلال (بندر شاه: مريود، ص 64)........................................................اللهم، ها هو الطيِّب أمسى في رحابك، ضارعاً يتكفَّف غوث عزَّتك ببابك، وإنا لنتوسل بك اليك أن تكرم نزله وأنت خير المنزلين، وأن تؤنس وحشته وأنت خير المؤنسين، وأن تغفر له وترحمه وأنت خير الغافرين الراحمين، وأن تعيذه من العذاب وأنت الغني عن عذابه يوم الدِّين، فيمِّن، يا ربُّ، كتابه، ويسِّر حسابه، وثبت علي الصراط اقدامه، وثقل بالحسنات ميزانه، وافرش قبره من فراش الجنة مع الصِّدِّيقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
سودانايل
الخرطوم بحري
الأحد 22/2/2009مkamalgizouli@hotmail.com

الثلاثاء، 24 فبراير 2009

محجوب شريف في الدوحة




محجوب شريف في الدوحة صباح الجمعة

يصل الى دوحة الخير في السادسة من صباح غد الجمعة 16 ابريل 2007الشاعر العملاق محجوب شريف وترافقه زوجته الكريمة الاستاذة اميرة الجزولي ، وسيكون في استقباله اعضاء رابطة اصدقاء محجوب شريف ، ومعجبيه وعموم البورداب والدوحاب ، والصحافيون والاعلاميون . واعدت رابطة اصدقاء الشاعر الكبير برنامجا يليق بعظمة الشاعر ومكانته في الوجدان السوداني وكرمز حمل هموم الوطن في حدقات عيونه وسطرها شعرا بدماء قلبه ، وقضى عمره يعلم الاجيالا ، وهنا نقول (القومة ليك ياشاعرنا الهمام) .

انتظم خلال الفترة الماضية جهد نهض به نفر كريم من رابطة اصدقاء محجوب شريف في السعودية وقطر ، من ابرز ملامحه اعداد مطوية تحمل قصائد الشاعر ونبذه عن سيرته ، وتحتوي على سي دي للاستماع لقصائده . ، المطوية حملت صورة شاعرنا الفذ وعليها عبارة (دينك كم علينا) –بفتح الدال- وفي الوجه الثاني ، مقطع : مكان الطلقة عصفورة تحلق حول نافورة وتمازح شفع الروضة. وايضا عبارة(اسمر كما حلمك جميل ).
***************
الوطن عند محجوب شريف :
الاسم الكامل : انسان
الشعب الطيب والدي
المهنة: بناضل وبتعلم
تلميذ في مدرسة الشعب
المدرسة فاتحة على الشارع
والشارع فاتح في القلب
والقلب مساكن شعبية
*************
وصباح الجمعة نهتف
(كلنا محجوب)
و نردد (في قلوبنا يا محبوب)
اطفالنا الزغب الصغار سيزرعون الفرحة
والكبار يقفون تحية وتجلة
****
ولان الخرطوم والدوحة يجمعهما (محجوب) ولانه مثل السحابة اينما حل يمطر شعرا فيمكن ان نقول :
غني يادوحة غني
غني يا خرطوم غني
شدي اوتار المغتي
ضوي من جبهة شهيدك
امسيلتك واطمئني
نحن منك ريح وشبت
****************

والوطن ايضا حاضرا اينما حل محجوب
وطنا ...
الباسمك كتبنا ورطنا
احبك
مكانك صميم الفؤاد
وباسمك اغتي ..
وتغني السواقي
خيوط الطواقي
سلام التلاقي
دموع الفراق
واحبك ملاذ ..وناسك عزاز
احبك حقيقة
احبك مجاز
احبك بتضحك
احبك مجاز
**********
وعهد محجوب كان (حنبنيهو)

حنبنيهو
البنحلم بيهو يوماتي
وطن شامخ
وطن عاتي
وطن خير ديمقراطي
*******
وطن ماسك زمام امرو
ومتوهج لهب جمرو
وطن غالي
نجومو تلالي في العالي
سيلدة
ارادة
حرية

نداء للوطن ولمحجوب

اغتيال الصحفي محمد طه محمد احمد ..القصة الكاملة

اغتيال طه
اغتالت مجموعة مجهولة الاريعاء 6 سبتمبر2006 الأستاذ محمد طه محمد أحمد، رئيس تحرير صحيفة (الوفاق) ، بعد ان اختطفته الثلاثاء 5 سبتمبر من منزله بحي كوبر بالخرطوم وهم يستقلون سيارة (كورونا83) مظللة بدون لوحات ، وتم العثور على جثمانه بحي القادسية بمنطقة الكلاكلات ظهر الاربعاء ، وقد تم نحره وفصل الرأس عن الجسد. وكان الراحل تعرض قبل عدة سنوات لمحاولة بسيارة، وفي ابريل من العام الماضي أهدرت إحدى المجموعات الدينية المتشددة دمه بعد نشره مقالاً اعتبرته مسيئاً للرسول (ص)، على حد قولها. وبعدها تعرضت صحيفته للاعتداء بعبوات حارقة من قبل مجموعة جهوية.

العثور على الجثة

عثر عدد من المواطنين أمس على جثة الصحافي محمد طه محمد أحمد، رئيس تحرير صحفية (الوفاق)، في الميدان الفاصل بين الاحتياطي المركزي وحي القادسية بمنطقة الكلاكلات جنوب الخرطوم، وكانت الجثة مقطوعة الرأس وموضوعة على الظهر في منظر بشع، وأبلغوا الشرطة التي كانت تبحث عنه منذ اختفائه. ويرجح البعض ان الراحل تم تخديره من قبل مختطفيه من امام منزله لذلك لم يقاومهم. وقال تقرير الطبيب الشرعي الدكتور صابر مكي إن سبب الوفاة النحر. وأكد التقرير وجود آثار قيود على الأرجل واليدين وتراب في الفم. وظهرت جثة طه وهو يرتدي (عراقي) قصير حافي القدمين.

اول عملية اغتيال
.. تعتبر عملية اغتيال الصحافي محمد طه محمد أحمد ثاني عملية اغتيال غدراً في تاريخ الصحافة السودانية منذ نشأتها. كانت الأولى عندما تم اختطاف الناشر والصحفي محمد مكي (مكي الناس) ناشر صحيفة (الناس) وذلك إثر اختطافه في بيروت عام 1970م بواسطة نظام مايو عندما استعانت السلطة آنذاك ببعض العناصر الفلسطينية الثورية وتم اختطافه من أمام فندق الحمراء الجديد في بيروت عقب خروجه من لقاء مع الشريف حسين الهندي في الفندق. وقد قام أولئك المجرمون بوضعه في صندوق وأرسلوه بالطائرة للخرطوم ووضع في زنزانة انفرادية بسجن كوبر شاهده فيها بعض المعتقلين، ولكن سرعان ما امتدت إليه يد الغدر وقتل بدم بارد داخل زنزانته فكانت تلك أول جريمة قتل لصحافي في السودان بأيدٍ سودانية بواسطة زبانية النظام المايوي آنذاك.
رواية اسرته

وقالت اسرته ان مجموعة من المسلحين أدخلوه عنوة في سيارة خارج منزله في شمال الخرطوم في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء وأسرعوا في اتجاه وسط الخرطوم. وأوضح شقيقه معتصم طه في تصريحات خاصة لـ «العربية نت» بأن مجموعة من 3 أشخاص قامت بخطف شقيقه بواسطة سيارة مظللة بالكامل بعد ان طرقوا باب بيته.ورجح طه ان يكون جهاز الأمن السوداني أو قوات مكافحة الشغب التابعة للشرطة السودانية متورطة في الأمر. لكنه لم ينف ايضا ان تكون مجموعات تابعة لبعض الجماعات المسلحة في دارفور قد اقدمت على خطف طه على خلفية مقالات له كان قد انتقد من خلالها سلوك هذه الجماعات.وقال معتصم طه ان حياة شقيقه تبقى في خطر موضحا انه محمد طه كان مراقبا طيلة يوم أمس الاول اثناء وجوده في مقر صحيفته وسط العاصمة السودانية. واضاف بأن شقيقه غادر الصحيفة الى منزله في حدود الساعة 15‚8 مساء.وكشف المدني عن تهديدات مستمرة كان يتلقاها محمد طه عبر الهاتف، مشيرا الى ان بيانات سابقة لمجموعات اسلامية متشددة كانت قد اهدرت دمه على خلفية اتهامه بسب الرسول صلى الله عليه وسلم. على خلفية اتهامه بنشر فصول من كتاب لمؤلف مجهول يدعى المقريزي معتبرة ان الكتاب فيه تطاول بالغ على الرسول صلى الله عليه وسلم.ووصف بيان المنظمة طه بالفاسق والزنديق المرتد. وكان طه قطع في وقت سابق لـ «العربية نت» ان صحيفته ارتكبت خطأ فنيا بنشرها موضوعا لكاتب يدعى المقريزي تهجم من خلاله على الرسول صلى الله عليه وسلم.
رواية الابن
.أما نجل الأستاذ محمد طه فقد قال لـ «أخباراليوم» إن والده حضر مبكراً للمنزل مساء أمس عند الساعة التاسعة مساء أمس الأول وأنهم عندما خلدوا للنوم استمعوا لطرق بالباب وأضاف بأن والده قال مستفسراً : من الطارق؟ وعندما لم يجب الشخص قام بفتح الباب .. وأضاف «رماح محمد طه» إنه خرج لاستطلاع الأمر ووجد والده وقد اختطف بعربة «كورلا أو كرونا» مظللة قديمة وأنه عندما خرج من المنزل كانت قد ابتعدت العربة بحوالي خمسة أمتار فقط ولم يستطع اللحاق بها، وحاول أن يركب عربة «أمجاد» إلا أنه لم يستطع أن يتتبع العربة الخاطفة

رواية الجار

وروى العقيد معاش عبد العزيز حسن جوهر، جار الأستاذ محمد طه بحي كوبر، لـ(السوداني) حادثة الاختطاف، وقال انه حوالي الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة من مساء الثلاثاء سمع صياح زوجة الراحل خارج منزلها مطالبة بالنجدة، مشيرة الى ان مجموعة مجهولة اقتادت زوجها. وأضاف بأن الابن الأكبر للراحل (رماح) قام بالهرولة خلف السيارة التي تقل والده، وفي ذات الوقت شاهد البعض موتورسيكل ينطلق خلف السيارة. وأوضح جوهر ان صهر الفقيد قام بفتح بلاغ جنائي في الحادثة في قسم شرطة كوبر، وأضاف بأنه في حوالي الساعة الواحدة صباحاً زار ضابط شرطة برتبة العميد منزل الفقيد. وشهدت أسرة الفقيد أمس يوماً عصيباً لعدم توفر معلومات حول مصير محمد طه، مع غياب أي معلومة عن المجموعة التي قامت باختطافه، إلى أن تم ابلاغهم بالعثور على جثة بجنوب الخرطوم طلب منهم الحضور للتعرف عليها ظهر أمس.


بيان وزارة الداخلية
قال مصدر بوزارة الداخلية السودانية ان رئيس تحرير صحيفة سودانية خطف على يد مسلحين مجهولين عثر عليه مقتولا.وكان محمد طه رئيس تحرير صحيفة الوفاق اعتقل العام الماضي وأغلقت الصحيفة لثلاثة أشهر بعدما نشرت سلسلة مقالات تشكك في جذور النبي محمد والتي كانت موضع تنديد من الاسلاميين السودانيين.وقال مسؤول بوزارة الداخلية «أسرته تقدمت ببلاغ تقول فيه ان مسلحين خطفوه الثلاثاء ».وقال اللواء محمد نجيب الطيب، مساعد المدير العام لقوات الشرطة لولاية الخرطوم _ حسب البيان _ ان الشرطة لا تزال توالي التحقيقات للقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة، ووصف نجيب الحادث بأنه غريب على تقاليد وأخلاق المجتمع السوداني. من ناحيته قال مسؤول رفيع بجهاز الأمن والمخابرات الوطني ان قوات الأمن ستكثف جهدها مع الشرطة للوصول الى الجناة في أعجل وقت، ووصف الجريمة بالخطيرة وأنها تدل على حقد الجناة.

العثور على الجثة
. وبعد التعرف على شخصية القتيل كان المشهد حسب رواية شهود عيان كما يلي: يرتدي الفقيد جلابية بيضاء ومائلة للصفار «سمنية» وسفنجة سوداء. كان موثوق اليدين والرجلين ومتمدد على بطنه ومتجه جثمانه إلى الشمال، وعلى ظهره رأسه المفصول تماماً عن الجسد وحوله برك من الدماء. وفي الحال هرع إلى المكان قادة الشرطة وعلى رأسهم اللواء محمد نجيب مساعد مدير عام الشرطة لولاية الخرطوم وسائر قادة الشرطة المعنيين بالجوانب الجنائية وعدد كبير من المحققين والكلاب البوليسية؛ حيث بدأت خطوات البحث عن الجناة ونقل الجثمان إلى المشرحة عصراً، وابلغت أسرته بالحادث الأليم، وتقاطر بعد ذلك آلاف المعزين والمستنكرين للجريمة الشنعاء. وكانت شرطة ولاية الخرطوم عثرت ظهر امس على جثة محمد طه شرق منطقة الكلاكلات جنوبي الخرطوم وتعددت الروايات حول طريقة مقتل محمد طه غير ان مصدراً شرطياً رفيع المستوى كشف لـ «الرأي العام» ان المجني عليه وجد مقتولا بعد ذبحه وفصل الرأس عن بقية جسده وكشف انهم قاموا بمسح المسرح الذي وجدت به الجثة لمدة اربع ساعات بواسطة الكلاب البوليسية والمعدات والاجهزة الجنائية واعتقد ان عملية القتل والذبح تمت في مكان غير الذي وجدت فيه الجثة لعدم وجود آثار لعراك في الموقع.واعلن المصدر عن وجود «مؤشرات» وصفها بانها «جيدة» ستساعد في الوصول الى الجناة واشار ان الذين نفذوا عملية الاختطاف لا يتعدون الاربعة وذكر انه تم فتح بلاغ تحت المادة «130» القتل العمد والجناة مجهولون وقطع بان الشرطة في غضون ايام ستتوصل لمعرفة الجناة.

لجنة تحقيق
أعلن وزير الداخلية ان كافة الأجهزة تجري تحرياتها لكشف ملابسات القضية، وأعلنت الشرطة عن بدء التحري مع عدد من المشتبه فيهم، فيما تواصل تحرياتها للوصول للجناة. وشكلت وزارة الداخلية لجنة تحقيق برئاسة اللواء عبد الله الطاهر عمر. وكان عدد من كبار المسؤولين بالدولة وزعماء الأحزاب ورموز المجتمع قد خفوا لمشرحة الخرطوم التي نقل لها جثمان الفقيد واحتشدت مجموعات كبيرة من الصحافيين بالمشرحة وعدد من أصدقاء الراحل، الى جانب وزير الدفاع والداخلية ومدير عام الشرطة.



تفاصيل جديدة


افادت تحريات السلطات إلى أن الاغتيال قد تم في حوالي الساعة الثانية والنصف من صباح الاربعاء حيث قام الجناة بنحر الشهيد بعد شد وثاق يديه وقدميه بحبل متصل بينهما وبحسب تلك المصادر فقد تم توجيه الجثة عكس اتجاه القبلة ووضع الرأس أعلاها .ذلك بمنطقة الكلالكة شرق إلى الشمال من مباني شرطة الاحتياط المركزي جنوب الخرطوم وأكدت المصادر ان فرق المباحث الجنائية قامت بإجراء معاينة وفحصت الاثار بموقع الجريمة باستخدام الكلاب البوليسية وان القوات الامنية توالى تحرياتها لكشف ملابسات الحادث والقبض على الجناة.

سر الموتر

قام بعض الجيران بمطاردة العربة «بموتر» إلى أن اختفت منهم بالقرب من مطار الخرطوم وذكر عصام لـ«أخباراليوم» بأنهم قاموا بفتح بلاغ جنائي بالحادثة بشرطة كوبر واكد اللواء شرطة «محمد نجيب الطيب» مساعد المدير العام للشرطة بولاية الخرطوم تلقيهم للمعلومات من أفراد أسرة الأستاذ «محمد طه» وأنهم قاموا على الفور باتخاذ الاجراءات اللازمة وتشكيل تيم للتحري في الحادثة . .كما أفاد مصدر أمني رفيع بجهاز الأمن والمخابرات الوطني إنهم تلقوا المعلومة وتحركوا مع الأجهزة أو الموتر الذي قام بمطاردتها وكان يستقله أحد أبناء الجيران
رواية اس ام سي
نقل المركز السوداني للخدمات الصحافية «اس ام سي» عن مصادر امنية رفيعة ان تحريات السلطات تشير الى ان الاغتيال قد تم في حوالى الساعة الثانية والنصف من صباح أمس الاربعاء حيث قام جناة بنحر الشهيد بعد شد وثاق يديه وقدميه بحبل متصل بينهما وبحسب تلك المصادر فقد تم توجيه الجثة عكس اتجاه القبلة ووضع الرأس اعلاها ذلك بمنطقة الكلاكلة شرق الى الشمال من مباني شرطة الاحتياط المركزي جنوب الخرطوم واكدت المصادر ان فرق المباحث الجنائية قامت باجراء معاينة وفحصت الآثار بموقع الجريمة باستخدام الكلاب البوليسية وان القوات الامنية توالي تحرياتها لكشف ملابسات الحادث والقبض على الجناة.

وقال أحد أقرباء المرحوم:
عندما علمت بوجود جثة المرحوم جهة الكلاكلة بالقرب من الاحتياطي المركزي قمت بإجراء إتصالات مع بعض الجهات الأمنية وبعد ذلك علمت من الشرطة انها تولت الأمر وأنها وجدته مذبوحاً، وهي وقفت على الحدث بنفسها. وبالنسبة لتأخير دفن الشهيد لهذا اليوم فهو بناء على طلب والده الذي له اعتقاد حول ذلك ولا استطيع ان أروي كيف وُجِد الجثمان لفظاعة الأمر ولما يتركه هذا في نفوس أسرة المرحوم، أسأل الله له الرحمة والمغفرة.

في المشرحة
احضر الجثمان من مسرح الجريمة جنوب الخرطوم إلى المشرحة بعد الظهر، وفور وصوله بدأت عمليات التشريح التي تولاها دكتور عقيل سوار الذهب، وعدد من الأطباء؛ حيث أُعيد رأس الراحل محمد طه محمد أحمد إلى موقعه في الجسد من خلال عملية جراحية المشهد داخل وخارج المشرحة لم يكن مألوفا فالكل ينتحب ويبكي على الرجل وعلى المستقبل الذي ينتظر الصحافة والبلد وتوحدت كلمة كل رؤساء تحرير الصحف بالخرطوم بان ما حدث يعد ظاهرة غريبة على مجتمعنا والصحافة السودانية وتواصوا بعدم السكوت عليها باعتبار ان ما لحق اليوم بمحمد طه سينحسب على غيره غدا وهتفوا باسقاط صوت البندقية والسكين ورفع صوت القلم عاليا فوق العصبيات الدينية والحزبية. وانطلقت الجموع الغاضبة في مسيرة «غير مرتب لها» من امام المشرحة شرقا الى شارع المك نمر تضم اكثر من ثلاثمائة صحافي وصحافية قاصدة مكاتب صحيفة الوفاق.

الداخلية تتعهد
من ناحيته، قطع وزير الداخلية عهدا بالسعي جاهدا لتسخير طاقة اجهزته لفك طلاسم الجريمة والتعرف على الحقائق كاملة خلال اليومين المقبلين لكنه نبه ان هذا يتطلب رباطة جأش والهدوء والسكينة الى حين جلاء الموقف وكشف لـ «الرأي العام» عن شروع المباحث الجنائية والاجهزة الفنية بوزارة الداخلية في اجراءات العمل الفني وعمليات التحري والبحث الجاد للقبض على الجناة ووصف محمد طه بانه كان رجلا شجاعا وقام بدوره الوطني على اكمل وجه. واعلن بيان صادر عن المكتب الصحفي للشرطة القبض على عدد من المتهمين المشتبه فيهم بارتكاب الحادث «دون الافصاح عن هوياتهم» واكد مساعد المدير العام لشرطة ولاية الخرطوم اللواء شرطة محمد نجيب الطيب ان الشرطة تواصل في ترتيباتها للوصول للجناة وتقديمهم للمحاكمة العادلة واعتقد ان الحادث الذي تم بصورة بشعة يعد غريبا على تقاليد واعراف واخلاق المجتمع السوداني.
وزراء الدفاع والداخلية والاعلام :
فور تاكيد نبأ اغتيال الشهيد محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق وصل الى مستشفى الخرطوم الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطنى والبروفسور الزبيربشير طه وزير الداخلية والاستاذ الزهاوى ابراهيم مالك وزير الاعلام والاتصالات والاستاذ كمال عبد اللطيف وزير الدولة بوزارة مجلس الوزراء والفريق شرطة محجوب حسن سعد المدير العام لقوات الشرطة واللواء مهندس محمد عطا المولى عباس نائب المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني والدكتور عبد الحليم إسماعيل المتعافي والى ولاية الخرطوم والبروفسور إبراهيم غندور رئيس الاتحاد العام لعمال السودان والأستاذ سيد احمد الحسين وزير الداخلية السابق ومعظم رؤساء تحرير الصحف المحلية وحشد كبير من الصحافيين و قيادات العمل السياسي والاعلامى بالبلاد ، وفى الجانب الأخر شهد منزل الشهيد بحي كوبر بمدينة الخرطوم بحرى تدافع عدد كبير من المواطنين وقيادات الدولة وقادة الأحزاب والتنظيمات السياسية تقدمهم المهندس الطيب مصطفى والأستاذ ياسر عرمان والسيد مبارك الفاضل المهدى احتشدت المشرحة منذ الساعة الثالثة ظهراً بجمع غفير من كل ألوان الطيف الرسمي والإعلامي والسياسي بعد اعلان اغتيال الأستاذ الصحفي محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق، وكان على رأس الحضور الرسمي الفريق عبدالرحيم محمد حسين وزير الدفاع، والبروفيسور الزبير بشير طه وزير الداخلية، والاستاذ الزهاوي ابراهيم مالك وزير الاعلام والاتصالات، والفريق محجوب حسن سعد مدير عام الشرطة، والاستاذ سيد هارون وزير الثقافة بولاية الخرطوم، واتحاد الصحفيين، ورؤساء تحرير الصحف، والصحفيين بكل الصحف، بالاضافة إلى القنوات الفضائية مثل الجزيرة والعربية وعدد من ممثلي الأحزاب السياسية.وقف وزير الدفاع على اجراءات التشريح داخل المشرحة كأول الحضور الرسمي، ولحق به بقية الوزراء.


في منزل طه
إلى ذلك، تدافعت جموع الصحافيين فور سماعها خبر مقتل محمد طه صوب منزله ومشرحة الخرطوم، رؤساء تحرير صحف، صحافيين، كتاب اعمدة وممثلي القوى السياسية ومسؤولين سابقين يتقدمهم الفريق اول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني والبروفيسور الزبير بشير طه وزير الداخلية والاستاذ الزهاوي ابراهيم مالك وزير الاعلام والاتصالات والاستاذ كمال عبد اللطيف وزير الدولة بوزارة مجلس الوزراء والفريق شرطة محجوب حسن سعد المدير العام لقوات الشرطة واللواء مهندس محمد عطا المولى عباس نائب المدير العام لجهاز الامن والمخابرات الوطني والدكتور عبد الحليم اسماعيل المتعافي والي ولاية الخرطوم والبروفيسور ابراهيم غندور رئيس الاتحاد العام لعمال السودان والاستاذ سيد احمد الحسين وزير الداخلية السابق ومعظم رؤساء تحرير الصحف المحلية وحشد كبير من الصحافيين وقيادات العمل السياسي والاعلامي بالبلاد
وفي الجانب الآخر شهد منزل الشهيد بحي كوبر بمدينة الخرطوم بحري تدافع عدد كبير من المواطنين وقيادات الدولة وقادة الاحزاب والتنظيمات السياسية تقدمهم نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وزعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي والاستاذ ياسر عرمان والمهندس الطيب مصطفى والسيد مبارك الفاضل المهدي.وقال وزير الدفاع الذي وصل إلى منزل الفقيد برفقة وزير الداخلية ان الحادث مؤشر خطير وانحراف في السياسة السودانية وردد الحشد مع اسرة الفقيد والوزيرين هتافات «القصاص بالرصاص» الذين وعدوا بملاحقة الجناة استئصالاً للظاهرة التي وصفها وزير الداخلية بانها جديدة على الشعب السوداني وهرعت الى منزل الفقيد الوان الطيف السياسي كافة وعدد من الوزراء والمسؤولين بالدولة وجموع من اسرة الصحافة السودانية واستطلعت «الرأي العام» القوى السياسية بمنزل الفقيد ووصف ابراهيم احمد عمر نائب الامين العام للمؤتمر الوطني الحادث بالمفجع وقال «نحن محزونون وهذه الجريمة شنعاء وان شاء الله لا تمثل مستقبل السودان وستكون الاولى والاخيرة
الصحفيون ينددون
سيد أحمد خليفة : هذا أول على تاريخ الصحافة السودانية ولن يسقط القلم ولتسقط السكين . واضاف أن الأمة تتدحرج الى اسفل سافلين، وتتجه الى جوف مظلم وننبه الاعلاميين أن الذي سيذبح في المرة القادمة هو الوطن، ونادى باتساع دائرة الحريات، ودعا سيد احمد لمحاربة العنصرية والجهوية وكل المظاهر السالبة التي ابتلينا بها.
د. الباقر أحمد عبدالله المدير العام لصحيفة الخرطوم، والأستاذ كمال حسن بخيت رئيس تحرير الرأي العام، والاستاذ ادريس حسن رئيس تحرير الوحدة واتفقوا على أن هذا الحدث الشنيع لم يكن لمحمد طه وحده وإنما لقبيلة الإعلام، والصحافة، والوطن عامة.
كمال حسن بخيت
وأكد الاستاذ كمال حسن بخيت رئيس تحرير «صحيفة الرأي العام» عدم التهاون في الحرية، وأن هذه الأشياء ستقود الي ما آل اليه الحال في الصومال بكل أسف وستجب الصحافة لمدة يومين وقفة مع الشهيد محمد طه.
إدريس حسن رئيس تحرير صحيفة «الوحدة»:لم نتصور أن يحدث مثل هذا الحدث في السودان ولا في المجتمع السوداني، وإذا كان هذا الحدث بداية لنقطة تحول للمجتمع السوداني فنعتبره كارثة كبيرة تنذر بالخطر.
أدان الاتحاد العام للصحافيين السودانيين في بيان أصدره اليوم عملية اغتيال الشهيد محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق في عملية وصفها الاتحاد بالعملية الإرهابية مطالبا الدولة ببسط هيبة الأمن وملاحقة الجناة رحل محمد طه
وشجب الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات الحادثة ووصفها بأنها جريمة ‏بشعة، ودعا لمقارعة الرأي بالرأي وقبول الرأي الآخر. وعلى ذات الصعيد ندد ‏الأمين العام لاتحاد الفنانيين السودانيين د.عبدالقادر سالم بالحادث ووصفه بأنه حادث ‏بربري هدفه اغتيال الكلمة والرأي، وقال ان الفقيد كان مسانداً للمبدعين في قضاياهم ‏لا سيما فن الطنبور.‏‎ ‎وأدانت الحركة الشعبية لتحرير السودان الحادث ووصفته الجناة ‏بأنهم جماعة إرهابية، ودعت من خلال بيان صحفي للتصدي لها، ودعت الحركة ‏الشعب السوداني للتعبير عن موقفه حيال ما حدث بكافة اشكال الاحتجاج والتضامن.‏‎ ‎
ادان اتحاد الصحفيين العرب جريمة خطف وقتل الصحفى السودانى محمد طه محمد أحمد رئيس تحرير ومالك صحيفة /الوفاق/0 واستنكرت الامانة العامة للاتحاد فى بيان اصدرته اليوم //أسلوب القتل والخطف بهذه الطريقة وتحت أى مسمى ولاى سبب لانه يفتح الباب أمام انفلات الفوضى والجريمة والعمل خارج نطاق القانون والنظام بينما الافضل هو الاحتكام الى القانون والقضاء العادل//0


هتفت الصحفيات وأخريات: «محمد طه شهيد الأمة» .. «لا للإرهاب باسم الدين»..«لا دماء باسم الدين ولا تخويف باسم الدين»، «لا ولاء للجبناء.. لا ولاء للعملاء».هكذا هتفن والألم يعتصر افئدتهن ، رأينا زوجته «مصدومة» لاتردد غير (وين ودوهو - وين ودوهو) والنساء حولها يبكين ( كسروا قلموا .. كسروا قلموا
البشير ينعي
و نعى الرئيس عمر البشير الفقيد، تقدم نائبه علي عثمان محمد طه بالتعازي لاسرته وجموع الصحافيين الذين احتشدوا منذ اعلان النبأ امام منزل الفقيد.
المطلوب رد فعل قوي‎ ‎وفي ذات السياق اوضح مستشار رئيس الجمهورية السابق د.قطبي المهدي أن ‏الراحل قتل بسبب مبادئه وأفكاره وأن هذه شهادة تحسب له وليست مأساة، واستدرك ‏قائلا (المأساة ان يمر الحادث دون رد فعل يناسب التحدي الذي يواجه السودان)، ‏وأضاف بأن محمد طه ليس الصحفي الوحيد الذي تعرض للتهديد في الفترة الماضية، ‏وقال إن هذه الحادثة ليست معزولة ولكنها جزء من الخطر الذي يتربص بالبلاد. ‏‎وزير العدل: مهام إضافية ‎ ‎من جهته عبر وزير العدل مولانا محمد علي المرضي عن حزنه لاغتيال الصحافي ‏محمد طه. وقال المرضي من روما، التي يزورها حالياً، انه على ثقة في قدرات ‏الأجهزة الشرطية والأمنية والنيابة في القبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة. ‏ووصف وزير العدل جريمة اغتيال محمد طه بنها تلقي على كاهل الدولة وأجهزتها ‏الأمنية والشرطية والعدلية مهام لا بد ان تنهض بها. وعبر وزير العدل عن تعازيه ‏لأسرة الفقيد ولزملائه الصحافيين وللشعب السوداني.‏‎ ‎جريمة ضد الفكر‎ ‎ومن جهته أبدى نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي المحامي علي محمود ‏حسنين أسفه لحادثة مقتل الصحافي محمد طه محمد أحمد، وقال إن المجرمين ‏ابتدعوا طريقة وأسلوبا بشعا لم يعرفه السودان من قبل، وقال إن الجناة لا بد ان ‏يطالهم القضاء وأن ينالوا قصاص الله فيهم لقتلهم رجلاً ومفكراً شجاعاً ظل يؤدي ‏واجبه في خدمة الوطن والفكر بكل اقتدار بدون وجل. وقال حسنين إن الفقيد خاصم ‏الكثيرين في شجاعة دونما تآمر أو اسفاف، وإنه استطاع تأسيس مدرسة صحافية ‏متميزة تقوم على التحليل أكثر منها الى الخبر، مؤكداً ان القانونيين لن يهدأ لهم بال ‏حتى يصل المجرمون للعدالة.‏‎ ‎واستبعد الكاتب الصحافي عمار محمد آدم ان تكون ‏وراء حادثة مقتل محمد طه دوافع دينية، مشيراً الى ان الطريقة التي نفذت بها ‏الجريمة لم يعهدها السودان طوال تاريخه على مستوى العمل السياسي.‏‎ ‎واعتبر رئيس ‏المجموعة السودانية لحقوق الإنسان الأستاذ غازي سليمان ان ظاهرة الاغتيال على ‏هذا النحو تعد مربكة ومقلقة، وقال لـ(السوداني) لديّ قناعة انها جريمة ارتكبت ضد ‏فكر، مشيراً الى شفافية الفقيد في تقديم المعلومة، مضيفاً انه عاش حياته المهنية ‏بشجاعة وعبر عن أفكاره بشفافية وأن الجهات التي اعتدت عليه أخطأت لأنها لا ‏تعرف جانباً كبيراً من الود في شخصه بالرغم من عصبية أفكاره ومواقفه في بعض ‏الأحيان إلا أنه ظل دائماً مستعداً للحوار ولديه المقدرة للتراجع عن مواقفه إذا ثبت ‏انها خطأ، وقال أنا شخصياً اختلف معه كثيراً في مواقفه لكني توصلت الى انه ‏شخصية شجاعة وأمينة وصادقة وغيورة على وطنها، وأضاف ان مقتل محمد طه ‏يعد اضعافاً للفكر والرأي وردة في تاريخ السودان السياسي.‏‎
الاحزاب والمنظمات
وادانت الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني عملية الاغتيال واستنكرت الحركة الشعبية الحادث وطالبت بملاحقة الجناة والمجرمين ،كما دعت الشعب السوداني لارسال رسالتها وصوتها بمختلف اشكال الاحتجاج والتضامن ضد هذه الجريمة، وضمنها توقف الصحف عن الصدور لمدة يوم واحد .وقالت الحركة في بيان مهره عضو المكتب السياسي الناطق الرسمي باسمها ياسر عرمان ان الجريمة البشعة التي اهتز لها ضمير شعبنا وارتكبتها اياد آثمة واضاف ان الحركة الشعبية تدين هذه الجريمة البشغة .
من جهته قال المتحدث الرئاسي باسم حركة تحرير السودان محجوب حسين ان ‏الحادثة تعتبر جريمة ضد الشعب السوداني، ودعا لنبذ العنف وأوضح ان غياب وفقد ‏الراحل يمثل خسارة كبيرة للشعب السوداني. وفي ذات السياق قال رئيس حزب ‏العدالة أمين بناني إن الراحل ظل قلماً حراً يدافع عن قيم الحرية ونبذ العنف.‏‎. وتتوجه بأحر التعازي لأسرته واصدقائه وزملائه وأهل الفقيد.

اراء اخرى
قالت صحيفة /سودان فيجن/الحكومية التي صدرت باللونين الابيض والاسود حدادا على طه //لابد من اتخاذ اجراء ما قبل أن تصبح ظاهرة الخطف من الممارسات الشائعة.// وقالت صحيفة الوطن شبه المستقلة //عندما ينفتح مثل هذا الباب الشرير الجهنمي وتحل الخناجر والسكاكين أو الرصاصة مكان القلم فان هذا يعني أننا في الطريق الى واقع مظلم ومؤلم بل والى قدر من الفوضى.// وقالت الشرطة السودانية انها اعتقلت بعض الاشخاص لكن لم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن قتل طه. واقرت السلطات بانها ليست =لديها فكرة عمن ارتكب الجريمة. وقالت الصحفية صباح محمد الحسن عن مقتل طه //هذه اول مرة نرى شيئا مثل هذا في تاريخ البلاد.// وقال ضياء رشوان المحلل والخبير بشؤون الجماعات الاسلامية ان من المرجح ان قتلة طه //مجاهدون محليون// يسيرون على نهج تنظيم القاعدة. وقال ان مقتله له علاقة بتزايد التطرف في الشرق الاوسط. واعادت صورة اطلع عليها شاهد من رويترز لجثة الصحفي موثوقة اليدين والقدمين وبجوارها رأسه الى الاذهان الجرائم التي ترتكب في العراق. وكان طه نفسه اسلاميا ولكن انتقاداته لجماعات اسلامية اخرى كانت تغضب المسلمين في السودان. وتعرض الصحفي لمحاولة اغتيال في التسعينات بعد أن كتب مقالا عن الزعيم الاٍسلامي حسن الترابي أثار غضب الكثيرين. وحوكم طه وأغلقت صحيفته ثلاثة أشهر في العام الماضي بتهمة الاساءة للنبي محمد ولكن مصادر قالت ان الحكومة كانت تكفل له حماية مكثفة خلال الوقت الذي قضاه في السجن. واحتجت بعض الجماعات الاسلامية في الخرطوم خلال محاكمته ورددت هتافات حملت تهديدا له. وقال ضياء رشوان معربا عن مشاعر القلق ان السودان بات في موقف بالغ الصعوبة والخطورة بعد قرار مجلس الامن بنشر قوات تابعة للامم المتحدة في دارفور. وقال اليكس فاينز مدير برنامج افريقيا في مؤسسة تشاتهام هاوس للابحاث في لندن ان الخرطوم تشهد //مناخا من التدهور// وتشددا في موقف الحكومة بينما تتعرض لضغط دولي بسبب دارفور وضغط محلي بسبب الاقتصاد. واضاف //كل هذا جزء من سد الثغرات مع شعور الحكومة بالتهديد.//.
تشييع طه
شارك الاف السودانيين الخميس 7 سبتمبر في جنازة الصحفي محمد طه رئيس تحرير صحيفة الوفاق الذي خطفه وقتله مسلحون مجهولون مما اثار المخاوف من احتمال ان يشهد السودان نوعا جديدا من عنف المتطرفين. ووسط هتافات //لا اله الا الله// و//الله اكبر// شارك الاف السودانيين في تشييع طه الى المثوى الاخير منهم وزراء في الحكومة وصحفيون وافراد اسرة الصحفي القتيل. وقال نصر الله علي مصطفى عم طه ان السلطات مسؤولة عن اعتقال من قتلوه. واصطف مئات من افراد شرطة مكافحة الشغب في شوارع وسط الخرطوم وبالقرب من المقابر في محاولة من وزير الداخلية الزبير بشير طه لاستعراض القوة بعد ان طالب مئات المعزين في المشرحة امس باستقالته بعد العثور على جثة طه. واصابت الجريمة البشعة التي كانت الاولى من نوعها السودانيين بصدمة وعبر معلقون عن مخاوف واسعة النطاق من احتمال ان تكون بداية اتجاه جديد من اعمال العنف.
سيرة الشهيد :
الأستاذ محمد طه محمد أحمد من مواليد 1956م بالقرير ودرس الابتدائي بمدرسة حلفا القديمة ثم المرحلة المتوسطة بالقرير الأميرية الوسطي والثانوي العالي بمدرسة مروي والتحق الشهيد بجامعة الخرطوم كلية القانون ثم عمل بديوان المراجع العام انضم للحركة الإسلامية منذ المرحلة المتوسطة وكان اصغر أعضاء المكتب السياسي للجبهة الإسلامية القومية عقب الانتفاضة .تفرغ للعمل الصحفي وعمل بعدد من الصحف السودانية وأخيراً أسس صحيفة الوفاق وشغل منصب رئيس تحريرها حتى اغتياله صباح اليوم ،متزوج وأب لثلاثة أبناء يقيمون ألان بحي كوبر بالخرطوم بحري . ويعد محمد طه (50 عاما) أحد أكثر الصحافيين إثارة للجدل في السودان، وكان قد تعرض للمحاكمة نهاية العام الماضي بتهمة الردة عندما نشرت صحيفته مقالا لكاتب مجهول فيه مساس بشخص الرسول محمد عليه السلام، وتعرض حينها لضغوط واحتجاجات شديدة من الجماعات السلفية. غير أن المحكمة برأته في نهاية الأمر، وحكمت بالغرامة على الصحيفة قبل أن تعاود صدورها بعد إيقاف دام ثلاثة أشهر.كما تعرض طه لاعتداء في مكتبه قبل بضعة أشهر من قبل مجموعة تنتمي لإقليم دارفور، وجرت محاولة لإحراق مكاتب الصحيفة على خلفية اتهامه بنشر مقال مسيء لإحدى القبائل بالإقليم.ورغم أن صحيفته تتمتع بوضع مالي ممتاز عرف طه بحياة متقشفة حيث كان يسكن بيتا متواضعا في حي كوبر الشعبي بالخرطوم بحري. ولم يقتن الصحافي المغدور سيارة حيث كان يرى راجلا في معظم الأحيان.
كادر إسلامي
وعرف عن طه منذ دراسته الجامعية انتماؤه إلى الاتجاه الإسلامي وعمل في منتصف الثمانينيات مديرا لتحرير صحيفة "الراية" الناطقة بلسان حزب الجبهة الإسلامية القومية التي أسسها حسن الترابي.لكنه ما لبث أن دخل في معركة حادة مع الترابي ومع رموز حكومة الرئيس عمر البشير بعد وصول الإسلاميين إلى السلطة.ورغم أنه يعتبر من أبرز كوادر الإسلاميين، عرف بالاستقلالية في آرائه ما كان وأصدر طه صحيفة الوفاق في العام 1996 بعد السماح بصدور الصحف المملوكة لشركات، وكانت لفترة إحدى أكثر الصحف انتشارا وخاض رئيس تحريرها العديد من المعارك مع الحكومة والمعارضة على حد سواء.
ينتمي طه الى الإسلاميين السودانيين منذ بداية السبعينات، ويوصف بالتطرف والحدة في الخصومة السياسية. دخل طه جامعة الخرطوم كبرى الجامعات عام 1976 ملتحقاً بكلية الحقوق، ولم يتخرج منها إلا في عام 1981، بسبب مشكلات واجهته لمعارضته نظام الرئيس السابق جعفر نميري، حيث ظل يعارض النظام من داخل نشاط الطلاب في الجامعة عبر أركان النقاش.. والصحيفة الحائطية التي كان يصدرها باسم «أشواك»، كما تعرض الى الاعتقال لمدة عام كامل وهو طالب في كلية الحقوق. بعد تخرجه 1981 التحق طه موظفاً في ديوان النائب العام، ولكن الفترة تزامنت مع تقارب مفاجئ بين الاسلاميين بزعامة الدكتور عبد الله الترابي وحكومة الرئيس نميري، ظل طه يرفضه ويكيل له الهجوم في كل سانحة، مما دفع نظام نميري الى فصله من وظيفته ليغادر طه من بعد الى دولة قطر ويعمل فيها مدة قبل أن يعود مرة اخرى قبيل انتفاضة أبريل (نيسان) عام 1985 التي اطاحت بنظام نميري. وتولى طه الموصوف بالتطرف في تناوله الصحافي في فترة الحكم الانتقالي الذي قاده المشير سوار الذهب، منصب مدير تحرير صحيفة «الراية» الناطقة باسم الجبهة الاسلامية، وظل في المنصب الى أن تولى الصادق المهدي زمام الحكم بعد انتخابات جرت في عام 1986، وهي الانتخابات التي اختار حزب طه فيها جانب المعارضة، وكان طه الأكثر شراسة في تصويب الهجوم على حكومة الصادق المهدي عبر الصحيفة وعبر أركان النقاش في الجامعات، والندوات. وعندما جاءت حكومة الرئيس عمر البشير، كان طه من أكثر الداعين لها عبر الصحف التي أصدرها نظام البشير، وفي المقابل كان يوجه هجومه صوب المعارضة ويسميها معارضة الفنادق، وعندما تعرض «شيخه» الترابي الى الهجوم في كندا من معارض سوداني يجيد لعبة الكاراتيه، بذل طه نفسه للدفاع عن الترابي بكل ما أوتي من قوة، حتى وصل به الأمر الى تأليف كتاب باسم «محاولة اغتيال الترابي أسرار وخفايا»، ويضاف الى أكثر من 10 كتب ألفها طه كلها تصب في نطاق الدفاع عن الإسلاميين. وفي أوائل التسعينات دخل طه في صراع عنيف مع نجل الترابي «عصام» بعد أن وجه طه مقالات عنيفة ضد شيخه اعتبرها نجل الترابي بمثابة إساءة لوالده، ولكن الصدامات بين «طه وعصام»، جرى احتواؤها من قبل وزير الداخلية آنذاك. وبعد المفاصلة الشهيرة بين الرئيس «البشير والترابي» اختار طه الانضمام الى صف البشير، وعليه وجه هجوما منظما وغير مسبوق على الترابي، مما دفع بأحد أبناء الترابي الى الهجوم عليه بسيارة كاد أن يودي بحياته ولكنه نجا. ودخل طه العام الماضي في صراع عنيف مع السلفيين المتطرفين في السودان، بعد ان نشر مقالا في صحيفته منسوبا «للمقريزي» يتشكك فيه من نسب الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث تظاهرت مجموعات منهم امام دار صحيفته في قلب الخرطوم، مرددين هتافات بتكفيره، قبل ان يتقدموا بشكوى ضده في محكمة ادانته بعد اربع جلسات بالغرامة وإيقاف صحيفته لمدة ثلاثة اشهر. ونهاية العام الماضي تعرض طه الى هجوم من مجموعات من قبيلة الفور، بعد ان نشر طه مقالا اعتبره أبناء الفور بمثابة تشكك في شرفهم، حيث تظاهروا ضده اولا ثم ألقوا بالقنابل على مقر صحيفته أحدثت أضرارا كبيرة.ولا يخفى طه إعجابه بنهج الثورة الايرانية للإمام الخميني، وكان دائما يستشهد بأقواله في كتاباته الصحافية، كما سطر مقالات مطولة عن الإمام الخميني، ومن حبه للخميني أطلق على أحد أنجاله اسم الخميني. لطه أربعة ابناء، ومعروف بالتقشف والانتماء الى طائفة الفقراء في كتاباته الصحافية، آخرها الهجوم العنيف الذي وجهه لحكومة الرئيس البشير لفرضها زيادات على أسعار الوقود والسكر.


دفاعا عن الصحافة السودانية ( منقول)

دفاعا عن الصحافة السودانية : ننظر في المرآة فننكر وجوهنا !
فيصل محمد صالحfaisalmsalih@yahoo.co.uk
ربما لا تكون هناك مناسبة معينة خلال الأسبوع لهذا الموضوع، لكنه من ناحية لا يحتاج لمناسبة خاصة، لأن داعي كتابته موجود في كل لحظة. فالصحافة السودانية تتعرض لكثير من النقد من الحكومة والقوى السياسية والجمهور، ويتم تحميلها وزر الفشل والاحتراب...وأحيانا الدعوة للفتنة. والغريب أن الاتهام يأتي أحيانا من صانعي الفتنة أنفسهم.في بداية حكم الإنقاذ روج السيد الصادق المهدي، وكثير من أنصاره لفكرة أن الصحافة والنقابات هما المسؤولان ولعن هزيمة الحكم الديمقراطي والتمهيد للانقلاب الذي جاء بالإنقاذ، لأن الطرفين أكثرا من انتقاد حكومته وتحديه وتسببا في إضعافه مما هيأ الجو للانقلاب، بينما الحقيقة أن الصحافة عكست الواقع الموجود.وطوال سنوات حكم الإنقاذ لم توفر الحكومة وقادتها فرصة لم يوجهوا فيها سهام النقد والهجوم على الصحافة ويطلقون عليها كثير من الاتهامات التي تصل أحيانا لحد الدمغ بالعمالة وخدمة المخططات الأجنبية، وهي حيلة معروفة في ظل الأنظمة الشمولية.وكثير من هذه الاتهامات ترد على بعضها لأنها متناقضة، فهناك اتهام بأن الصحافة السودانية ضعيفة في أدائها لدرجة عدم التأثير، وأنها عاجزة عن إرضاء القارئ ولا تقدم الأخبار والتقارير والتحليل الذي يتوقعه والتغطية الصحفية المطلوبة للأحداث. ثم نسمع اتهامات أخرى تحمل الصحافة نتيجة كثير من الأحداث والمواقف السياسية، بما يعني في النهاية أنها مؤثرة ومسيطرة على عقل وذهن القارئ، وليس مجرد أي قارئ، ولكن صانع القرار.ودعنا نسرد بعضا من هذه الاتهامات:بعض الناقدين لا تعجبهم الصحافة السودانية، لأنها ليست جيدة بما يكفي من ناحية التغطية الإخبارية ولضعف مواد الرأي والتصميم والطباعة الفقيرة، وهذا من حقهم. لكن، ولو كنا أمينين مع أنفسنا فأي مؤسسة أو جانب من حياتنا يسير بشكل جيد بما يكفي؟.. الحكومة وأجهزتها..؟ الأحزاب السياسية؟ منظمات المجتمع المدني؟ المؤسسات الاقتصادية؟ المؤسسات التعليمية والجامعات والمعاهد؟ الخدمات الصحية والمستشفيات...؟أي من هذه الأجهزة والمؤسسات تؤدي عملها بشكل ممتاز ..أو على الأقل "جيد بما يكفي"؟؟! كل هذه المؤسسات والأجهزة معاقة بشكل ما ومقيدة بالظروف العامة التي يعيشها السودان والتي تجسد نموذج فشل الدولة الوطنية..وكذلك الصحافة.إذن فإن المقاييس التي تستخدم لتقييم وضع الصحافة السودانية ليست موضوعية، ولا يمكن مقارنة الصحافة السودانية بصحافة بلد آخر تختلف ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية.ليس عيبا أن تشبه الصحافة السودانية الواقع السوداني، ربما يكون مطلوبا منها أن تسبقه قليلا، أن تتقدم عليه لتصبح هاديا ودليلا نحو التقدم، لكنها في كل الأحوال يجب أن تحمل الجينات السودانية وتكتسب الطابع السوداني.توجد في بلاد قريبة منا صحافة متقدمة من النواحي التقنية، التصميم والطباعة والإخراج والورق المصقول، وبل وحتى المضمون، لكنها تعجز عن إقامة علاقة حميمة مع القارئ والواقع المحلي لتلك البلاد، وذلك ببساطة لأنها ليست صناعة محلية ولا هي بنت الواقع المحلي، وليس هذا ما نتمناه للصحافة السودانية.ثاني أكثر الاتهامات شيوعا هو الاتهام بغياب المسؤولية الوطنية لدى الصحافة والصحفيين، وأنها كثيرا ما تهدد استقرار البلد وأمنه الوطني للخطر، وهذا اتهام معلق في الهواء، بلا وقائع أو أدلة تسنده. بل يمكن القول بشكل واضح أن الصحافة السودانية ما تزال تنقصها الجرأة والشجاعة في اقتحام كثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة وأنها مقصرة في نقد الأجهزة الحكومية والمؤسسات التي تكتسب نوعا من القداسة غير المطلوبة.المشكلة لدينا أن هناك خلطا بين الدولة والحكومة، بين المؤسسات والأفراد، بين الحق العام والخاص. لو ارتكب أي فرد أو جهاز أو مؤسسة، ولنقل فرضا جهاز الأمن أو القوات المسلحة أو الشرطة، أي تجاوز في حق الوطن أو المواطنين، فإن واجب الصحافة الأول هو فضح ذلك ونشره والمناداة بمحاسبة المخطئين. هذا ما يحدث في كل الدنيا، أما عندنا فإن هذا سيسمى تجاوزا وانتهاكا وتهديدا للاستقرار والأمن الوطني، ويسمى نقد ضابط بالشرطة أو القوات المسلحة إساءة للمؤسسة، وفي الحقيقة فإن الصحافة السودانية كما ذكرت ما تزال عاجزة عن ممارسة النقد بهذه الجرأة، وهذا ما تستحق النقد فيه.ما تزال كثير من قضايا الفساد يتم مداولتها شفاهة في المكاتب وأروقة الصحف والمؤسسات دون أن تجد طريقها للنشر بسبب المجاملات والتربية الخاطئة التي تعتبر فضح مثل هذه الممارسات ليس من الأخلاق في شئ. وما تزال كثير من الأحداث السياسية والتاريخية مبهمة لأن السعي وراء تجلية أسرارها سيمس بالضرورة أدوارا سالبة لقيادات سياسية راحلة، وحسب العرف الاجتماعي والثقافي السائد فإن كل زعيم سياسي أو قيادي أو وزير راحل صار من المقدسات التي لا يجب أن تمس ولا تذكر إلا بالخير.ورغم تنوع المواقف السياسية للصحف السودانية، إلا أنها عرضة أيضا للاتهام بالوقوف، كلها في جانب سياسي واحد. فقيادات الحركة الشعبية كثيرا ما يوجهون نقدا لما يسمونه "صحافة الشمال" وكأنها كتلة واحدة معادية للحركة الشعبية، ونسمع نفس الاتهام من بعض قيادات الحركات المسلحة في دارفور. وهو أيضا من نوع الاتهامات المجانية وغير المدروسة. فمن ناحية التغطية الإخبارية للمواقف والتصريحات فإن الصحافة السودانية، بشكل عام، تعطي مساحات مقدرة لنشاطات وتصريحات قيادات هذه الحركات. لا يغيب عن صفحات الصحف وبشكل يومي ياسر عرمان واتيم قرنق وتابيتا بطرس وأحيانا تيلار دينق ودينق ألور، كما لا يغيب خليل إبراهيم وعبد الواحد وعبد الشافع ودريج ومناوي ومحجوب حسين عن صفحات الصحف يوما واحدا، وكذلك تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية عن دارفور والتي هي قي معظمها ناقدة لمواقف الحكومة السودانية. أما لو تمت المحاسبة على أساس أن مواد الرأي غير متعاطفة مع مواقف هذه الحركات فهذا شئ آخر.ثم يأتي اتهام آخر بضعف المادة المقدمة والضعف العام للأداء المهني، وهذا اتهام مقبول ومعقول، لأنه ينطلق أولا من عشم في دور أكبر للصحافة، ومن توقع إيجابي يحتم على المجتمع الصحفي قبوله ومناقشته واتخاذه مدخلا لتطوير المهنة. لكن غير المعقول هو الوصول للطرف الآخر من الاتهام بافتراض أن الصحافة عاجزة تماما عن تقديم شئ إيجابي وأنها فارغة من أي مضمون، يقول لك ذلك شخص تلتقيه في مناسبة عامة أو وسيلة مواصلات، ثم يرمي بالصحيفة جانبا. هذا هو نوع الاتهام الجزافي الذي لا يمكن السكوت عليه.الصحف اليومية هي الآن أكبر وأوسع منبر لمناقشة قضايا البلاد وطرح الآراء الفكرية والسياسية والثقافية والاجتماعية، بل وممارسة النشاط السياسي. وكثير من الأحزاب والشخصيات السياسية تمارس نشاطها على صفحات الصحف أكثر مما تمارسه في الميدان مع القواعد الجماهيرية. أوسع وأضخم مناقشات حول اتفاق السلام ومدى الالتزام بتطبيقه تدور على صفحات الصحف...وليس في الاجتماعات المغلقة بين الشريكين، ويمكن أن نعدد كثير من مثل هذا. وإذا اعترف الشخص بهذا الدور للصحافة، وبالقدر المعتبر لمساهمتها، ثم انطلق من هنا لنقدها فإنه يكون أقرب للموضوعية. ويمكن بعد هذا رصد الكثير من مظاهر الضعف في الأداء الصحفي، كما يمكن رده لأسباب كثيرة. فبعض جوانب القصور يعود للظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها بلادنا وتتسبب في تكبيل كثير من المؤسسات، وبعضها يعود للأجواء القانونية التي أحاطت بالصحافة وأجهزة الإعلام خلال السنوات السابقة، كما يعود بعضها للصحف والصحفيين أنفسهم. نظن أن التناول الموضوعي يجب ألا يغفل أيا من هذه العناصر، وعندها يمكن أن تكون هناك مناقشات طويلة ومثمرة. لو قمنا بمحاولة عشوائية لرصد ما قدمته الصحف خلال شهرين لوجدنا مادة ضخمة ومنوعة لا يمكن تجاهلها، مثل مقالات د.التجاني عبد القادر بهذه الصحيفة، والتي لا تزال تثير ردود أفعال كثيرة، ترجمة مقالات اليكس دووال عن مفاوضات أبوجا التي قامت بها الزميلة "الرأي العام"، تحقيقات حرب العفاف التي نشرتها الزميلة "السوداني"، الجدال المطول في صحف كثيرة حول رفض أو قبول القوات الدولية ثم قبول حزمة أبوجا، حوارات "الرأي العام" عن استعداد الأحزاب للانتخابات، تحقيقات "الصحافة" من القضارف، الرصد المكثف للأوضاع في جنوب وشمال كردفان واحتمال انفجارها، التحقيقات والمواد الرياضية عن مسألة الاحتراف في كرة القدم....الخالصحافة السودانية الآن، خاصة بعد رفع الرقابة، هي ديوان الحياة المعاصرة في البلاد، وسجلها الموثق، والمرآة التي لا تكذب، تشبهنا ونشبهها، تماثل واقعنا بكل ما فيه من مشاكل ومثالب وعيوب، ويجب أن تكون هذه نقطة في صالحها، وليس منقصة تحتسب عليها.

نقلا عن الصحافة 21يناير 2007

الصحافة والشرطة ..جوديث ميللر ( منقول)

الصحافة والشرطة و . . . جوديث ميللر
من المهم أن تتصدى الصحافة الى أي تغول عليها من قبل السلطة، لكن الأهم أن تتصدى الصحافة وبهمة أكبر لترتيب بيتها من الداخل.
يعرف المتابعون أن جوديث ميللر صحافية أمريكية كانت أول أمرأة تتولى إدارة مكتب صحافي خارجي، حيث تولت الإشراف على مكتب «نيويورك تايمز» في القاهرة لتغطية المنطقة العربية وشملت مسؤولياتها السودان، ومن الأحداث التي غطتها مباشرة إعدام الأستاذ محمود محمد طه، كما أصدرت كتابا عن الحركات الإسلامية تحت عنوان «لله (99 إسما».
وقبل سنوات ثلاث برز أسم جوديث ميللر لإرتباطه بقضية عميلة الإستخبارات الأمريكية فاليري بلامي التي تم تسريب إسمها بواسطة أحد مسؤولي إدارة بوش، وهو سكوتر ليبي المدير السابق لمكتب نائب الرئيس ديك تشيني، إنتقاما من زوجها السفير جو ويلسون المعارض للحرب على العراق. وبما أن عملية التسريب هذه تعتبر مضرة بالأمن القومي، فقد إضطر بوش الى تعيين مدع خاص للتحقيق فيمن قام بالتسريب. جوديث كانت من الصحافيين الذين عرفوا إسم هذه العميلة في موضوع كانت تعده، لكنها لم تنشره قط، ورغم ذلك خضعت لتحقيق المدعي العام، الذي طالبها بالكشف عن المصدر الرسمي الذي تحدث لها عن إسم العميلة، لكنها رفضت إحتراما لمبدأ صحافي أخلاقي بعدم الكشف عن مصادر الأخبار الا بموافقتها. وبما انها تخضع لتحقيق قضائي فقد أتهمت بتعويق العدالة وحكم عليها بالسجن، وبالفعل إستنفذت كل مراحل التقاضي ودخلت الى السجن لتقضي فيه (85) يوما دفاعا عن حق الصحافة في حماية مصادرها. وأفرج عنها بعد أن أحلها ليبي من وعدها له ومن ثم أفضت للقاضي بإسمه.
لم تهلل «نيويورك تايمز» لجوديث ميللر، بعد الإفراج عنها، كونها بطلة من أبطال حرية الصحافة، وإنما قامت بتكليف فريق خاص برئاسة أحد نواب مدير التحرير للتحقيق في هذه الحالة تحديدا وفي موضوعات أخرى تتعلق بكتاباتها حول أسلحة الدمار الشامل وكيفية إدارة التحرير لمسؤولياتها. أعد الفريق تحقيقا معمقا من (6200) كلمة، أي سبعة أضعاف حجم هذا المقال، وتحدث عن سلسلة الأخطاء التي أرتكبتها جوديث ميللر خاصة في جوانب التعامل مع المصادر التي لا ترغب في الكشف عن نفسها، مثل الإشارة الى سكوتر ليبي في مذكراتها على انه مصدر في الكونجرس بينما هو في الإدارة التنفيذية، وهذا خطأ مهني أخلاقي لأنه يعتبر تضليلا للقارىء، وكذلك الأخطاء التي وقعت فيها إدارة التحرير بعدم التدقيق والمراجعة. ثم عقب المحرر العام، الذي يعتبر عين القراء داخل الصحيفة وكتاباته ليست خاضعة لرقابة أية جهة حتى رئيس التحرير، قائلا انه لا يرى مستقبلا لجوديث ميللر في الصحيفة. وفعلا تم التوصل معها الى اتفاق تترك فيه الصحيفة بعد مشوار مهني متميز حصلت فيه حتى على جائزة بوليتزر، وهي أرفع جائزة أمريكية تعطي لصحافي.
مناسبة هذا الحديث ما شهدته الصحافة السودانية الأسبوع الماضي من مواجهة مع الشرطة بسبب قضية التسريبات الخاصة بإحالة بعض قيادات الشرطة الى التقاعد. فالى جانب التغطية المكثفة لما حدث، الا ان الجانب الخاص بالأداء الداخلي وكيفية ضمان عدم تكرار مثل هذا الوضع مستقبلا لم يرشح عنه شىء عدا نشر تصحيح للخبر، وهذا هو الأساس في التأسيس والحفاظ على المصداقية التي هي رأسمال الصحافي ومؤسسته. ويلاحظ بداية ان خطوة «النيويورك تايمز» جاءت من الصحيفة نفسها ولم تكن نتيجة لتدخلات من إتحاد الصحافيين او إستجابة لمتطلبات ميثاق الشرف الصحافي، وإنما إستشعارا لمسؤولية داخلية وتلبية لإستحقاقات المهنة وحقها على قرائها.
الملاحظة الثانية والمهمة ان الصحيفة لم تكتف بإجراءات داخلية للتحقيق وتعديل الوضع وإنما عملت على إشراك جمهرة القراء من خلال نشر الموضوع في الصفحة الأولى مع بقيته في الصفحات الداخلية.
ثالثا: ان تاريخ جوديث ميللر ومسيرتها المهنية الحافلة عبر (28) عاما قضتها في الصحيفة لم تشفع لها عند إرتكاب أخطاء مهنية. فالتحدي الصحافي وهو تحد مستمر يوميا لا يقبل العيش على انجازات الماضي.
رابعا: ان الصحافة الأمريكية ورغم تاريخها الطويل والإمكانات المتاحة لها وحقوقها المكفولة دستوريا تظل مواجهة بمتاعب خارجية وداخلية. فالقانون، بغض النظر عن الوضع السياسي القائم، لا يعطي الصحافيين أو أية مهنة أخرى مرتبة تميزهم عن بقية المواطنين، لذا أعتبرت جوديث ميللر معوقة للعدالة وسيقت الى السجن. لكن رغم الأخطاء التي أرتكبت فأن النظام الداخلي يسمح بالمراجعة وتسليط الضوء على الأخطاء ومن ثم تصحيحها. ثم ان مثل هذه الخطوة لا تتطلب إمكانات ولا خبرات و لاحماية دستورية.
ان أخذ النفس بالشدة في هذا المجال يبدو مطلوبا لسببين أساسيين أولهما: ان الجسم الصحافي اذا لم يرتب أموره نفسه بأن يفتح الباب أمام جهات أخرى للقيام بهذه المهمة تحت مختلف الذرائع. فليس كافيا الإعتذار بعدم الوصول الى المصادر أو إتهام جهات في الشرطة بتسريب أخبار معينة خدمة لأجندة ما، لأن مهمة الصحافي الإستيثاق والسعي ما أمكن للوصول الى الحقيقة. فالحراك السياسي الكبير الذي يعيشه السودان يجعل من التسريبات ممارسة عادية والصحافة المسؤولة والمهنية لا تقع في مثل هذا الفخ وهناك آليات معروفة للتعامل مع هذا الوضع خاصة والخبر الذي لا يستند الى مصدر محدد تتحمل فيه الصحيفة مسؤولية أكبر.
أما الجانب الثاني فهو ان الصحافة التي تطالب الأحزاب والدولة بترتيب أمورها والتصرف بمسؤولية تحتاج هي نفسها أن تضع موضع التنفيذ ما تنصح به الآخرين.
السر سيد احمد - الرأي العام

ورقة عن الانتخابات في السودان 2009

بسم الله الرحمن الرحيم

وما أردت إلا الإصلاح
"فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر"
صدق الله العظيم





الحرية نار ونور فمن أرادها فليصطلي بنارها

الزعيم الأزهري







الطريق إلى الحكم الرشيد ..ورقة ملاحظات

هل تكون انتخابات 2009 حرة ونزيهة ؟










إعداد / فيصل خالد حضرة
عضو رابطة الإعلاميين السودانيين بدولة قطر
الدوحة يونيو 2007
Faisal hadra@yahoo.com





(1)








تتناول هذه الورقة المحاور التالية :


· نظرة عامة.
· التاريخ الدستوري.
· قوانين الانتخابات
· مشاركة المغتربين.
· الانتخابات الرئاسية.
· الانتخابات التشريعية.
· النظم الانتخابية.
· تقييم انتخابات 1986-2000.
· رؤيةالمؤتمر الوطني التنظيمية.
· الخلاصة.









(2)

نظرة عامة

يمر السودان منذ استقلاله في الأول من يناير 1956، بمرحلة تاريخية مفصلية، وبات مستقبله محكوما بأزمات ، في الجنوب ، ودارفور ، والشرق ، وتدويل بعضها ودخولها أروقة مجلس الأمن الدولي ،إلى جانب خطر التدخل الدولي عسكريا ، وبسبب هذا الوضع المأزوم ربما لا يصبح السودان بحدوده المعروفة منذ نيل استقلاله ، فبعد انقلاب 30 يونيو 1989 ، وتوقيع اتفاقية السلام الشامل في 9 يناير 2005 بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان ، فإن شعب جنوب السودان يقرر مصيره قبل نهاية العام 2011 ويختار ما بين الوحدة أو الانفصال الذي يفضي إلى إنشاء دولة جديدة ، فضلا عن تفاقم أزمة دارفور التي أفضت إلى التدويل ودخول قوات دولية إلى الإقليم ولا يبدو في الأفق بوادر حل وطني .
غيرت اتفاقية السلام الشامل ، تركيبة الحكم في السودان ، وسيكون لها ما بعدها ، ونصت على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية السنة الرابعة من الفترة الانتقالية ، أي في موعد أقصاه 9 يوليو 2009، وهذا ما أقرته المادة (216) من الدستور الانتقالي الذي أجيز في 6 يوليو 2005 ، وإذا جرت الانتخابات في أجواء حرة ونزيهة ومراقبة دوليا فان السودان سيكون على أعتاب عودة الحكم المدني وتفضي إلى تحول ديمقراطي السلطة فيه للشعب .
لا يمكن الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة، ومشاركة سياسية واسعة في الشئون العامة، دون التمتع بالحقوق المحمية دوليا، وقد كفل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حق المواطن في المشاركة في شئون بلاده من خلال:
1- الحق في الاشتراك في إدارة الشئون العامة، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين منتخبين يختارون اختيار حرا.
2- لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوظائف العامة دون تمييز.
3- إرادة الشعب هي مصدر السلطة، ويعبر عنها بانتخابات حرة ونزيهة، على أساس الاقتراع السري، ويتساوى الجميع وضمان حرية التصويت.
ولا يمكن الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة دون توفر عشر حريات أساسية هي:
1- الحق في الحياة .
2- الحق في الحرية.
3- الحق في الكرامة والحرية الشخصية.
4- حرية الرأي والاعتقاد والتعبير.
5- الحق في التجمع السلمي .
6- الحق في التقاضي أمام محاكم مؤهلة ومستقلة ونزيهة.
7- الحق في المساواة وحظر صور التمييز .
8- الحق في الملكية والعمل والتنقل.
9- الحق في التعليم والثقافة.
10- حق كل شخص في إدارة شئون بلاده.






(3)


التاريخ الدستوري


نال السودان استقلاله في 1/1/1956 ، ونوع الدولة حاليا جمهورية اتحادية، تقسم إداريا إلى 26 ولاية ، وتنص المادة 42 من الدستور الانتقالي ، على إن رئيس الجمهورية هو أعلى سلطة تنفيذية في البلاد ، وأصبح المشير عمر حسن احمد البشير رئيسا للجمهورية منذ 16 أكتوبر 1993 ، وجددت رئاسته للبلاد لخمس سنوات في 9 يوليو 2005 ، وعين الفريق سلفا كير ميارديت نائبا أول ، رئيس حكومة الجنوب في 4 أغسطس 2005 ، خلفا للدكتور جون قرنق الذي توفي بحادث سقوط مروحية في رحلة عودة من أوغندا في 30 يوليو 2005 ، وكان قد تولى منصب النائب الأول في 9 يوليو 2005 ، وعين الأستاذ علي عثمان محمد طه ، نائبا ثانيا ، في 9 يوليو 2005.
فيما يلي لمحة تاريخية للتطور الدستوري في السودان:

· 1910- 1943 تكوين مجلس الحاكم العام، واختص ببحث وإجازة القوانين واللوائح، وتكون من الحاكم العام رئيسا، وعضوية السكرتير الإداري، السكرتير المالي، السكرتير القضائي.
· 1943- 1948 تكوين المجلس الاستشاري لشمال السودان، واختص بإبداء المشورة للحاكم العام ، ومناقشة بيانات الحكومة المركزية ونشاطاتها المختلفة ، ضم 30 عضوا من زعماء العشائر ورجال الدين ، وجلهم من شمال السودان ، وينعقد برئاسة الحاكم العام ودورته أربعة أيام وكان بمثابة تدريب على الحكم الذاتي.
· 1948- 1953 تكونت الجمعية التشريعية بمقتضى تشريع أصدره الحاكم العام ، وضم 79 عضوا و4 لجان ، اختارهم الحاكم العام ، وترأسها محمد صالح الشنقيطي ، ودربت النواب والوزراء على نظم الحكم والحياة البرلمانية ، وأجازت قرار دولتي الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر) منح السودان الحكم الذاتي .
· 1953- 1957 تكون أول برلمان من مجلسين : مجلس الشيوخ وضم 50 عضوا ، بالانتخاب والتعيين، عمره ثلاث دورات ، ترأسه احمد محمد يسن ثم محمد الحسن دياب ، واختص باتخاذ التدابير اللازمة للشروع في تقرير المصير ، وإقرار قانون انتخاب الجمعية التاسيسة . ومجلس النواب الذي ضم 97 عضوا ، بالانتخاب المباشر ، عمره ثلاث دورات ، ترأسه بابكر عوض الله واهم انجازاته :
- إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في 19/12/1955.
- السودنة.
- إجازة اتفاقية مياه النيل .







(4)

· 1958- 1962 تكون البرلمان من مجلسين: مجلس الشيوخ، 50 عضوا بالانتخاب المباشر والتعيين، ترأسه الدكتور أمين السيد. ومجلس النواب ، 172 عضوا بالانتخاب الحر المباشر ، ترأسه محمد صالح الشنقيطي ، عمره دورتان ، تم حل المجلسين بعد تسليم حزب الأمة السلطة إلى الفريق إبراهيم عبود في 17 نوفمبر 1958.
· 1962- 1964 كون المجلس العسكري لحكومة الفريق إبراهيم عبود ، ما يسمى بالمجلس المركزي ، 82 عضوا بالانتخاب والتعيين ، عمره دورتان ، تمتع بسلطات تشريعية ، ترأسه عوض عبد الرحمن صغيرون.
· 1965- 1968 أخذت الجمعية التأسيسية الأولى بنظام المجلس النيابي ،232 عضوا انتخبوا من دوائر جغرافية ودوائر الخرجين ، ترأسها الدكتور مبارك الفاضل شداد ، واهم ما قامت به تكوين لجنة قومية ضمت 37 عضوا ولجنة أخرى من 15 عضوا ، من كبار القانونين لإعداد مسودة مشروع الدستور ، الذي عرض على الجمعية لكن تم حلها قبل إجازته بسبب الصراعات التي أدت إلى استقالة خمس الأعضاء. واهم الإحداث :
- حل الحزب الشيوعي .
- خفض سن الناخب من 21 إلى 18 سنة.
- منح المرأة حق الانتخاب والترشيح لأول مرة .
- تمثيل المرأة في البرلمان لأول مرة.
· 1968- 1969 تكونت الجمعية التأسيسية الثانية وضمت 210 بالانتخاب المباشر ، ترأسها الدكتور مبارك الفاضل شداد ، كونت لجنة لمراجعة الدستور ، ولم تنجز أعمالها حيث تم حلها بانقلاب 25 مايو 1969 ، شهدت خلافات بين السلطتين القضائية والتشريعية بسبب قرار طرد نواب الحزب الشيوعي من البرلمان وحظر نشاطه وثبت فيما بعد عدم دستورية القرار.
· 1972- 1973 تكون مجلس الشعب القومي الأول بموجب المرسوم الجمهوري (104) عام 1972، وضم ثلاث فئات ، منتخبون ومعينون ، دوائر جغرافية وفئوية، ومعينون بكم المنصب ، ضم 255 عضوا و11 لجنه ، ترأسه النذير دفع الله ونائبه اندرو ويو ، دورة انعقاده ستة أشهر، مهمته إجازة دستور 1973.
· 1974- 1977 تكون مجلس الشعب القومي الثاني وضم 229 عضوا، ترأسه بالتتابع الرشيد الطاهر بكر وأبو القاسم هاشم ، ونائبا الرئيس هما محمد صديق وأروب بور ، دوراته أربع ولجانه سبع ، أهم أعماله تعديل دستور 1973 ، تم حله بقرار جمهوري .
· 1978- 1980 تكون مجلس الشعب الثالث من 299 عضوا ن ترأسه أبو القاسم هاشم ، ونائباه مزمل سليمان غندور، والدو اجو ، ثلاث دورات و6 لجان ، واهم أعماله :
- إدانة الغزو السوفيتي لأفغانستان.
- مباركة المصالحة الوطنية وبيان لندن 1978.
· 1980- 1981 ضم مجلس الشعب القومي الرابع 358 عضوا ن وترأسه أبو القاسم هاشم ثم خلفه الرشيد الطاهر بكر، ونائبا الرئيس طيفور محمد شريف وأتوان داك ، دورتان و7 لجان ، واهم أعماله :
· إجازة قانون الحكم الإقليمي لسنة 1980.
· إجازة قانون الحكم الشعبي المحلي 1981.



(5)


· 1982- 1985 ضم مجلس الشعب القومي الخامس 151 عضوا ، ترأسه عزا لدين السيد محمد ونائباه عبد الحميد صالح ولويجي ادوك ، ثلاث دورات و10 لجان ، واهم أعماله :
- إجازة التشريعات الإسلامية (قوانين سبتمبر) .
- قيام برلمان وادي النيل.
- رئاسة الاتحاد البرلماني الدولي وكان عزالدين السيد أول رئيس .

· 1986- 1989 تكونت الجمعية التأسيسية ، بعد انتخابات حرة ونزيهة ، وضمت 260 عضوا ولم تجر الانتخابات في 41 دائرة لظروف استثنائية ، ترأسها محمد إبراهيم خليل ، محمد يوسف محمد ، فاروق علي البرير، ونواب الرئيس بالتتابع ، حسن عبد القادر ، حمد علي التوم ، استانس جيمس ، أربع دورات. أهم انجازاتها:
- تعديل الدستور الانتقالي .
- حل المجلس العسكري الانتقالي وتسلم السلطة.
- جدل وخلاف حول التشريعات الإسلامية (قوانين سبتمبر) .
- إجازة اتفاقية السلام السودانية وتجميد الحدود.
- تم حلها بانقلاب الجبهة الإسلامية القومية 30 يونيو 1989 .
· 1996- 1999 تكون المجلس الوطني الانتقالي من 438 عضوا بالانتخاب المباشر وغير المباشر ، ترأسه الدكتور حسن عبد الله الترابي ، ونائباه عبد العزيز شدو واليسون منايا مقايا ، 8 دورات و15 لجنة ، وتم حله في ديسمبر 1999 بعد خلافات بين الرئيس عمر البشير والدكتور حسن الترابي واهم أعماله :
- إجازة دستور 1998.
- إجازة اتفاقية الخرطوم للسلام.
· 2001-2005 ضم المجلس الوطني الثاني ، 360 عضوا ، ترأسه أحمد إبراهيم الطاهر ، 6 دورات و15 لجنة ، واهم أعماله :
- إجازة قرار بالعضوية التأسيسية للبرلمان الإفريقي.
- تقلد رئاسة البرلمان العربي واستضافة أعماله.
- استضافة الاتحاد الإفريقي وتقلد أمانته العامة.
· 2005-2009 تم تعديل عضوية المجلس الوطني الثالث ، بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل في 9 يناير 2005 ، واتفاقية القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي ، وبموجب الدستور الانتقالي ونص المادة (117) تم توزيع المقاعد بالنسب التالية :











(6)




· المؤتمر الوطني 52%.
· الحركة الشعبية 28%.
· القوى الشمالية الأخرى 14%.
· القوى الجنوبية الأخرى 6%.



أهم أعماله :

- إجازة الدستور الانتقالي 6 يوليو 2005 .
- إجازة قانون الأحزاب 2006 .

ويتوقع أن يجيز :
- قانون الانتخابات 2007.
- قانون الدوائر الانتخابية 2007.

· 2009 – 2014 بموجب الانتخابات التشريعية، التي يتوقع أن تجرى في موعد أقصاه 9 يوليو 2009 ، نهاية الفترة الانتقالية الأولى ، وحسب الفصل الرابع من الدستور الانتقالي 2005 ستتألف الهيئة التشريعية القومية من :

- المجلس الوطني: يتكون من أعضاء يتم اختيارهم بالانتخاب الحر المباشر، ويحدد قانون الانتخابات( لم يوضع بعد) تكوينه وعدد الأعضاء.

- مجلس الولايات : يتكون من ممثلين من كل ولاية (26) ولاية بانتخابات بواسطة المجلس التشريعي للولاية وفقا لقانون الانتخابات القومي الإجراءات التي تقررها المفوضية القومية للانتخابات ويكون لمنطقة ابيي مراقبان اثنان في مجلس الولايات يختارهما مجلس المنطقة.










(7)

قوانين الانتخابات: النظم والعمليات
التعداد السكاني، قانون الانتخابات، قانون الأحزاب

التعداد السكاني:

اجري التعداد السكاني الأول في يوليو 1955- 1956 بالعينة، ولم يشمل كل السودان، وبطريقة الأمر الواقع de jure، وجمعت المعلومات بطريقة الحقيقة de facto، لبعض المدن. واجري التعداد السكاني الثاني في 14 ابريل 1973 واستغرق 15 يوما وبطريقة de facto، واجري التعداد الثالث في 14 ابريل 1983 واستغرق 15 يوما ن والتعداد الرابع في 15 ابريل 1993 واستغرق 15 يوما، وكان يفترض أن يتم التعداد السكاني الخامس في ابريل 2003، ونص الدستور الانتقالي 2005 في الباب الخامس عشر – الإحصاء والانتخابات المادة(215) –(1) بان يجرى إحصاء سكاني في نهاية السنة الثانية من الفترة الانتقالية أي في نوفمبر 2007 ، ويكتسب هذا الإحصاء أهميته لان:

- انتخابات ما قبل يوليو 2009 ستقوم على أساسه.

- يعكس الواقع الإحصائي للتوزيعات السكانية والتي على ضوئها يتم توزيع التمثيل النيابي من مستوى لجان القرى إلى المجالس المحلية إلى مجلس الولايات ( الغرفة الثانية) والمجلس الوطني (البرلمان).
تم إجراء إحصاء تجريبي خلال الفترة 15 – 30 ابريل 2007 في ولايات السودان ال(26) ولم يشمل السودانيين العاملين في الخارج (المغتربون) ، ونفذه الجهاز المركزي للإحصاء في الشمال ومفوضية الإحصاء في جنوب السودان وقامت وحدة دعم التعداد السكاني التابعة لصندوق الأمم المتحدة بمراقبة العملية في بعض الولايات دارفور والنيل الأزرق وسنار والجزيرة وولايات جنوب السودان العشر ، والتقييم لهذا العمل في 22-26 مايو 2007 في ولاية القضارف بواسطة مجموعة العمل الفنية والتي تضم ( الجهاز المركزي للإحصاء، مفوضية الإحصاء ، صندوق الأمم المتحدة للسكان ، مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع ، جهاز الإحصاء الأمريكي، إدارة التعاون الفرنسية) .
بلغت الميزانية المرصودة للإحصاء السكاني 73 مليون دولار منها 44 مليون دولار توفرها حكومة الوحدة الوطنية، و30 مليون دولار يدفعا المانحون وتصرف بنسبة 60% للولايات الشمالية و40 % للولايات الجنوبية. ووقع خلاف بين شريكا الحكم، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، حول بيانات استمارة الإحصاء وتحديدا الديانة واسم القبيلة، وتمسك الأول بعدم إدراجهما فيما تمسك الشريك الثاني بوجودهما ، ولكل أسبابه ، وتم تجاوز الخلاف بعدم إدراجهما ، والبندان يلعبان دورا في تحديد الهوية ، في ظل التشاكس حول الافريقانية والعروبة ، أما الدين فقد حسمته اتفاقية السلام ( دولة واحدة بنظامين)، التشريعات الإسلامية في الولايات الشمالية والعلمانية في الجنوب وانسحب ذلك حتى على الاقتصاد واللغة . وتدور أحاديث باستجلاب جماعات قبلية من خارج السودان في سباق الانتخابات المقبلة وهذا تحديدا في دارفور.




(8)

وابدي خبراء دستوريون وقانونيون وأحزاب سياسية وجماعات مدنية ، مخاوف عديدة ستتأثر عدم حيادية التعداد السكاني على الانتخابات المقبلة ، وارتفعت أصوات تطالب بضرورة إعادة تشكيل مجلس الإحصاء السكاني الذي شكله الرئيس عمر البشير بموجب المادة (214)-(1) من الدستور الانتقالي ومن مهام المجلس :
- وضع الخطط للإحصاء السكاني .
- تحديد القواعد والمعايير للمكتب المركزي للإحصاء.
- متابعة الترتيبات التمهيدية للإحصاء السكاني ومراقبة العملية الإحصائية الفعلية.
- رفع تقرير لرئاسة الجمهورية بشأن الإحصاء السكاني.
وجاءت ابرز الانتقادات من حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي ، لان تكوينه لم يتم بحيادية و وإنما جاء حكوميا ومسيسا ، فيما رفضت حركة تحرير السودان بدارفور ، جناح عبد الواحد محمد نور،إجراء الإحصاء قبل عودة النازحين والمشردين إلى مناطقهم التي هجروا منها بسبب الحرب . وأشار خبراء إلى صعوبات تتمثل في الحرب في دارفور والشرق وعدم عودة النازحين خاصة في الجنوب ودارفور إضافة إلى ضعف الوعي الإحصائي.
رد الجهاز المركزي للإحصاء على تلك الانتقادات ببيان أكد فيه ، أن الإحصاء عمل فني محايد ينفذه محايدون محليون ودوليون بناء على إجراءات قياسية ودولية ولا علاقة له البتة بالحكومة وان لجنة المراقبة في مجلس التعداد السكاني تضم أكاديميين وأحزاب تراقب العملية. فيما حذر خبراء من سيطرة السياسة على حساب الجوانب الفنية لأهداف حزبية حتى لا تشوبه شبهه مثلما حدث لإحصاء 1993 الذي لم يعتمده مجلس الوزراء لأنه استند على بطاقة السكر واعتبر مسحا عاديا. وكان الحريق الذي شب في مكتب مفوضية الإحصاء في جوبا في ابريل 2007 العديد من التساؤلات، من المستفيد؟ولماذا حدث في هذا التوقيت؟ وما هي الدوافع ؟ وهل تأثرت المعلومات ؟ مراقبون اعتبروا الحريق محاولة لعرقلة الانتخابات في الجنوب ، وان جهات معينة هدفها حجب ظهور الحركة الشعبية كمنافس قوي في الانتخابات ، وتعطيل اتفاقية السلام والدستور وبالتالي تعطيل بناء العملية الديمقراطية ، ومن جانبه نفي الجهاز المركزي للإحصاء وجود قصد وان الحريق كان في مكتب رئيس المفوضية فقط وان أجهزة الحاسوب خالية من أي بيانات ولم تتأثر مكاتب المفوضية. ويشكك الناقدون في عدم حيدة مجلس التعداد السكاني باعتباره مجلسا حكوميا تم تشكيله بمرسوم رئاسي بموجب المادة(214) –(1) من الدستور ، ويرأسه وزير شئون رئاسة الجمهورية وأمينه ومقرره مدير الجهاز المركزي للإحصاء ، البروفيسور عوض حاج علي ويضم في عضويته وزراء ومسئولين بحكم المنصب وهم :
- وزير المالية.
- وزير مالية الجنوب.
- مدير مفوضية الإحصاء والتعداد بالجنوب.
- ممثل المجلس الوطني.
- ممثل مجلس الولايات.
- اثنان الخبراء في مجال الإحصاء.







(9)
مشاركة المغتربين :
المغتربون قوة لايستهان بها ، وينبغي منحها وزنها الحقيقي في الانتخابات المقبلة ، وتعدادهم يقارب او ربما يفوق 8 ملايين في دول المهجر ، وفي حال اعتماد النظام المختلط (دوائر جغرافية + فئات) ينبغي ان يكونوا فئة مؤثرة ويمنحوا نسبة لا تقل عن 50% من المقاعد المخصصة للفئات او ايجاد معادلة تتيح مشاركتهم في الانتخابات مثلما شاركوا في انتخابات 1986 و2000 وان يشملهم التعداد السكاني ويشاركوا في مفوضية الانتخابات ومراقبتها من خلال الجاليات في دول المهجر وفتح المجال لاقتراحاتهم في قانون الانتخابات . وهناك قولان في مشاركتهم إذ يقول البروفسيورعوض حاج علي "هذا إحصاء الأمر الواقع أي شخص خارج السودان لا يحسب حتى لو ذكرت العائلة أن لديها مسافر خارج السودان لمدة قصيرة أو طويلة فهناك إلية إحصائية أخرى للعاملين في الخارج .. فأنت لا تقدم خدمات لشخص أصلا غير موجود فإن عاد ينتظر التعداد التالي وهو بعد عشر سنوات " أي في 2017.

ومعنى ذلك:
- آلية تعداد المغتربين غير محددة ، وتفتح المجال لجهات أخرى غير مجلس الإحصاء ، في ادارة العملية ، مثلما حدث في السعودية حيث وزعت كوادر المؤتمر الوطني استمارات إحصاء.
- قانون الانتخابات ، الفصل الثاني – السجل الانتخابي العام – المادة 11 – 6 تحرم المغتربين من المشاركة في الانتخابات التشريعية وتحصر مشاركتهم انتخابات رئيس الجمهورية والاستفتاء و تنص على" لإغراض المشاركة في انتخابات رئيس الجمهورية أو الاستفتاء يمكن تسجيل المقيمين بالخارج ، في السفارات والقنصليات السودانية ، وذلك بعد إبراز وثيقة إقامة سارية المفعول في البلد المعني".
- حرمان المغتربين من المشاركة في الانتخاب يتعارض مع حق الاقتراع المادة 41(1) لكل مواطن الحق في المشاركة في الشئون العامة من خلال التصويت حسبما يحدده القانون (2) لكل مواطن بلغ السن القانونية التي يحددها الدستور أو القانون الحق في أن ينتخب وينتخب في انتخابات دورية تكفل التعبير الحر عن إرادة الناخبين وتجري وفق اقتراع سري عام.

ولمواجهة ذلك:
- أن تنشط الجاليات السودانية في دول المهجر في حماية حقها في المشاركة في الانتخابات – في كافة مستوياتها - وكتابة مذكرات لجهات الاختصاص والى رئيس الجمهورية.
- رفع دعوى دستورية ضد أي اتجاه لحرمانهم من حق المشاركة في الانتخابات ويتيح الباب الخامس من الدستور الانتقالي 2005 – الفصل الأول – المحكمة الدستورية رفع دعوى لهذه المحكمة حول أي قانون يهدر حقهم في المشاركة في الانتخابات . وبموجب المادة 122-(1) –ب يكون للمحكمة الدستورية اختصاص الفصل في المنازعات التي يحكمها الدستور الانتقالي ودساتير الولايات الشمالية بناء على طلب من الحكومة أو الشخصيات الاعتبارية أو الإفراد. وأيضا الفقرة(ه) من ذات المادة حيث تختص المحكمة بالفصل في دستورية القوانين والنصوص .- للمغتربين حق الاقتراع والترشيح والمشاركة في كل مستويات الانتخابات وان يكون من ضمن الفئات في حال اختيار هذا النظام بجانب الدوائر الجغرافية.


(10)

قانون الانتخابات:

نصت المادة 2-12-4-2 الجزء الثاني، السلطات والمؤسسات على المستوى القومي، من اتفاقية السلام الشامل 2005، على إنشاء مفوضية قومية تمثيلية لمراجعة الدستور في فترة لا تتجاوز 6 أسابيع من استلام الاتفاقية. وبموجب المادة 2-12-4-3 من اتفاقية السلام يفترض أن تتكون المفوضية من ممثلي حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وممثلي القوى السياسية الأخرى والمجتمع المدني. وإعادة النظر في تكوينها من اختصاص رئاسة الجمهورية بحسب المادة 140(2) الباب الثامن من الدستور الانتقالي . ويرأسها الدكتور عبد الله إدريس ، مؤتمر وطني، ومولانا ابيل الير ، الحركة الشعبية ، وأمينها العام الأستاذ ماجد يوسف ، صحافي سابق في جريدة الراية الناطقة بلسان الجبهة الإسلامية القومية ، والقنصل السابق بسفارة السودان بنيروبي.

و تنص المادة 141-(1) من الدستور الانتقالي على إنشاء المفوضية القومية للانتخابات خلال شهر واحد من إجازة قانون الانتخابات القومية (لم يعد وهناك مشاورات جارية حوله ولا يزال قانون 1998 ساريا وهو مقيد لحرية الانتخابات)، وتتكون المفوضية من 9 أشخاص مشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي والتجرد ويراعي في اختيارهم اتساع التمثيل ، ويتم اختيارهم وتعيينهم بواسطة رئيس الجمهورية وفقا لأحكام المادة 58-2(ج) من الدستور ، اختصاص رئيس الجمهورية. وتكون المفوضية الجهة الوحيدة التي تتولى المهام التالية:
- إعداد السجل الانتخابي ومراجعته سنويا.
- تنظيم انتخابات رئيس الجمهورية ورئيس حكومة جنوب السودان والولاة والهيئة التشريعية القومية (البرلمان) ومجلس جنوب السودان والمجالس التشريعية الولائية والإشراف عليها وفقا للقانون.
- تنظيم أي استفتاء وفقا للدستور.
- أداء أي مهام انتخابية أخرى ذات صلة يحددها القانون وتنص المادة 141(3) على "يحدد قانون الانتخابات القومية القواعد العامة والإجراءات التي تحكم الانتخابات وكذلك مهام وشروط خدمة العاملين في المفوضية القومية للانتخابات" .

كونت المفوضية القومية للمراجعة الدستورية لجنة برئاسة الدكتور عبد الله إدريس ومولانا ابيل الير لوضع تصور لأعداد مشروع قانون الانتخابات وعقدت أول اجتماع لها بمقرها في اركويت وناقشت إشراك الأحزاب في مختلف مراحل إعداد القانون والمشاركة في ورش العمل التنويرية. ووافقت اللجنة على خطة عمل لإعداد مشروع القانون والاستعانة بالخبراء من خارج المفوضية وقال ماجد يوسف، الأمين العام للمفوضية " ليس للمفوضية مشروع قانون ". المحك الحقيقي في حيادية لجنة إعداد قانون الانتخابات في استيعاب التنوع والتعدد السياسي ولا ينبغي ان تكون حكومية أو تعكس اتجاها سياسيا بعينه أو إرادة شريكا الحكم .







(11)

ألغى قانون الانتخابات لسنة 1998 قانون 1995 لكن ظلت جميع الأوامر الصدارة بموجبه سارية إلى أن تلغى أو تعدل، ويحتوى قانون 1998 على 38 مادة، ويعتبر مقيدا وأحاديا ولا يخضع للقضاء ، ويضع قيودا على الترشيح وينص على دفع رسوم وتامين ، ولا يستطيع أي شخص الترشيح مباشرة وبصورة حرة وإنما بالتزكية ، وهيئة الانتخابات العامة يشكلها رئيس الجمهورية ، بموافقة المجلس الوطني بموجب المادة 4(1،2،3) ومن اختصاصاتها :
- إعداد السجل الانتخابي ونشره وحفظه ومراجعته سنويا.
- إعداد سجل الناخبين للانتخابات غير المباشرة.
- إجراء انتخابات رئيس الجمهورية، والوالي، و المجلس الوطني ومجالس الولايات والمجالس المحلية.
- إجراء الاستفتاء.
- تحديد الدوائر الجغرافية وتحديد الإجراءات والجداول للمرشحين .
- ضبط إحصاء بطاقات الاقتراع ونظم ضبط وإعلان النتائج النهائية للانتخابات والاستفتاء .
- تأجيل إجراء الانتخابات أو الاستفتاء لأي ظرف قاهر وإلغاء النتيجة إذا ثبت أي فساد لصحة الإجراءات في أي موقع أو دائرة على أن تراجع الخلل وتعيد الإجراءات .
- تشكيل اللجان العليا وتعيين ضابط التسجيل والانتخابات.
- تحديد الدوائر الانتخابية.

يلاحظ أن اللجنة لا تخضع للقضاء ولا يشرف عليها قاض أو شخصية قانونية ويعين رئيسها وأعضائها، والقانون يقيد حرية الفرد في الترشيح إذ نصت المادة 14(1) : لايجوز لشخص أن يقدم نفسه للترشيح للانتخابات . وتنص المادة(2) : يتقدم ما لا يقل عن 20 شخصا لترشيح وتزكية أي شخص للانتخابات لعضوية المجلس الوطني أو مجلس الولاية أو المجلس المحلي على أن يكون المزكون من تنطبق عليه أهلية الناخب.
ويفرض القانون قيدا ماليا إذ تنص المادة(3) يدفع كل مزك رسوم تزكية وان يدفع المرشح مبلغ تامين حسب ما تحدده القواعد. كما يقيد القانون المرشح بأنه مستقل أو منتمي لتنظيم مسجل وفقا لقانون التوالي السياسي ، وهذا يعني أن أي فرد أو تنظيم غير مسجل(متوالي) لا يحق له المشاركة في الانتخابات.

الترشيح لرئاسة الجمهورية ليس حرا وتنص المادة 20(1) : أن يقوم ما لا يقل عن مائة شخص من كل ولاية ن فيما لا يقل عن نصف عدد ولايات السودان ، بترشيح أي شخص من تنطبق عليه شروط أهلية رئاسة الجمهورية ولا تفرض رسوم على المرشح وعلى كل مزك دفع رسوم تزكية وعلى المرشح أن يدفع مبلغ تأمين. وتنص المادة(24) : تعين الهيئة عدولا ومراقبين قضائيين أو قانونين أو غيرهم بالتشاور مع جهات الاختصاص لتقويم الإجراءات وإقامة الشهادة العامة على عدالة الانتخابات ونزاهتها.







(12)

هناك ضرورة لوضع قانون ديمقراطي يكفل حرية ونزاهة وحيدة الانتخابات ولابد من إخضاع قانون الانتخابات لسنة 2007 الذي سيودع منضدة المجلس الوطني في أكتوبر 2007 لإجازته، لمناقشات عامة وسط الأحزاب وخبراء القانون ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام ، مع استصحاب كل مشروعات القوانين المطروحة ، وهذا القانون ستقدمه مفوضية الانتخابات ، ومن المبادرات الجديرة بوضعها في الاعتبار لوضع قانون انتخابات حر وديمقراطي ، مبادرة مركز دراسات السلم والتنمية بجامعة الخرطوم الذي نظم ورشة عمل حول قانون الانتخابات في نوفمبر 2006 ، ومبادرة اللجنة الأهلية التي أعدت مسودة قانون مشروع قانون الانتخابات ، والذي ينادي بنظام مختلط للانتخابات ، يجعل نصف مقاعد المجلس الوطني بنظام الدائرة الجغرافية ذات النائب الواحد المنتخب بالأغلبية البسيطة والنصف الثاني من المقاعد ينتخب بواسطة قائمة حزبية على مستوى الولاية ، وهي تعطي الوزن المطلوب للقوى الحديثة ويحدد وزنها . وتصاعدت أصوات بتخصيص دوائر قومية للمهنيين بمختلف قطاعاتهم، وإيجاد معادلة انتخابية تتيح إشراك المغتربين وإعطاؤهم وزنهم الحقيقي في المجتمع – 8 ملايين سوداني في جميع أنحاء العالم - فهم قوة لا يجوز إغفالها ولن تكون الهيئة التشريعية صادقة التمثيل إن هي أغفلت جسم بحجم المغتربين .
قانون الأحزاب 2006
نصت المادة (40) من الدستور الانتقالي 2005 على حرية التنظيم، وتشكيل الأحزاب والتنظيمات السياسية وتكفل حق التجمع السلمي ، ولكل فرد الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حماية لمصالحه ، دون قيود بسبب الدين أو العرق أو الإقليم . وصدور قانون ينظم تكوين الأحزاب. صدر قانون الأحزاب لسنة 2006، واعدته مجموعة من الخبراء القانونيين بالتعاون مع مؤسسة اتجاهات المستقبل. ويتكون من 7 فصول و29 مادة ، وتنشأ بموجبه مفوضية شئون الأحزاب والتنظيمات السياسية ويرأسها قاض محكمة عليا سابق يعينه المجلس الوطني (البرلمان) ومستشار قانوني بالمعاش أو عمل بمهنة القانون لمدة 25سنة تختاره المفوضية وعضوية خمسة من عرفوا بالاستقامة والتجرد في العمل العام ولا ينتمون لأي حزب ويختارهم المجلس الوطني والمفوضية ذات شخصية اعتبارية.وكان قد نشب خلاف حول المادة(18) التي أصبحت (19) بعد التعديل التي تنص على حل الحزب في حال عمله ضد الدستور واتفاقية السلام، وفي الأذهان سابقة حل الحزب الشيوعي عام 1965 الذي ثبت عدم دستورية الحل، ونص التعديل على منح حق حل الحزب للمحكمة الدستورية وليس مفوضية شئون الأحزاب ، إذا رأت المحكمة أن نشاطه يقوض الدستور وهذا ما أكده عمر محمد صالح الناطق الرسمي باسم مجلس الوزراء. وثار جدل ، ولا يزال حول المادة (4) تسجيل الأحزاب ، التي اعتبرت المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وأحزاب التوالي مسجلة ويتم إشهارها بصدور القانون بينما على الأحزاب التاريخية : الأمة والاتحادي الديمقراطي والشيوعي أن تسجل من جديد ، وترى هذه الأحزاب أن وجودها لا يحتاج لاثبات شرعية أو تسجيل للمشاركة في الانتخابات. حاليا هناك 38 حزبا ، ومن شان هذا القانون أن ينظم تأسيس الأحزاب ، ويجعلها تتحمل المسئولية، تكون فاعلة ولها برامج مؤثرة وليس مجرد عدد أو لافتات ، ولابد من وجود ، وترسيخ الحكم الديمقراطي الرشيد ، وضمان المشاركة الشعبية في صناعة القرار ، والتعبير عن الإرادة السياسية للأمة ، وإعداد المواطنتين لأداء واجباتهم ، وتحمل مسئولياتهم تجاه تحقيق الحكم الرشيد والتنمية المستدامة . بناء النظام الديموقراطي الدائم لا تنجزه إلا أحزاب قوية وفاعلة تتوفر فيها المؤسسية وتمارس الديموقراطية الداخلية في اختيار قادتها وبناء هيكل قادرة على خلق الوعي القومي تكوين الرأي العام المستنير.



(13)

الانتخابات الرئاسية والتشريعية

نصت المادة 216 من الدستور الانتقالي لسنة 2005 على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية (المجلس الوطني) وانتخابات الولايات التشريعية (مجلس الولايات) قبل نهاية السنة الرابعة من الفترة الانتقالية التي حددتها اتفاقية السلام الشامل 9 يناير 2005 بست سنوات ، أي في موعد أقصاه 9 يوليو 2009 ويتألف المجلس الوطني من 450 عضوا ومجلس الولايات 50 عضوا ، ووفقا للمادة 222-(1)و(2) سيجرى الاستفتاء لشعب جنوب السودان للاختيار ما بين الوحدة أو الانفصال قبل ستة أشهر من نهاية الفترة الانتقالية وذلك بالتعاون مع الحكومة القومية وحكومة جنوب السودان .

هناك تضارب حول موعد إجراء الانتخابات فبموجب اتفاقية السلام الموقعة في 9 يناير 2005 تنص المادة 1-8-3 : يتم استكمال الانتخابات العامة على جميع مستويات الحكم بحلول نهاية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية ، أي ديسمبر 2008 ، أما الدستور الانتقالي فيحدد موعدها بنهاية السنة الرابعة من الفترة الانتقالية أي في9 يوليو 2009 ، لان سنة نيفاشا تبدأ في التاسع من يوليو 2005 وهي تمثل الفترة الانتقالية القصيرة ، وذلك حسب نص المادة 226-(4) الباب السابع عشر : أحكام متنوعة من الدستور الانتقالي ، أما المفوضية المراجعة الدستورية – وحسب ما صرح به رئيسها عبد الله إدريس- فانه بعد تقديم قانون الانتخابات للمجلس الوطني في أكتوبر 2007 لإجازته فأنه يمكن إجراء الانتخابات في ديسمبر 2008 أو في يناير 2009 .
تعتبر السنوات، الثانية والرابعة والسادسة، بموجب اتفاقية السلام مفصلية:
- السنة الثانية 2007: يجرى خلالها الإحصاء السكاني وينبغي أن ينجز في نوفمبر، وسيبنى عليه سجل الناخبين الذين يحق لهم انتخاب رئيس الجمهورية والولاة ونواب المجلس الوطني (البرلمان) ومجلس الولايات(الغرفة الثانية).وعلى ضوء الإحصاء سيحدد عدد مقاعد كل ولاية والدوائر الانتخابية ويعتبر حجر الزاوية في العملية الانتخابية.
- السنة الرابعة 2009 وتجرى خلالها الانتخابات التي ينبغي أن تكون مراقبة دوليا.
- السنة السادسة 2011 تجرى فيها عملية الاستفتاء في جنوب السودان للاختيار ما بين الوحدة أو الانفصال.

انتخابات 2009 لا يحسمها صندوق انتخابي واحد، فهناك ثلاثة صناديق أولها صندوق انتخاب رئيس الجمهورية إذ تنص المادة 52 من الدستور الانتقالي: ينتخب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة في انتخابات قومية وفقا للقانون والنظم التي تضعها المفوضية القومية للانتخابات وتنص هذه المادة على :
1- يجوز لأي ناخب مؤهل ترشيح من يراه مناسبا لمنصب رئيس الجمهورية ويجب ان يزكي الترشيح عدد من الناخبين المؤهلين – يحدده القانون – وهذا في حد ذاته يعت قيدا لحرية الترشيح للمنصب.
2- يكون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية الذي يحصل على أكثر من 50% من جملة أصوات المقترعين هو الرئيس المنتخب.




(14)

3- إذا لم تحرز النسبة الواردة في البند(2) تعاد الانتخابات بين المرشحين الذين حصلا على أعلى الأصوات. إذا كان الفائز شماليا ،سيكون نائبه الأول جنوبيا حتى موعد إجراء الاستفتاء في جنوب السودان ، أما في حالة كونه جنوبيا فيكون النائب الأول شماليا من الحزب الحائز على اكبر عدد من المقاعد الشمالية في المجلس الوطني المادة(62). وتنص المادة (69) –(1) من الاحكام الانتقالية : إذا جاءت نتيجة الاستفتاء في جنوب السودان مؤيدة للوحدة يكمل رئيس الجمهورية والنائب الأول ولايتهما لمدة خمس سنوات وفقا لنص المادة (57) من الدستور ، وتنص الفقرة (2) : أما في حالة خيار الانفصال يستمر رئيس الجمهورية في منصبه إذا كان شماليا أما إذا كان جنوبيا فيعتبر مستقيلا ويتولى النائب الأول منصب رئيس الجمهورية ليكمل اجل الولاية لحين إجراء الانتخابات القادمة.
وتحدد المادة(53) أهلية الرئيس :
- ان يكون سودانيا.
- ان يكون سليم العقل.
- لا يقل عمره عن 40 عاما.
- ان يكون ملما بالقراءة والكتابة .
- إلا يكون أدين في جريمة تتعلق بالأمانة أو الفساد الأخلاقي.
وتؤجل انتخابات رئيس الجمهورية بنص المادة(55) –(1) : عند تعذر انتخاب رئيس الجمهورية لأي سبب ، حسبما تقرره المفوضية القومية للانتخابات وفقا لقانون الانتخابات، يتعين على المفوضية تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات باعجل ما تيسر ، شريطة إلا يتجاوز 60 يوما من اليوم الذي كان مقررا فيه إجراء الانتخابات. وتنص الفقرة(2) : يستمر رئيس الجمهورية شاغل المنصب ، رئيسا بالوكالة ، لحين إجراء الانتخابات المؤجلة وتمتد تلقائيا لحين أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية .
في حالة خلو منصب منصب رئيس الجمهورية قبل الانتخابات تنص المادة (66):
- يتولى مهام رئيس الجمهورية مجلس رئاسي يتألف من رئيس المجلس الوطني ونائبي رئيس الجمهورية.
- يكون رئيس المجلس الوطني رئيسا للمجلس الرئاسي.
- يتخذ المجلس الرئاسي قراراته بتوافق الآراء.
- يكون نائب رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية.
- على الرغم من نص المادة (52) أو أي نص أخر في الدستور ، يتولى منصب رئيس الجمهورية مرشح حزب المؤتمر الوطني خلال أسبوعين من تاريخ خلو المنصب .
في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية بعد الانتخابات تنص المادة(67) :
- يتولى مهام رئيس الجمهورية المجلس الرئاسي المشار إليه في المادة(66).
- يكون النائب الأول رئيسا للمجلس الرئاسي.
- يتخذ المجلس الرئاسي قراراته بتوافق الآراء.
- يكون النائب الأول أو نائب رئيس الجمهورية ، أيهما كان من الشمال ، القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية .
- يتم شغل منصب رئيس الجمهورية من خلال انتخابات تجرى خلال 60 يوما وفقا للمادة (52) من الدستور.




(15)


في حالة خلو منصب النائب الأول قبل الانتخابات تنص المادة(68) :
يتولى المنصب مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وذلك خلال أسبوعين من خلو المنصب

الصندوق الثاني، لانتخاب الهيئة التشريعية بمجلسيها (المجلس الوطني ومجلس الولايات)، وتنص المادة (84) –(1)و(2) يتكون المجلس الوطني من أعضاء منتخبين في انتخابات حرة ونزيهة ويحدد قانون الانتخابات القومي تكوين المجلس وعدد أعضائه.
وتنص المادة(85) (1)و(2) : يتكون مجلس الولايات من ممثلين اثنين لكل ولاية ينتخبان بواسطة المجلس التشريعي للولاية وفقا لقانون الانتخابات القومي والإجراءات التي تقررها المفوضية القومية للانتخابات. يكون لمنطقة آبيي مراقبان اثنان في مجلس الولايات يختارهما مجلس منطقة آبيي.
تحدد المادة (86)- (1) (2) الأهلية لعضوية الهيئة التشريعية :
- ان يكون سودانيا.
- ان يكون سليم العقل.
- لا يقل عمره عن 21 عاما.
- ان يكون ملما بالقراءة والكتابة .
- لم تسبق إدانته خلال السبع سنوات السابقة في جريمة تتعلق بالأمانة أو الفساد الأخلاقي.
- لا يجوز الجمع بين عضوية المجلس الوطني والتمثيل في مجلس الولايات.
- لا يكون أهلا لعضوية الهيئة التشريعية كل من أعضاء مجلس جنوب السودان أو حكومته أو الولاة أو أعضاء المجالس التشريعية للولايات أو أعضاء حكومتها خلال توليهم المواقع المشار اليها.

وتكمن أهمية انتخابات المجلس الوطني في أن الحزب صاحب الأغلبية هو الذي سيؤول إليه منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية في حال فوز مواطن جنوبي بمنصب رئيس الجمهورية وهو أيضا الحزب الذي تؤول إليه المنصب في حال اختار الجنوبيون الانفصال ، إذا كان رئيس الجمهورية جنوبيا.

الصندوق الثالث، للاستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان، ويشارك فيه أبناء الجنوب فقط لكن أصواتهم تعتبر مؤشرا ويمتد تأثيرها إلى كافة العمليات الانتخابية( الرئاسية والتشريعية ) على نحو ما أوردنا، وستتدافع الأحزاب لتضع بيضها في هذا الصندوق للاختيار مابين الوحدة أو الانفصال.










(16)

نظم الانتخابات :

جرب السودان الانتخابات الحرة المباشرة من خلال الدوائر الجغرافية في أول انتخابات عام 1957 ، وتكوين مجلسين (الشيوخ والنواب) ، وأيضا الانتخاب المباشر والتعيين 1958 المجلس المركزي في عهد الرئيس إبراهيم عبود ، ومجالس الشعب 1972-1985 في عهد الرئيس جعفر نميري ، وبجانب الدوائر الجغرافية خصصت دوائر الخرجين في انتخابات 1968 و1986 ، حيث تم تكوين الجمعية التأسيسية ، وأخذت الإنقاذ الوطني بالانتخاب المباشر وغير المباشر والتعيين 1996 -2005 في تكوين المجلس الوطني .

وهناك اتجاه للأخذ بالنظام المختلط في انتخابات 2009 ، الذي يزاوج بين الدوائر الجغرافية والقائمة المغلقة مناصفة 50% للنساء وذلك على أساس إقليمي يقسم السودان بموجبه إلى 9 أقاليم شريطة أن يحدد الفائز في النظام الجغرافي بالأغلبية المطلقة ولو استدعى الأمر قيام دورتين انتخابيتين . على أن تجرى الانتخابات على مراحل وفترات متساوية وعدم إجرائها على أي مستوى في وقت واحد، وان تجرى من القاعدة إلى القمة بدءا من المجالس المحلية ومجالس الولايات ثم انتخاب الولاة يعقبه انتخاب المجلس الوطني (البرلمان) ، بينما تكون انتخابات رئاسة الجمهورية أخر المراحل الانتخابية – وهذا ما اقترحه الحزب الشيوعي - وهذه الصيغة يبدو أنها المرشحة للقبول بحيث يتم إعطاء نصف مقاعد المجلس الوطني للنظام الانتخابي الحر ، مما يمكن الجميع من المنافسة لدخول البرلمان على أجندة شخصية أو عامة أو جهوية أو حزبية أما الصيغة الثانية ، فستكون على أساس الكتل ، حيث يتم التصويت للكتلة من حيث أنها كتلة وتحدد الأوزان حسب صيغة التمثيل النسبي ، مثلا كانت قوة الحركة الشعبية التصويتية بنسبة 10% فإنها تأخذ نسبة 10% من المقاعد إذا نال الحزب الشيوعي أو المؤتمر الشعبي 5% يكون نصيبه من المقاعد حسب قوة كتلته ثم أما أن يختار نوابه أو يتم اختيارهم حسب مجيء تسلسلهم في القائمة وهذا ما فصله الكاتب الاسلامي البروفيسور حسن مكي .

الدوائر الجغرافية :

أقرت كل قوانين الانتخابات منذ 1957 أحكاما عن الدوائر الانتخابية وتخصيص مقاعد البرلمان وكثيرا ما ترك أمر تحديد الدوائر إلى مجلس الوزراء ليصدر في شكل أمر، وفي قانون الانتخابات العامة 1968 نصت المادة (4) على أحكام الدوائر الانتخابية على النحو التالي:
4-1 تخصيص دوائر إقليمية للانتخابات العامة.
4-2 يصدر مجلس الوزراء أمرا يعين فيه اسم كل دائرة وحدودها ويكون توزيع الدوائر في كل أنحاء البلاد بنسبة عادية متساوية بحيث لا يقل عدد السكان في الدائرة الواحدة عن 50 ألف شخص ولا يزيد على70 ألف شخص حسب أخر تعداد عام قبل إجراء الانتخابات . أحيانا يترك أمر تحديد الدوائر الانتخابية بما فيها الدوائر الجغرافية لقواعد الانتخابات ففي قانون 1994 الفصل الثاني – غدارة الانتخابات – نصت المادة (3) أن تكون لهيئة الانتخابات العامة اختصاص وصف الدوائر الانتخابية وتحديدها.



(17)

وتعرف الدوائر الانتخابية في المادة(2) من قانون الانتخابات 1995 بأنها الدائرة التي تضم الناخبين لاختيار عضوية أي جهاز قومي أو ولائي أو محلي على ألا يزيد حجم السكان في الدائرة أو ينقص بأكثر من 20% من معيار المتوسط ، وهو عدد سكان السودان أو الولاية أو المحلية مقسوما على عدد المقاعد المقررة للمجلس الوطني أو مجلس الولاية أو مجلس المحلية حسب الحال.

يظهر توزيع الدوائر الجغرافية أزمة حيث تتميز بعض الدوائر بمساحات شاسعة وإطراف مترامية وتتداخل بعض الدوائر فيما بينها مما يؤدي إلى خروج بعض السكان من نطاق وحداتهم الإدارية. ونسبة للتغييرات الإدارية التي صاحبت التغييرات في نظام الحكم ، وهو الحكم الاتحادي ، ولتقسيم الدوائر الانتخابية فقد وضعت الأسس التالية :
- مراعاة الوحدة الجغرافية للدائرة.
- مراعاة النسيج السكاني بقدر الإمكان.
- المحافظة على الوحدة الجغرافية الأساسية .
- عدم التقيد بحدود المحليات الجغرافية لعدم تماشي ذلك مع المعيار السكاني .

يظهر استخدام المعيار السكاني لتوزيع الدوائر الانتخابية بعض السلبيات تتمثل في:
- معيار العدد الكلي للسكان في الدائرة الواحدة يجعل هناك عددا افتراضيا للدوائر.
- يؤدي إلى عدم مراعاة الوحدة الجغرافية.
- بهمل مراعاة وحدة النسيج القبلي أو العشائري في كثير من الحالات.
- يؤدي إلى وجود دوائر ذات مساحات شاسعة وتحت إدارة وحدات إدارية مختلفة مما يؤدي إلى بروز صعاب إدارية جمة وتكاليف مالية باهظة في مرحلة الاقتراع.

ورغم تلك السلبيات فإن استخدام المعيار السكاني يعتبر الأمثل للقضاء على التكتلات العرقية والقبلية الضيقة . وجرت العادة على تخصيص مقاعد قومية لشغلها بطريق الانتخابات من دوائر غير جغرافية تتألف من :
- القوى النظامية وسط القوى الاجتماعية .
- الخريجون.
- القطاعات والاتحادات المهنية مثل : اتحادات المزارعين ، والرعاة ، الأطباء ، المهن الهندسية ، القانونيون ، الاقتصاديون ، الغرف التجارية والصناعية.

وكان تقرير لجنة قانون انتخابات 1985 قد أوصى بتخصيص دوائر للقوى الحديثة ، النقابات والاتحادات وللخريجين والمرأة ، ولكن المجلس العسكري الانتقالي لم يأخذ إلا بدوائر الخريجين التى فازت فيها الجبهة الإسلامية القومية . وأدت إعادة توزيع الدوائر الانتخابية إلى زيادة ملحوظة في دوائر الشمال ، بقدر اكبر في دوائر العاصمة، فبالقياس إلى ما كان عليه الحال في عام 1968 ارتفعت دوائر الخرطوم من 13 إلى 31 ، دوائر المديرية الشمالية من 17 إلى 18 ، دوائر الإقليم الأوسط من 45 إلى 50 ، ودوائر كرد فان من 36 إلى 39 ، ودوائر دارفور من 24 إلى 39 ، ودوائر الشرق من 23 إلى 28 ، أما دوائر الجنوب ارتفعت من 60 إلى 68 .




(18)

انتخابات 1986

أنجز الشعب السوداني انتفاضة 1985 وأطاح بنظام مايو ورئيسه جعفر محمد نميري ، حيث انحاز الجيش إلى إرادة الشعب في التغيير كان التعبير العفوي (شعب واحد ...جيش واحد) ، ودخلت كلمة انتفاضة القاموس السياسي العالمي ، وهذه عبقرية أخرى في توصيف التغيير السلمي بإرادة شعبية توحدت فيها كل الفئات المدنية والعسكرية ، تكون مجلس عسكري انتقالي لمدة عام برئاسة المشير عبد الرحمن سواتر الذهب ، الذي سلم السلطة في 1986 إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا ، في أول سابقة من نوعها في العالم يعود العسكر إلى ثكناته ويسلم السلطة للأحزاب المدنية ، ولعب التجمع النقابي دورا في بلورة دور القوى الحديثة ممثلة في الاتحادات والنقابات في التغيير ، أفرزت هذه الفترة 1968-1989 ايجابيات وسلبيات ، دراستها من اوجب واجبات تعزيز الحكم الرشيد .
تميزت الفترة الانتقالية بظهور أحزاب كثيرة ربما تجاوزت 40 حزبا، ولعب التجمع النقابي دورا موازيا للأحزاب إن لم يكن منافسا، وظهر ذلك في تكوين الحكومة الانتقالية، وأيضا حكومة البرنامج الوطني ( حكومة القصر ) ، اثر مذكرة للجيش للسيد الصادق المهدي ، رئيس الوزراء المنتخب . وتواضعت الأحزاب على ميثاق لحماية الديمقراطية ، الذي ينص على العصيان المدني في حال الانقلاب على الديمقراطية . جرت انتخابات حرة ومباشرة ، رغم التحفظات على القوانين التي أجريت على ضوئها ، ولم يحرز أي حزب الأغلبية التي تمكنه من تكوين الحكومة منفردا ، وأجريت الانتخابات بنظام الانتخاب الحر المباشر في الدوائر الجغرافية ودوائر الخريجين ، وجاء حزب الأمة في المقدمة حاصدا 100 دائرة ، ثم الحزب الاتحادي الديمقراطي 63 دائرة ، ثم الجبهة الإسلامية القومية 53 دائرة ، حيث اكتسحت دوائر الخريجين وحصدت 28 دائرة منها ، وحصلت الأحزاب الجنوبية على 28 دائرة . و ابرز ملامح هذه الفترة : توقيع اتفاقية السلام السودانية نوفمبر 1988 بين السيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي ، والدكتور جون قرنق قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وما إثارته من جدل ، حيث قبلها السيد الصادق المهدي بعد (توضيحات) وادي الخلاف حولها إلى أن قدم الجيش مذكرة 28 فبراير 1989 ، وكانت بمثابة التحذير في ظل الأوضاع المتردية ن حيث أدت الخلافات الحزبية إلى تكوين خمس حكومات خلال ثلاث سنوات ، وأسفرت المذكرة ، التي قدمت بعد خروج الحزب الاتحادي من الائتلاف مع الأمة ، ودخول الجبهة الإسلامية للحكومة مع الأمة ، إلى تكوين حكومة البرنامج الوطني أو ما أطلق عليها (حكومة القصر) ، وضمت إلى جانب الأحزاب ممثلين للنقابات ، وخرجت الجبهة الإسلامية القومية من الحكومة ، حيث شهدت البلاد صراعات حزبية ، وتدهور الامن وتصاعد الحرب في الجنوب ، وكانت الحكومة قد مهدت لتنفيذ اتفاقية السلام وابرز ما دعت إليه قيام المؤتمر الدستوري في 1989 ، ولكن انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 قطع الطرق تجاه ذلك ، ولو اكتملت دورة الديمقراطية لكان الحل لكل قضايا السودان سودانيا ، ودون أن يدفع الوطن ثمن الصراعات الحزبية والمغامرات الانقلابية . حيث خلت الممارسة من الاتفاق على القضايا القومية وانعدمت المساواة وقيم الديمقراطية الصحيحة والفشل في ترسيخ الديمقراطية ممارسة وسلوكا.



(19)


انحسر تأييد القوى التقليدية (الأمة و الاتحادي ) بالقياس إلى مكان عليه الحال في انتخابات عام 1968 ففي الوقت الذي نال فيه الحزبان الكبيران 146 دائرة من مجموع 158 في الشمال في عام 1968 ، كان عدد الدوائر التي أحرزا نجاحا فيها في عام 1986 هي 161 دائرة من مجموع 205 ، مما يعني انخفاض نسبة نجاحهما من 90 % إلى اقل من 80% ، وكان اكبر الأحزاب استفادة من هذا الانحسار "الجبهة الإسلامية القومية" إذ ارتفعت الدوائر التي نجحوا فيها من مقعدين في عام 1968 تحت لافته "الأخوان المسلمون" إلى 28 مقعدا في العام 1986 ، يليهم في نسبة النجاح الحزب القومي (حزب أهالي جبال النوبة) الذي ارتفع عدد نوابه من مقعدين في عام 1968 إلى 8 مقاعد في عام 1986 ، ولا شك في أن القراءة الفاحصة لنتائج الانتخابات تنبئ عن بوادر تحولات هامة ، ومع ما أحرزته الجبهة الإسلامية من نجاح ملحوظ بالمقارنة مع انتخابات 1968 إلا أن مجموع ناخبيهم لم يتجاوز السبعمائة ألف بكثير في الدوائر الجغرافية ، في الوقت الذي بلغ فيه مجموع ناخبي الأمة والاتحادي الديموقراطي المليونين ونصف المليون ، ومن الجانب الأخر فإن عدد اللذين شاركوا في الانتخابات في الشمال من مجموع الناخبين يقل عن الخمسين بالمائة وهي نسبة ضعيفة إن قورنت بما كان عليه الحال في الماضي مما يعني أن أكثر من نصف الذين يحق لهم التصويت لم يكن راضيا عن الذي يراه في الساحة بكل ما عجت به من قوى سياسية لهذا اثروا الامتناع عن ممارسة حقهم في الانتخابي . ومن بوادر انحسار تأييد الحزبين الكبيرين في الخرطوم عما كان عليه الحال في عام 1968 إذ حصلت "الجبهة الإسلامية القومية" على 13 مقعدا فيها في حين حصل الشيوعيون على مقعدين وهذا يمثل نصف مقاعد العاصمة 31 مقعدا ، ومنها نجاح الحزب القومي السوداني في الحصول على مقعد في قلب الخرطوم مما ينبئ عن الآثار السياسية التي ترتبت وستترتب على الهجرة المتزايدة من الريف إلى المدينة ، ومنها أيضا تعدد مرشحي الأحزاب في بعض الدوائر مما كان له اثر كبير في فشلها في تلك الدوائر وظاهرة تعدد المرشحين لا تكشف عن انفراط العقد في هذه الأحزاب فحسب ، وإنما أيضا عن الصراعات الممزقة داخلها ، وهي صراعات يعود بعضها إلى الطموح الشخصي ، ويعزي أكثرها إلى غياب الرؤية المشتركة والديمقراطية الداخلية . على أن اخطر البوادر قدرة "الجبهة الإسلامية القومية" على اختراق الدوائر الجغرافية ودوائر الخريجين بالرغم من حجمهم المجهري بالنسبة لحجم مؤيدي الحزبين التقليدين ووزنهم العددي الضئيل بالقياس الى مجموع الخريجين ، ومن ابرز أسباب نجاهم :
- هامش الحرية والحركة في عهد مايو
- مساعدة المجلس العسكري الانتقالي في وضع دوائر الخرجين ورفض التمثيل النسبي .
- عدم معاناتهم من أزمة أجيال .
- - قدرتهم على الاستيعاب وتوسيع القاعدة .
- تحديث وسائط ووسائل التنظيم الحزبي في العمل التعبوي وإلا علام والإعلام المضاد ، وقياس الرأي العام ، والمناشط اللوجستيكية .







(20)

انتخابات 2000
انتخب الفريق عمر حسن احمد البشير ، بعد حل مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني ، رئيسا للجمهورية في سنة 1996 وحصل على 75% من أصوات الناخبين فيما حصل 40 مرشحا منافسين له على 25% من الأصوات وقاطعتها الأحزاب التي حظرت من العمل السياسي ، وبلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 55% ، وحلى الرئيس عمر المجلس الوطني عام 1999 اثر خلاف مع رئيس المجلس الدكتور حسن الترابي وتم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال الفترة 13-23 ديسمبر 2000 انتهت بفوز الرئيس عمر حسن احمد البشير بفترة رئاسية مدتها 5 سنوات بعد حصوله على نسبة 68.5 % من أصوات الناخبين الذين بلغوا 8.351.273 وفق ما أعلنته الهيئة العامة للانتخابات . ونافسه 4 مرشحين هم : جعفر نميري وحصل على 9.6% ومالك حسين وحصل على 1.6% ، والسيمت حسين عثمان وحصل على 1.0% ، ومحمود احمد جنة وحصل على 1.0% . وقاطعت هذه الانتخابات أحزاب ( الأمة – الاتحادي الديمقراطي – المؤتمر الشعبي – الحزب الشيوعي – تجمع الأحزاب الجنوبية ) إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تسيطر على معظم مناطق الجنوب ، والى جانب العجز عن إجرائها في ما يزيد عن 35% من الأراضي السودانية التي خضعت للمعارضة في الجنوب وجنوب كرد فان وجبال النوبة والانقسنا والنيل الأزرق والشرق ، ويصعب قبول إعلان الهيئة العامة للانتخابات عن مشاركة 65.5% من الناخبين البالغ عددهم 12 مليون وحسب المنظمة السودانية لحقوق الإنسان فإن المشاركة لم تتجاوز 7% من مجموع الناخبين. ويتأكد اثر المقاطعة للانتخابات فوز 20% من المرشحين بالتزكية ، ( الإجماع السكوتي) وفق التعبير الرسمي ، وارتفعت النسبة إلى 35% مع بداية الاقتراع جراء انسحاب منافسيهم القلائل.

التجاوزات والسلبيات

لكل ما سبق افتقدت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت خلال ديسمبر الي التنافس الحقيقي، وكان سير مراحلها المختلفة محلاً لانتقادات واتهامات واسعة يمكن إيجازها فيما يلي:
- اعتبرت الهيئة العامة للانتخابات، والتي تولت تنظيم الانتخابات والإشراف عليها، غير مؤهلة بسبب غياب مرجعيتها الدستورية. فحسب المادة 128 (1) من الدستور الساري فإن هيئة الانتخابات مسئولة لدي رئيس الجمهورية والمجلس الوطني (البرلمان) عن أداء أعمالها. وحيث يغيب المجلس الوطني منذ قيام رئيس الجمهورية بحله في 12 ديسمبر 1999 تكون دستورية قيام الهيئة بأعمالها منقوصة.
- حيث أن المرجعية الأخرى للهيئة هي رئيس الجمهورية، الذي يرأس في ذات الوقت أحد الأحزاب المتنافسة في الانتخابات ومرشحها للرئاسة، فإن ذلك يثير مزيداً من الشكوك في قدرتها علي القيام بأعمالها في حيدة ونزاهة.
- في مخالفة للمادة (21) من قانون الانتخابات والتي تشترط علي الموظف العام تقديم استقالته من منصبه عند ترشيح نفسه للرئاسة وذلك تطبيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص ودرءاً لشبهة استغلال النفوذ، احتفظ مرشح الحزب الحاكم بمنصبه قائداً للقوات المسلحة.








(21)

- شهدت العملية الانتخابية استغلالاً واسعاً للنفوذ من قبل الوزراء والولاة والمحافظين وكبار مسئولي الدولة لمصلحة المرشحين منهم أو المرشحين عن حزبهم. وتضمن هذا علي استخدام إمكانيات وموارد الدولة لمصلحتهم.
- غياب مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين تارة لأسباب مالية وتارة أخري بفعل سيطرة مرشحي الحزب الحاكم علي موارد الدولة وإمكاناتها. ومن هذا فرض رسوم مالية تتجاوز 130 مليون جنيه علي كل مرشح للرئاسة، ولم تكن سجلات الناخبين متاحة للمرشحين، وتكلفة الحصول علي سجل الناخبين علي مستوي الدولة بـ 6 مليون دينار.
- ممارسة التهديد والابتزاز والإغراء ضد بعض المرشحين لحملهم علي التنازل لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم، .
- تولي الجهات الرسمية تصريف أعمال الانتخابات في عدد من المناطق النائية بدلاً عن لجنة الانتخابات.
- القصور الذي شاب سجلات الناخبين، بخلوها من أسماء العديد من الناخبين في مختلف الدوائر الانتخابية والسماح لرؤساء اللجان في الولايات بتعديل الكشوف الانتخابية بدعوى معالجة الأسماء الساقطة غير أن ذلك فتح باباً واسعاً للتلاعب.
- قيام مندوبي الحزب الحاكم بممارسة أساليب فاسدة في المراكز كان منها شطب أسماء في السجل الانتخابي لحرمان أصحابها من الانتخاب، والسماح لبعض الناخبين بالاقتراع دون مطالبتهم بإبراز بطاقات إثبات الشخصية، وإعطاء بعض الناخبين أكثر من بطاقة انتخابية واحدة.
- التلاعب في عمليات الاقتراع، وفي بعض الحالات –مثال المراكز 3 و 15 بالدائرة 17 بامدرمان- أبقت اللجنة علي صناديق الاقتراع مفتوحة وغير مختومة. وفي حالات أخرى طالب ضباط الانتخابات (مثال دائرة المسيد جنوب الخرطوم) الناخبين بإجراء التصويت بأقلام الرصاص ما يشير إلي نوايا للتزوير.
- عدم توفر الأمن في عدد من الدوائر الانتخابية
- إحضار شاحنات محملة بالجنود للاقتراع في دوائر لا ينتمون إليها.
- غياب مندوبي المرشحين للرئاسة من معظم مراكز الاقتراع التي تجاوزت مائة ألف مركز، نتج عنه عدم وجود رقابة علي العملية الانتخابية.
- عدم التزام الهيئة العامة للانتخابات ولجانها بالجداول الزمنية المحددة، وتمديد الفترة الزمنية لفتح المراكز الانتخابية لما بعد الوقت المحدد (الحادية عشر مساء) وذلك لمصلحة مرشحي الحزب.










(22)

المؤتمر الوطني ..رؤية تنظيمية :
استعد حزب المؤتمر الوطني لانتخابات 2009 ، بل تحدى الاحزاب الاخرى ، بالفوز بها ، وهو يملك مقدرات دولة ، وظل على سدة الحكم لمدة 20 عاما ، وفي خلال ذلك اختبر قوته من خلال انتخابات رئاسية وبرلمانية 1996-2000 .وتبدأ وثيقية (الرؤية التنظيمية) للمؤتمر الوطني جرد الخبرات الانتخابية ضمن تناولها ل"مرحلة السجل الانتخابي" باعتبارها " مرحلة الهمة والاستعداد المحسوب للمرحلة الحرجة وهي مرحلة الانتخابات" و توجز مشكلات التنظيم في أنه و " عبر سنين الانقاذ الماضية خاصة مرحلة التحول من الشرعية الثورية إلى مرحلة الشرعية الدستورية تلاحظ ضعف اهتمام العضوية الشديد بتسجيل اسمائهم وبالتالي فشلها في استقطاب الآخرين للتسجيل بالرغم من أن التسجيل كان يتم من منزل الى منزل". وهذا مؤشر قوي وأساسي أنه كان الاعتماد يتم منذ البداية وعبر مراحل الانقاذ السابقة على قوة الدولة في تنظيم وامضاء كل الانتخابات الماضية الكبيرة والصغيرة ، على مستوى السودان (انتخابات رئاسية، أو تشريعية) وعلى مستوى الجامعات والنقابات وغيرها . و أن " الضعف أعلاه ادى الى انفلات منظومة السجل الاجرائية وهي الضابطة لصحة الاقتراع لاحقاً مما اضطرنا الى القيام باجراءات استثنائية قادت الى سلبيات قدحت في صحة الانتخابات واضعاف هيبتها في أعين الجمهور ومن هذه السلبيات :
-قبول القوائم دون حضور الافراد وهي عملية تسجيل قد يكون بها كثير من الاخطاء بل والمسجلين لا رغبة لهم في الانتخابات اصلاًً.
- تسجيل الأسماء من واقع كشوفات البطاقة التموينية التي بها الصغار والكبار والتي بها كثير من الاسماء الوهمية زيدت بواسطة الأسر لاغراض عملية صرف السكر والاضطرار الى فتح السجل حتى في مرحلة الاقتراع لاضافة السواقط وبالتالي زيادة عدد المسجلين بكميات كبيرة اضعفت النسبة العامة للأنتخابات كما ادت الى مجاولات كثيرة من الاخرين لاستغلالها.
- اعتماد التنظيم على اللجان الشعبية لتسجيل الاسماء دون أن يكون لديه دور اداري واضح لمتابعتها وترتيب اوضاعها وعدم حث الدولة لتوفير الامكانيات لها لذلك جاءت كل التجاوزات المذكورة اعلاه تأسيساً على أن للجان الشعبية لم تعر الاهتمام اللازم لعملية التسجيل ولا الانتخابات لاحقاً .
- لم يوظف التظيم واجهاته الاخرى على كثرتها لتساهم في عملية التسجيل من منطلق رسالي مبدئي هدفها حشد الناس في كل المراحل لانجاح الانتخابات مع أن الانتخابات في كل مراحلها تعد مسألة استراتيجية تهدف الى شحذ الهمم في نفوس الجماير (مرحلة الشرعية الدستورية) وضمان استدامة هيبة السلطة والتي شكلت السلبيات بعضاً من اسباب اهتزازه ... كل الواقع اعلاه اسهم بصورة كبيرة في عدم ظهور الانتخابات بالمستوى المرجو سواء كانت مجالس تشريعية أو رئاسية"


(23)
أما حصاد التجربة والخبرة تلك فتحدد وثيقة (الرؤية التنظيمية) ثلاث (مشكلات) هي :
- غياب البعد الحضاري التخطيطي للأنتخابات مما افرغ الفكرة تماما من محتواها وصارت شكلا بلا مضمون ولا يدري كثير من الناس ما الذي يجرى وقد لم يسمعوا بها اصلا حتى تنتهي ويظهر ذلك في ضعف المشاركة كما أن الانتخابات لم تثر اهتمام احد من المنظمين اذ لا معنى ان لا يشارك في الاقتراع اغلب المنظمين بما فيهم بعض القيادات " .
- غياب البعد التعبوي الجاد للأنتخابات الاعلامي والشعبي ولم يخلق الجو الزمني المناسب لا ستلاب عقول الجمهور وشدهم للحدث وبالتالي المشاركة ولو بأضعف الايمان وهو الاهتمام بالحدث ادي ذلك الى اضطرار لجان الانتخابات لتحريك صناديق اقتراع من منزل الي منزل في بعض المراحل" .
- ضعف المنافسة اذ لم تتحمس قيادات المؤتمر الوطني لخلق أي نوع من المنافسة لا السياسية ولا القبلية ولا الفئوية ، مما جعل كثير من مرشحي الحزب يفوزون بالتزكية التي قوامها العزوف التام عن المشاركة السياسية من الاخرين ، كما أنه لم تقم دوائر الحزب او التنظيم بأي مجهود لوضع سيناريوهات مناسبة.وتقوم خطة المؤتمر الوطني لخوض الانتخابات على الاتي :
* لجان الانتخابات ستتكون من الضباط الإداريين والقانونيين والمعلمين.
*توفير ميزانية تليق بالحدث الذي ينتظرنا ويفضل أن يسعى لتوفير المعينات أكثر من التعامل النقدي حتى نستطيع توظيفه بطريقة مثلى و في مجال التنسيق لا بد من توظيف كل الواجهات في:
1- أئمة المساجد. 2- لجان المساجد. 3- لجان الزكاة. 4- النقابات. 5- الاتحادات المهنية. 6- اتحادات الطلاب والمرأة والشباب وروابط الطلاب بالجامعات. 7- الأندية الرياضية والاتحادات الرياضية. 8- الطرق الصوفية. 9- منظمات المجتمع المدني. 10- الجمعيات التعاونية. 11- جمعية ربات البيوت. 12- رابطة المرأة العاملة. 13- صندوق دعم الطلاب (مشروع كفالة الطالب). 14- مشروعات مصرف الادخار. 15- زعماء القبائل والسلاطين. 16- اتحادات المزارعين... الرعاة... أصحاب العمل. 17- الخلاوي.
*رصد حركة الأحزاب المعارضة وإبطال مفعولها عبر التعامل الذكي مع ما يثار دون انفعال ورصد التدفقات المالية الخارجية وحجزها ما أمكن.
* تكوين المفوضية بشكلها الجديد يحتم علينا أن نقدم لها الأكفأ والأقدر خاصة وأننا قبلاً كنا نكون لجنة الانتخابات منفردين ولا بد من تزويده برؤى الحزب مبكراً ومكتملة.
* مراجعة السجل الدقيقة وتقديم أكبر عدد من الطعون في عضويتهم وضمان عدم تصويت الشخص أكثر من مرة.
*الاتصال المبكر بقيادة الطرق الصوفية وزعماء القبائل والعشائر عبر مداخل مقنعة لهم.









(24)
* استصحاب البعد القبلي في الدوائر والقراءة الدقيقة لواقع كل دائرة.
* إكرام المعلمين والضباط الإداريين والقانونيين قبيل الانتخابات بسداد حقوقهم ومستحقاتهم.* استقطاب الشخصيات المفتاحية من محترفي الانتخابات رجالاً ونساءاً وشباباً وطلاباً وتقديم *حوافز لهم لها صفة الديمومة مثل بطاقات التامين أو علاج المرضى.
* تجنب القرارات التي تعبئ الشارع ضد الإنقاذ مثل الزيادات في الوقود أو السلع الاستراتيجية، وضخ حزمة إنجازات قاعدية خدمية يحس بها المواطن مباشرة وترتيب عمل الزكاة والمنظمات ليصب في هذا الاتجاه واتخاذ إجراءات اقتصادية تصب لصالح المواطنين.
* المرأة عنصر رئيسي في حسم هذه المعركة لذا وجب علينا أن نوليها عناية فائقة وتنظيم صفها واختيار نساء في الأحياء وتمكينهن مبكراً ورعايتهن بالتدريب.
* توحيد أهل القبلة وإدارة حوار مبكر معهم والسعي لعدم ترشيح كوادر قوية منهم لكيلا يكون ذلك خصماً من رصيدنا والمفاضلة والمعايرة بين المرشحين.
حوسبة عمل كل لجنة بها صندوق اقتراع ويشرف على هذا الجهاز المعاقين حركياً ويتم تدريبهم مبكراً.


خلاصة :
*الانتخابات سلاح ذو حدين ، يمكن ان تكون منهاجا للتحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وتعبيرا حقيقيا عن رغبة واختيار الاغلبية ، ويمكن في الوجه الثاني ان تستغل لاعطاء شرعية زائفة عبر تزوير الانتخابات ، وانتخابات 2009 يمكن ان تكون إداة للتحول الديمقراطي إذا جرت في اجواء حرة ومراقبة دوليا بما يحقق نزاهتها ، ومن نتائجها المتوقعة تغيير نسب الحكم الحالية 52%لمؤتمر الوطني 28% الحركة الشعبية 14% القوى الشمالية 6% القوى الجنوبية ، وستشهد تحالفات ، حيث يسعى الشريكان "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية " لتعزيز مكاسبهما ، وبالمقابل فإن الحزبين التقليديين "الامة والاتحادي" سيسعيان لتحالف لاستعادة سلطتهما المسروقة بانقلاب 30 يونيو ، وهناك حديث عن تحالف عريض لكل الاحزاب لهزيمة المؤتمر الوطني وابرز من نادى بذلك حركة"حق" وحزب الامة . وهذا لن يتحقق في ظل الانشقاقات التي تضرب الاحزاب وايضا كثرة الاحزاب ، وضعف تنظيمها ، وقدراتها المالية وافتفارها للكوادر المؤهلة.
* يؤسس الدستور الانتقالي 2005 ، رغم نصه على العديد من مبادئ الحقوق الاساسية والحريات ، احتكارا ساحقا للسلطة للشريكين في الشمال والجنوب ويعتمد في شغل المناصب العليا والمرتبطة بالمفوضيات ذات الصلة بالانتخابات على مبدأ التعيين وليس الانتخاب او التمثيل لكل الطيف السياسي . وارسى الدستور شكلا فدراليا غير متوازن للحكم بين الشمال والجنوب خلال الفترة الانتقالية ، تأثير النزاع المسلح في دارفور قد تؤثر في عملية التعداد وعدم قيام الانتخابات في بغض اجزاء الاقليم لعدم توفر الامن .







(25)
* الأوضاع السياسية والأمنية اقرب إلى الاضطراب، و عدم توفر جو مثالي لعمل سياسي متسق مع الحوجة لقيام الانتخابات في إطار البحث عن الحلول الحقيقة التي تفضي للتحول الديمقراطي. والخروج من دائرة التنبؤ بما هو أسوأ من خلال المعطيات المقروءة والمشاهدة نتاج تبعثر الملفات الحقيقية والمطلوبة للخروج من دوامة الهوية السياسية للدولة.و يقود احتدام الصراع حول المكتسبات السياسية الضيقة بين احزاب حكومة الوحدة الوطنية والقوى السياسية المختلفة لنوع من الاحتقان السياسي العام ويؤدي لافساده.
* لاتزال القوى السياسية غارقة في التعامي عن الحلول الحقيقية، ومجتهدة في حرب التراشقات اللفظية والاعلامية بعيداً عن محاولات حقيقية للانضباط السياسي المفقود، والمسئولية في لعب ادوار للصالح القومي آخذين في الاعتبار الكثير من مواسم الاخفاق السياسي. و التراشقات الاعلامية بين القوى السياسية لها تأثيراتها على مسارات الفترة المقبلة.

* يلعب الاعلام دورا مهما في الدعاية الانتخابية واللافت للنظر أن الاحزاب السودانية التي تعد في خانة المعارضة تشكو من سيطرة المؤتمر الوطني على كافة الاجهزة الاعلامية القومية ومحاولات مستمرة لتدجين الصحافة السودانية، في محاولة لتشكيل (وعي جماهيري انتخابي) محدد إزاء طرح وخدمة البرامج التي يفضلها المؤتمر الوطني، الخارج من تركة سنين الانقاذ الطويلة مستأثراً بالسلطة التشريعية التي تعمل على صياغة القوانين بالتراكم والبناء على ما هو موجود من قوانين. بينما يصر المؤتمر الوطني على أن برامج القوى السياسية كيدية وتعمل على التخلص فقط من النظام القائم.

* الشفافية مطلوبة في ضبط المال المتعلق بالعملية الانتخابية ككل بالنسبة للحكومة والمعارضة على حد سواء ، وفي سياق التافس قد تبرز ممارسات فاسدة سواء في طور الحملات الانتخابية وحشد الناخبين ، فالتنافس مطلوب ولكن بوسائل مشروعة ، فعلى سبيل المثال نشط الامام الصادق المهدي في حملات لحزبه في الغرب لحشد انصاره وفي المقبل نافسه المؤتمر الوطني لسحب البساط من تحت اقدامه بتوزيع معينات انتاج ووقتها قال المهدي – وهو صاحب الاقوال التي تذهب مثلا- "اكلوا توركم وادوا زولكم" وهو ما اعتبره المراقبون غير مقبولا ويدخل فب باب الفساد السياسي وهو ما نفاه الامام المهدي .

* ويرتبط بذلك ايضا ظهور "سماسرة الانتخابات " ، ويتوقع ان تتطور اساليبهم في الحشد وشراء الاصوات في ظل سطوة المال وذل الحاجة ، وهولاء لا يخضعون للقواعد ، وهم بلاء ولاءات ، وسيبنكرون اساليب جديدة لكسب الولاء في ظل اختذال الوطن في القبيلة . وايضا فغن الشعارات ستتغير في ظل تصادم المشروعين للشركين المتشاكسين ، او قوى السودان القديم وقوى السودان الجديد ، وفي انتخابات 1986 كان انصار الاسلاميين يرددون " يا الله يا رحمن ..تفوز علي عثمان ..لا بعثي لا شيطان ..الشيطان نقد ..انا مالي .الاسلام دخل دياري فيما كان يردد انصار التيار المضاد "السدنة ديل ماتصوتوا ليهم " ، اما في هذه الانتخابات فسيكون العمل ب"الموبايلات" و"اللاتوب" وستكون الشعارات "الدنيا مصالح" " و"انفع واستنفع" و"حقناوين" ، وكل ذلك يعتبرا مدخلا لشراء الاصوات .




(26)

*أهمية الإحصاء والتعداد السكاني لا تنحصر في الانتخابات فقط، ولكن لضرورته بشكل أساسي فيما يتعلق بمقتضيات التخطيط الاقتصادي الاجتماعي ولمعرفة الواقع السكاني في البلاد و احتياجاته الراهنة والمستقبلية. وتكمن الأسباب العملية التي يمكن من أن تؤخر التعداد والانتخابات معاً بجملة التعقيدات الموضوعية المتعلقة بالوضع الأمني في ولايات دارفور وبعض الولايات الجنوبية وضخامة أعداد النازحين واللاجئين من هذه الولايات إلى مناطق أخرى داخل السودان وخارجه.، وهذه قضية مهمة يجب أن يتركز عليها اهتمام الأحزاب السياسية باعتبارها الخطوة الأساسية لقيام انتخابات حرة ونزيهة. وضرورة التأكد من مشاركة الأحزاب السياسية في عملية التعداد السكاني في كل مراحلها بهدف ضمان قوتها وشفافيتها وخبرة وكفاءة القائمين بإدارتها
*من ابرز الايجابيات نشاط مراكز الدراسات والبحوث واستطلاع الرأي في استقراء الواقع والتنبوء بالمآلات وعلى سبيل المثال ويمكن النظر إلى تلك التجربة المثمرة لمنظمات المجتمع المدني والتي تمثلت في معهد أبحاث السلم بجامعة الخرطوم الذي قام بإعداد مسودة لمشروع قانون الانتخابات والذي أعده نخبة من الخبراء بقيادة رئيس القضاء السابق خلف الله الرشيد في محاولة للوصول لأساليب جديدة للانتخاب تؤسس لما يمكن أن يصب في خانة النجاح والمكسب لكل القوى السياسية و أجرت وحدة قياس الرأي العام التابعة لمركز تنمية الديمقراطية استطلاعاً مبكراً للانتخابات القادمة، كشف عن تغييرات أساسية طرأت على الخارطة السياسية وأكدت نتيجة الاستطلاع إكتساح الحركة الشعبية للانتخابات القادمة في ولايات الجنوب بنسبة 98%، ومنطقتي جبال النوبة بنسبة 94%، وأبيي بنسبة 97%، فيما سيحقق المؤتمر الوطني تفوقاً في شمال السودان باستثناء ولايات دارفور، وشرق البلاد حيث ستكون الغلبة لحركات دارفور، وجبهة الشرق ، ونال المؤتمر الوطني نسبة 42% من الأصوات في الخرطوم، الجزيرة، نهر النيل، الشمالية، سنار والنيل الأزرق، بينما حصلت الحركة الشعبية على 20% من أصوات الشمال، و«23»% فقط لحزب الأمة (صاحب الأغلبية في آخر انتخابات 1986) وحصل المؤتمر الشعبي على 6% من الأصوات، فيما نال الحزب الشيوعي 5%، و4% فقط للإتحادي الديمقراطي (المرجعيات). وأشار التقرير إلى انحسار شعبية حزب الأمة في ولايات دارفور لتحل محله «الحركات» بنسبة بلغت 87%، كما انحسرت جماهيرية الحزب الإتحادي الديمقراطي في شرق السودان مقابل صعود نجم «جبهة الشرق» التي حققت 93% في ولايات شرق السودان الثلاث (كسلا، القضارف، والبحر الأحمر). وشمل الاستطلاع (4) آلاف مواطن في شمال السودان، و«ألف» مواطن في غرب السودان، و«ألف» في شرق السودان، وألفي مواطن في جنوب البلاد وتوقع الاستطلاع وحدة «الوطني» و«الشعبي» قبيل الانتخابات بقليل. ويرأس الهيئة الاستشارية للمركز مولانا أبيل ألير ورئيساه المناوبان هما البروفيسور يوسف فضل حسن، والشيح حسن أبو سبيب. ويدير المركز الأستاذ محمد عبده محي الدين.
_____________________

يقترح كاتب الورقة ان تتفق جميع الاحزاب على الموعد المضروب لقيام الانتخابات في 2009 على ان تقدم حكومة الوحدة الوطنية تنازلا تاريخيا بحل نفسها وتكوين حكومة انتقالية ، من شخصيات لم تشارك من قبل في اي حكومة او من تكنوقراط ، ويكون عمرها عاما واحدا 2008 ، ومهمتها انهاء ازمة دارفور والاشراف على الاجراءات لقيام الانتخابات في موعدها المحدد ، على ان يكون عمر البشير رئيسا وسلفا كير نائبا .

(27)
المراجع:
- إسماعيل الأزهري – الطريق إلى البرلمان .
- محمد احمد المحجوب- الديمقراطية في الميزان.
- محمد محمد احمد كرار – انتخابات وبرلمانات السودان.
- د.منصور خالد – النخبة السودانية وإدمان الفشل.
- د.عبد الرحيم عمر – الترابي والإنقاذ ..صراع الهوية والهوى .
- المنظمة السودانية لحقوق الإنسان - تقرير حول انتخابات 2000 .
- مركز تنمية الديموقراطية – استطلاع رأي 2007.
- مقالات نشرت في صحف: السوداني – الصحافة – الرأي العام – الميدان –
سودانا يل – سودانيز اونلاين .
- اتفاقية السلام الشامل 2005
- قانون الأحزاب 2006
- قانون الانتخابات 1995-1998


ملاحق :
نتائج انتخابات 1986
نتائج انتخابات 1996
نتائج الانتخابات الرئاسية 2000