الاثنين، 6 يوليو 2009

حوار مع الفريق الزبير محمد صالح


نائب رئيس الجمهورية السوداني في حديث شامل لـ"المستقلة":
لمصر دور ريادي ومركزي يقدره السودان وحضارتها تسبق التاريخ نفسه
لمست من الرئيس مبارك انفتاحا اخويا واهتماما عميقا بأمر السودان
أبواب الحوار لازالت مفتوحة للمعارضة وللمساهمة في العمل الوطني
لا عودة للمجموعات التي افسدت الحياة وطلبت عون الاجنبي للعودة لكراسي الحكم
مهمة الجيوش حماية البلاد وينبغي صياغة الجندية لتسهم في البناء الاجتماعي
تتهمنا امريكا بالرق وانتهاك حقوق الانسان وهي صاحبة احلك تاريخ لممارسة الرق في العالم
الخرطوم:5 يناير 1998:
أكد الفريق الزبير محمد صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية السوداني في حديث شامل لـ"المستقلة" أهمية عودة العلاقات السودانية المصرية إلى طبيعتها الأخوية لخدمة المصالح الإستراتيجية المشتركة بين البلدين. وقال انه لمس من الرئيس المصري حسني مبارك في مباحثاته الأخيرة معه بالقاهرة انفتاحا اخويا وصادقا وعميقا بأمر السودان. وشدد الفريق الزبير محمد صالح على الدور الريادي والمركزي لمصر في الوطن العربي والعالم الإسلامي معتبرا أن دعمها ونصرتها واجب على كل الدول العربية والإسلامية. وقال إن السودان يعرف هذه المكانة لمصر ويقدر دورها السياسي الكبير على امتداد التاريخ وان مصر بلد كبير ذو حضارة متفردة في التاريخ وهي حضارة عريقة تكاد تسبق التاريخ نفسه، والسودان معتز بروابطه الاجتماعية والثقافية والسياسية والجغرافية معها وحريص على التكامل بين البلدين في كافة المجالات.
وقال النائب الأول في رده على أسئلة "المستقلة" حول الحوار الوطني بان الدولة لا تدعي العصمة لسياستها ولا تمتنع عن الرجوع سياسة تبين الخطأ فيها باستمرار. وانتقد في حديثه من اسماهم بالمجموعات السياسية التي أفسدت الحياة في السودان وخرجت تلتمس عون الدول الأجنبية لحرب السودان لإعادتها لكراسي الحكم. وأمن النائب الأول على أهمية استكمال البناء الدستوري للدولة خلال العمل الذي تقوم به حاليا اللجنة القومية للدستور. وتطرق الحوار أيضا إلى عدة موضوعات أخرى هذه تفاصيلها:
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
· كيف ينظر الفريق الزبير محمد صالح لواقع الإنقاذ بعد مرور ثمانية سنوات وما حققته سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؟
- استطاعت الإنقاذ بحمد الله أن تحقق الاستقرار والأمن الداخلي للمواطنين وان تحد من التهديد العسكري لحركة التمرد وان تستنهض الأمة للدفاع عن الوطن بصورة لم يسبق لها مثيل وان تنشر التعليم العام والعالي في كل البلاد بنسبة 1000 للجامعات و1500 للتعليم العام. أحدثت الإنقاذ التغيير الاجتماعي في الفرد وازدادت العلاقات الاجتماعية متانة والوحدة الوطنية تماسكا. طبق نظام الحكم الفدرالي الذي انتقلت به السلطة للولايات فازدادت نسبة النمو في البلاد ونسبة الاستقرار في الأصقاع ونسبة المشاركة السياسية لدى الإفراد. قضت بحمد الله على مهددات الأمن الغذائي وازدادت نسبة الإنتاج وتوفرت السلع الضرورية التي كانت إلا في السوق السوداء. امتدت الطرق في أنحاء البلاد لأكثر من ألف كيلومتر شرقا وشمالا وجنوبا وغربا ووسطا. وفي العاصمة القومية ، لاحت معالم السلام الشامل والاستثمار الكبير في مجال البترول، وما زالت هناك مشكلات أساسية في الاقتصاد والسياسة والأمن تنتظر المعالجة.
جهود السلام
· السلام أمنية عزيزة اتجهت الإنقاذ بقوة لتحقيقها فبدأت بمؤتمر الحوار الوطني حول قضايا السلام، فكيف تقيم ما حققته الإنقاذ في هذا الصدد عبر المحطات والعواصم ؟
1- محادثات أديس أبابا
2- محادثات نيروبي
3- مفاوضات ابوجا(1)(2)
4- المفاوضات المرتقبة في نيروبي 28 أكتوبر وتوقعاتك لها؟

- محادثات أديس أبابا في 1989 كان هدفها إيجاد صلة للتفاهم مع الحركة الشعبية التي كانت في ذلك الوقت في قمة نشوتها من انتصاراتها العسكرية.
- محادثات نيروبي كانت المحطة التي بدأت منها مسيرة السلام رغما عن الضغوط الخارجية التي مورست على الحركة الشعبية (المتحدة) في ذلك الوقت.
- مفاوضات ابوجا الأولى والثانية نتج عنها انكشاف أهداف جون قرنق الحقيقية وأهدافه الخفية وارتباطه بالسياسة الأمريكية الرافضة للسلام ومراوغته لتجنب الوصول لأي نوع من الاتفاق مع الحكومة ولو كان بيانا مشتركا.
- مفاوضات نيروبي 28 أكتوبر تحت مظلة الإيقاد أوضحت الموقف القوي للحكومة في طرحها وخياراتها في قضية السلام وانكشف فيها الدور الأمريكي الذي برز من خلال إعلان العقوبات ضد السودان أثناء المفاوضات مما حدا بوفد التمرد طرح الخيارات التعجيزية بقيام انفصال الدولتين في السودان وهو ما لم يرد في مبادئ الإيقاد. ونتوقع مزيدا من هذا الانكشاف في الجولات القادمة.
· برنامج السلام من الداخل أصبح جاذبا كيف تقيم انضمام قيادات الحركة إلى هذه المسيرة؟
- السلام من الداخل يقوده نخبة من السودانيين من الشمال والجنوب بعضهم شارك في الحركة ولكنه اقتنع بأنها تحت قيادة جون قرنق ستكون محرقة للبلاد.وقد نتج عن مسيرة السلام من الداخل أن ألقت أكثر من ثلاثة عشر فصيلا مسلحا السلاح وقاد الأمر في النهاية إلى المفاوضات التي قادها دكتور رياك مشار وصحبه كاربينو واروك طون أروك واشان وغيرهم والتي حققت توقيع الميثاق السياسي ثم اتفاقية الخرطوم للسلام في 21 ابريل 1997 وهي الاتفاقية التي علق المراقبون بأنها أعطت المواطنين في الولايات الجنوبية فوق ما يرغبون.
· الثقة عنصر مهم في تحقيق السلام والوئام بين الشمال والجنوب ، كيف كان أثرها في مفاوضات في مفاوضات فشودة ، ماهي التطمينات التي تمت في أجواء هذه المفاوضات؟
- مفاوضات فشودة 1997 استمرار لمفاوضات سابقة في نفس المدينة قادها شهداء السلام احمد الرضي جابر وأبو قصيصة وإخوانهما مع دكتور لام أكول ومجموعته وقد بدأت منذ ذلك التاريخ في غرس بذور الثقة التي كان غيابها سببا رئيسيا في الحرب . غير أن بناء الثقة يتطلب وقتا وجهدا وصبرا.والمحادثات لا تبنى فقط على الضمانة إنما على مبادئ واضحة والتزام من الأطراف . وما يزال الأطراف على عهودهم والتزاماتهم نحو ما وقعوه من مواثيق.
الزبير ومحاولات الانقلاب
· قبل مجئ الإنقاذ في 30 يونيو اتهم الزبير محمد صالح بمحاولة انقلابية فاشلة واعتقل، ما هي ملابسات هذا الانقلاب وهل ما جرى جزء من لما تم في 30 يونيو؟
- التذمر من تدهور الأوضاع السياسية والأمنية كان سمة كل قيادات القوات المسلحة في ذلك الوقت ونعيد للأذهان مذكرة القوات المسلحة التي سلمت لمجلس رأس الدولة في اوائل 1989 ولو لم اقم بالمحاولة لقام بها غيري استشعارا للمسئولية نحو مستقبل البلاد.
· أين كان الزبير محمد صالح في 30 يونيو وماذا فعل في إطار لما هو مخطط له؟
- كنت في الحبس من المحاولة الأولى ولكني كنت أتابع ما يجري بالصلة الواصلة بيني وبين إخوتي الذين نفذوا حركة الاستيلاء على السلطة .
· ما هي علاقتك بالفريق عمر على المستوى الشخصي و وعلى مستوى حركة 30 يونيو وعلاقاتك بقادة الإنقاذ ؟
- هي علاقة الأخ بأخيه، بيننا حبال وثيقة من الاحترام العميق وأكن مودة خاصة لأدبه الجم وحيائه وتقديره لمن حوله ولأسلوبه في غدارة البلاد بالشورى وتنازله عن رأيه الشخصي للمصلحة العليا للبلاد إذا تبين ذلك واقدر فيه صفات الورع الشديد والشجاعة والإقدام والمصادمة وهذا عهدي به قبل الإنقاذ.
· وجدت الإنقاذ ترحيبا من الشعب ورغم وجود ميثاق للدفاع عن الديمقراطية وعن التعددية الحزبية كيف تفسر ذلك؟
- الصدق في الطرح والصراحة والوضوح وربط العمل بالمبادئ الدينية هي التي وثقت الصلة بين الإنقاذ والشعب وفقدان هذه الأصول الأخلاقية هو الذي قاد إلى أفول نجم الحزبية رغما عن شعارات الدفاع عن الديمقراطية.
الجيش والسلطة

· تعدد الأنظمة في السودان حزبية، عسكرية، شمولية، ماهو السبيل إلى الوصول لصيغة كم مستقرة؟
- فقدان الروح التي تنطلق منها الأنظمة هو الذي أودى بها عسكرية كانت أم حزبية، الآن نحاول نفخ الروح في العمل السياسي ليكون ممارسة عابدة لها طعم ولون ورائحة ولها صلة بالاخرة بقدر صلاتها بالدنيا ونجتهد في ايجاد نظام شورى حقيقي تنبع به السلطة ليس من فوهة البندقية او من قرار سيد الطائفة وانما من مجموعة الشعب الواعي لقضاياه والمتمسك بثوابته.
كسب الاسلاميين

· كل قادة ثورة الانقاذ وانت منهم يؤكدون انهم اسلاميون . كيف تنظر لكسب الاسلاميين خلال الحكم؟

- لا شك ان الاسلاميين قد اضافوا معاني جديدة في مسيرة الحكم للبلاد اجملها في استقامة السلوك وطهارة اليد ومراقبة الله في اداء العمل وتجريد هذا الاداء من حظ النفس والاستمساك بالمبادئ الاساسية دون تفريط ويتفاوت الكسب بينهم بقدر حظوظهم عن التربية الدينية واستشعارهم لهذه المعاني ولكني اقول انهم قد غرسوا غرسا طيبا في ادارة دولاب الدولة لايمكن انتزاعه.

· لماذا اختار الزبير العسكرية وما هي الذكريات الاولى في الكلية الحربية
ومن هم اولاد دفعة ، واهم الوحدات التي عملت بها؟
- عن رغبة اخذت مجال العسكرية، الذكريات كثيرة والمجال يضيق والحديث عن اولاد دفعة له طعم خاص – عموما الدفعة 18 رقم ترك بصمات واضحة داخل القوات المسلحة السودانية.
· هل تؤمن بان يكون للجيش دورا في السياسة ام ينصرف لمهامه التقليدية في حماية امن الوطن؟
- مهام الجيوش في كل العالم تنصرف الى حماية البلاد والدفاع عنها ولا احسب من الحكمة تسيس الجيش حتى لا ينصرف عن اهدافه انما ينبغي اعادة صياغة الجندية لتكون مساهمة في البناء الاجتماعي للامة ويتطلب هذا اشراكها في المؤسسات السياسية التي تصنع القرار وتزويدها بالمعلومات التي تعينها على اداء واجباتها وربطها باجهزة الدولة السياسية للتعاون والتنسيق.

التعددية الحزبية

· كيف تنظر الى الجدل حول الصيغة السياسية بين دعاة التعددية الحزبية والتعددية المنبرية؟
- الذي يهمني في هذا الامر ألا ترجع الامور الى سابق عهدها الكئب ، صراع طائفي حول السلطة وانصراف عن قضايا الوطن واستهتار بثوابت المبادئ والقيم التي تعارف عليها اهل السودان من الحفاظ على العقيدة ، ولكن يحق للسودانيين ان يستمروا في الحوار المفتوح حول الكيفية التي يمكن ان تفرخ صيغة مثلى لتداول السلطة إذا ما صاحب الصيغة الرشد والمنطق والشورى.

· يرى البعض ان تكوين لجنة لوضع الدستور لم يات في الوقت المناسب وانه من الافضل ان يتم تحقيق وفاق وطني؟
- البناء الدستوري يسير وفق خطة وضعت عام 1991 تندرج في التأسيس والتطبيق لتصل الى في نهايتها الى دستور مبني على مبادئ قد خضعت بالفعل للتجربة والتقويم . والان في نهاية هذه الخطة تقوم اللجنة القومية للدستور ببلورة مبادئه وموجهاته وفصوله لتعرض على الاستفتاء في منتصف عام 1998 ومع هذا البرنامج يسير برنامج مصاحب هو برنامج السلام الذي قطعت فيه الدولة القسط الاكبر ليصب في نهر الدستور فالوقت قد جاء بالفعل لاجازة الدستور وا ادري ما هو الوفاق الوطني المفقود؟

الحكم والمعارضة

· هل يمكن تحقيق مصالحة بين الحكومة والمعارضة ؟ وما هي اسسها في سبيل الوصول الى الاستقرار المنشود؟
- إن كنت تقصد بالمعارضة المجموعات السياسية التي افسدت الحياة في السودان وخرجت تلتمس عون الدول الاجنبية لحرب السودان لاعادتها لكراسي الحكم فاي مصالحة ستتحقق معها ما دامت تسلك طريق الخيانة للوطن وتجاهلا بمعاداة القوات المسلحة وتصدر بياناتها بما قتلته من جند السودان وما اغتصبته من النساء . ان المصالحة لن تكون حتى تتبين هذه المجموعة خطأها القاتل الذي ارتكبته في حق اهل السودان الذين صار لبعضهم ثأر معهم. اما إن كنت تقصد الذين لا يؤيدون سياسات الدولة العامة لاسباب يعتقدونها فلا احسب إلا ان الباب مفتوح للحوار على مصراعيه وقد حاورنا كثيرا منهم وعاد بعضهم للمشاركة في بناء الوطن وسياستنا بالطبع تحتمل الخطأ والصواب ويمكن الرجوع عن أي سياسة تبين الخطا فيها.

· تواجه الانقاذ جملة انتقادات من معارضيها في الجوانب السياسية ويتهمها الغرب بانتهاك حقوق الانسان ووجود ممارسات شبيهة بالرق فما هو ردك علة هذه الاتهامات؟
- إذا كنت تود معرفة وجه الحق في أي اتهام فانظر اولا الى الجهة التي اصدرته إننا لا نتوقع البراءة في القول عندما يصدر انتهاك حقوق الانسان من امريكا صاحببة اكبر رصيد من هذه الانتهاكات في سجلات منظمة العفو الدولية وصاحبة احلك تاريخ للمارسة الرق في العالم او من المعارضة التي باعت نفسها للاجنبي واصبحت رهينة بتوجهاته ومن اراد ان يتعرف على سلك الدولة في مراعاة حقوق الانسان فالدعوة مفتوحة له لزيارةالسودان وكثير من الذين زاروا البلاد رجعوا بغير الصورة السوداء التي شحنوا بها عند زيارتهم إننا ننطلق في معاملتنا للانسان من مبدا خوفنا من الله ومراقبتنا له لا من خوفنا من منظمات حقوق الانسان.
العلاقات الخارجية

· يؤمن السودان بجملة من المبادئ والثوابت التي تحكم علاقاته الخارجية فكيف ينظر الفريق الزبير لمستوى علاقات السودان على مستوى جيرانه وفي محيطها العربي والاسيوي؟
-علاقاتنا بجيراننا في تشاد وافريقيا الوسطى والكونغو والجماهيرية الليبية وكينيا ممتازة ولنا بعض المشكلات مع مصر واثيوبيا ونحاول حلها عن طريق الحوار ولكن نواجه عداء غير مبرر من يوغندا واريتريا بفعل التحريض الامريكي لهاتين الدولتين اللتين تقعان تحت تأثير السياسة الامريكية اما محيطنا العربي فقد وجدنا من جله الدعم والتاييد والمناصرة خاصة من المملكة العربية السعودية والاردن واليمن والعراق ونسعى لتوطيد اكثر ومحو اثار حرب الخليج التي كانت سببا في قطيعة بعض الدول العربية بيننا.

· تعقدت العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية بفرض عقوبات ومساعدة المعارضة لاسقاط النظام ، فكيف ينظر الفريق الزبير لامكانية تطبيع العلاقات بين الخرطوم وواشنطن في ظل هذه التعقيدات؟
- لا زلنا نرى ان اسلوب الحوار وحده هو الطريق لحل القضايا،ولا نزال نحاول اقناع الولايات المتحدة بهذا الاسلوب الذي ترفضه بدافع احساسها بسيادتها الاحادية على العالم ولا زلنا نرى في بعض الاصوات داخل الولايات المتحدة اتزانا وتعقلا ونرى اسلوب الادانات والمحاصرة والتضييق والحصار لا يفضي إلا لمزيد من التعقيد في الامور بخلاف كونه يورث الاجيال في السودان كراهية لامريكا يتعذر ازالتها بسهولة.

ليست هناك تعليقات: