الأحد، 29 مارس 2009

معاوية الطيب .. في حضرة مقامك يطيب الجلوس !

معاوية الطيب .. في حضرة مقامك يطيب الجلوس !
استضافنا الزميل معاوية الطيب ليلة أمس الاثنين 21 اغسطس بداره العامرة ، كنا سبعة وثامننا (كلب) ، وتربيته وصحبته هواية تؤهل ‏لجمعيات الرفق بالحيوان في الغرب ، والكلب كان بهيا وباسط ذراعيه ، وما يميزه الوفاء في ‏زمن قل فيه الوفاء ، استقبل معاوية ضيوفه : هاشم كرار ،كبيرنا الذي علمناالصحافة ، وعوض ‏حمزة ، الفارس الذي يمتطي صهوة الكلمة والذي اكتشف درره معاوية ، صاحب الدار ، وعصام بندة ‏المسكون بحب الموردة (الحي والنادي) ، وللموردة نصيب في شعر عبدالرحمن الريح: ‏‏(ما عندي مانع حتى لو ضيعني ساكن الموردة )‏وبهاء بكري في هدوئه أسد هصور ومستودع أسرار(حق) ، وراشد خالد ، وفي وداعته سماحة النيل ‏الأبيض ، ومحمد الربيع (ابوعشوشة) الأديب الأريب ، والناقد الفذ ، أحسن معاوية استضافتنا حتى نافس ‏في كرمه وجوده (حاتم الطائي) الذي قال في شعره : أضاحكُ ضيفي قبل إنزال رحله ويُخْصِبُ عندي والمحلُّ جديبُ وما الخِصْبُ للأضيافِ أنْ يكثُرَ القِرى ولكنَّما وَجْهُ الكريمِ خَصيبُنسيت نفسي فقد كنت بينهم ، حاضرا حتى تبدد الوهم وعرفوا فيصل الزبير بلحمه ودمه (يا هو ظاااااطو كما ‏يقول ودهباني ) والعبارة ماركة مسجلة باسمه ، ومعرفة الرجال عندي (شرف كبير) لأنهم أفضل الأصحاب أو ‏كما قال الشاعر الجاهلي عديُّ بن زيد:‏إذا كنتَ في قومٍ فصاحب خيارهمولا تصحب الأردى فتردى من الردي‏وبالعدل فانطق إن نطقت ولا تلموذا الذم فأذممه وذا الحمد فاحمدولا تلحُ إلا من ألام ولا تلموبالبذل من شكوى صديقك فامدد ‏نصحتك لا تصحب سوى كل فاضلخليق السجايا بالتعفف والظَّرفِولا تعتمد غير الكرام فواحدٌمن الناس إن حصَّلتَ خيرٌ من الألفِ ‏جلستنا امتدت حتى هزيع الثلث الاخير إلا قليلا ، وأسكرتنا نشوة المعرفة حيث كان الشاعر عمرو بن كلثوم ‏الشاعر المطبوع حاضرا ببيته :‏‏ ألا هُبّي بصبحكِ فاصبحينا ولا تُبقي خمور الأندريناوطربنا لكلمات جادت بها قرائح الاصحاب الكرام وكان هاشم كرار في لحظات التجلي ينثر الدرر في ‏الحديث عن امدرمان ، وفي دواخلنا نردد كلمات الشاعر عبد المنعم عبد الحي التي تغنى بها احمد المصطفى ‏‏: ‏أنا امدرمان تامل في نجوعي ‏أنا السودان تمثل في ربوعي ‏انا ابن الشمال سكنته قلبي ‏على ابن الجنوب ضميت ضلوعي ‏انا امدرمان سلوا النيل عني ‏فخير بنيك يا سودان مني ‏غاب عن الجلسة الزميل نادوس ، ولكن ذكرته العطرة كانت حاضرة .‏‏ نواصل ...تابعونا


________
كان هاشم كرار متألقا ، يقف عند إطلال حزنه القديم و العقل متعجبا ، ومن اهتمامات الاخرين متعلما ويتخير كلماته وهي تتنزل كما الوحي متفكرا ومتدبرا ، تحركه روحه الشفيفة ، ونطرب لكلماته الظريفة ، حتى وجدنا فيها حلاوة ، تحدث كما لم يتحدث من قبل ، كصوفي استثاره خياله فمشى في الليل تداعبه بسمة الطفل الصغير، واحيانا يهمس ويصمت مجترا ذكريات قديمة ، ارتجل كلمة تبني وطنا ، واهدانا بسمة وتبدت امدرمان المدينة الانثى لوحة تجمع تنوع اهلها وهي تماما كما قال ادونيس ( قيمة المدينة ترتفع بقدر ارتباطها بالابداع الانساني) وفي شوارعها التي يشقها الترام كان الخليل يمشي ، وفيها تجلى التجاني يوسف بشير شعرا وكان الصدود نصيب الشاعر ابوصلاح فقد اشاحت "بدور" بوجهها عنه فانشد في حديقة القلعة : العيون النوركن بجهرا غير جمالكن مين السهرا يابدور القلعة وجوهرا اخفي ريدتك مرة واجهرا نار غرامك ربك يقهرا تجاذبنا اطراف الحديث ، ولم يعد الليل طفل يحبو ، وتبارينا في ساحة الكلمة ، وكم كانت دهشتنا ، ان كان عوض حمزة (فارسا) ، يمتلك ناصية الكلام ، يتخير مفرداته ، ويمارس هوايته في التصوير ، فهو مسكون بالجمال ، فالصورة عنده بالف كلمة ، وزاويتها ، تكشف عن عين ثاقبة ، فهو (ثمين) بدرره التي نثرها ، اضحكنا حتى ارتجت اوداجنا ، يسخر حتى من نفسه ، ونافس في ذلك اهلنا الرباطاب ، اماعصام بندة ، فهو معتق بذكريات الموردة ، كان مستمعا جيدا ، وشكل مع هاشم كرار (دويتو) ، يعشق فريق الموردة لكرة القدم ، وانتصاراته ، وشاركه في هذا العشق السرمدي عوض حمزة ، كلماته كانت مموسقة ، وفي ذاكرته تفاصيل لايام خلت مضمخمة برائحة الدعاش ، بينه وهاشم كرار (جدعات) ، كانا يجلسان سويا ، تذكرا سيرة (الهادي الضلالي) ، ابرز شخصيات امدرمان ، واحيانا يصمت وكأن في صمته كلاما ، وخلته يددن في دواخله ببيت (عتيق) يا ناعس الاجفان انا من صفاك مسحور بالله انت ملاك ولامن حسان الحور بهاء بكري ، يأسرك بهدوئه ، وترحابه الجميل، وذاكرته المتقدة ، لاينسى من يلقاه وان طال الزمن ، ذاكرته مخزن لكثير من المواقف ، تحزنه بعضها وتبهره مواقف الرجال ، فالنضال عنده (موقف) ، وكلمة (حق) ، ولذا ظل وسيظل يمسك بجمرة (حق) وفي النفس شئ من حتى وبعض من (ذكريات) في اسمرا والخرطوم ، ادهشني حضوره في مواقف تعرف فيهامعادن الرجال ، ابتدرنا نقاشا قبل 3 سنوات عندما كنت في جريدة الوطن ، ووجدته لايزال ممسكا بذلك الخيط عن تجربة (حق) ، يحفظ للراحل المقيم الخاتم عدلان ودا مقيما ، يستشهد بمواقفه ، يتذكر اقواله ، حقا عرفت بهاء حينما تحدث ، وسيتواصل حديثنا حتما في مساحات اخرى ، وارى ان يوثق علاقته بالراحل المقيم والمبدع مصطفى سيد احمد ، الكتابه مهمة لتوثيق العلاقات الاجتماعية ، فمصطفى كانت له تجربته الاجتماعية في علاقته مع الاخرين ، وفي تجربته مع المرض ، وواجبا علينا ان نوثق لهذه المرحلة فمصطفي ليس( اشرطة كاسيت) وانما قيمة فنية واجتماعية واخلاقية لمن يعرف (الاخلاق) !!

معاوية الطيب كان صاحب العرس وشيخ القبيلة ، اوفى وكفى ، راعى كل الاذواق فهو صاحب (ذوق) رفيع ، مائدته كانت عامره وشرابه كان سلسبيلا ، لعب راشد دورا في اعدادها ، قدم خدمات خمسة نجوم ، كان نصيبي اشهى انواع السمك وهو حسب الطلب ، ( ام فتت) كانت حاضرة ، وسبقتها (مقبلات) و(مشهيات )، بلغة الشوام ، تميزت الجلسة بمشاركة (رفائيل) وحدثتكم عنه في بداية البوست ، فهو صديق معاوية الوفي ، رشيق ، وبياض شعره يميزه ، ليس شراسا ، وصوته ليس نباحا ، مطيع ويسمع الكلام ، يعرف اين يجلس ، في الكنبة او السيارة ، وله طقوسه في ان يظل زجاج السيارة مفتوحا ليمارس هوايته في رصد المارة ، معاوية يلقي النكته على سجيته لاذعة ، (رافائيل) لم يعجبه حد المارة من الاخوة المصريين الذي سأل ده مين ؟ ولم يتردد معاوية ليطلقها ساخرة ولاذعة ( حسني مبارك) فبهت الرجل وقال مش كده ، وللطرفة بقية ، معاوية ليس امدرمانيا ، لكنه يعشقها ، وجزء منها ، ويعتبرونه فردا من عائلة بدري ، وبالطبع في ذاكرته حكايات وحكايات وكنا نريدها تترى على لسانه ولكنه فضل ان يكرم ضيوفه . وبددت دهشته حينما شرفته بالزيارة وكان ، هو وغيره من بعض البورداب ،يعتقدون انني شخصية (لاوجود لها) في المنبر، وبسبب كلمة حدث لبس صححه الاخوة فعرفت كل الحقيقة بفضل(بركات) الجلسة .
دار حيث بين (الدويتو ) ..‏هاشم : أنت من ناس امدرمان ‏بندة : ايوة وبعرف كل ناسها ‏هاشم : بتعرف تمبوشة في الموردة ‏بندة : ياااااخي .. تمبوشة مااااا ماتت .. الفاتحة ‏وهنا سجلت عدسة المبدع عوض حمزة اللحظة الحزينة ، هاشم وبندة ومعاوية ‏يرفعون الأكف بالفاتحة وأكاد اجزم إن دمعة طفرت من عيونهم الباكية !! ‏من هي تمبوشة . وما هي قصتها ؟ ‏وهنا يروي هاشم حكايتها !!‏يبدأ هاشم بصوته المميز وهنا أدرت جهاز التسجيل لنقل وقائع قصة تعود إلى ‏السبعينيات عندما كان السودان صحو من قاع امدرمان تلك المدينة الأنثى : ‏هاشم : أحييكم ... ولا ادري ما الذي سلط علي فيصل خالد ، هذا الجميل علي إنني ‏لأخشى إن يصبح مثل عمر الجزلي وأصير أنا من ضمن مراحيم برنامجه (أسماء ‏في حياتنا) .. يضحك هاشم .. ها ..هاها ..ها . ‏عموما تمبوشة كانت معلما من معالم مدينة امدرمان أو كما قال الأخ فيصل كانت من ‏معالم قاع مدينة امدرمان , كانت إمراة جميلة بصورة مدهشة ، وكان بيتها ملتقى ‏للكثير جدا من الذين يحاولون إن يتعبأوا بالفرح المعبأ ، هذه القصة كتبتها في أواخر ‏الثمانينات ونشرت في جريدة الأيام وكانت بعنوان (تلك الأشياء) !‏صديقي اسعد : ‏يبدو إن رسالتي إليك قد طالت ، عفوا صديقي اسعد .. سلامات يبدو إن رسالتي ‏إليك لم تصل بعد .. لانك كتبت لي تستعجلني الحضور إليك في السعودية لأعمل ‏معكم موظفا .. والملم كما قلت في رسالتك الرقيقة ، قرش قرشين وأتزوج حبيبتي ‏‏.. أتزوج ماذا ؟ ‏آه آه يا اسعد .‏لقد أوضحت لك في رسالتي السابقة كل التطورات المؤلمة والفاجعة التي حدثت ‏بالنسبة لي .. قلت لك إن حبيبتي ، أخيرا وبعد خمس سنوات من اللحظات الجميلة ، ‏اختارت الحب المبني على الأرقام ، وتزوجت سيارة ، ومنزلا أنيقا ، وحسابا جاريا ‏في احد البنوك ، .. وكان الجرح عميقا وغائرا ولا يزال ، ولكن الصقر إن وقع كتر ‏البتابت عيب . ‏نزفت في صمت ‏بكيت دون ضجة ‏وكرهت إن أكون مجرد ذكرى في حياة إنسان .‏فأرسلت إليها أشيائها .. الصور والخطابات .. أشرطة الكاسيت ..و..و..و . ‏كانت الدبلة التي البستنيها قبل أربع سنوات ، في تلك الأمسية الرائعة التي حدثتكم ‏عنها , تحيط أصبعي حتى أمس .. فقد فشلت تماما طيلة خمسة أشهر كاملة إن ‏انتزعها أحيانا .. إزاء الأشياء التافهة في نظر البعض نحن مطالبون يا اسعد بكميات ‏.. بكميات من الشجاعة .. ولكن الشجاعة .. الشجاعة .. وجدت نفسي أخيرا أمام باب ‏خشبي عتيق .. اختزنت ملامحه في ذاكرتي أعوام وأعوام .. دلفت إلى الداخل ‏استقبلتني رائحة قديمة تعود تعودتها خياشيمي من قبل .. كانت خليطا من رائحة التبغ ‏الرخيص والعرقي والمشك وأنفاس الناس المخمورين في الداخل .. والتيس المربوط ‏هناك في الزريبة . ‏السلام عليكم : ‏لدهشتي .. تب عبد الملك عند سماع صوتي واقفا .. استحالت الكؤوس التي ‏اكترعتها ، منذ مغيب الشمس إلى اللحظة التي راني فيها ، استحالت إلى فرحة ‏طفل يكتب لأول مرة اسمه فوق كراسة المدرسة لأول مرة . ‏رحب بي في حرارة وهو يقول : من شرب من عرقي تمبوشة مرة .. ‏دلقت سريعا الكأس في جوفي وأكملت : لابد إن يجئ ويفتش عن بصيص من ‏الشجاعة ..‏ضحك .. وكان عبد الملك لا يزال عبد الملك .. نفس البشاشة الآسرة .. نفس ‏الجلابية ذات الياقة .. نفس الطريقة الفنانة في الصمت .. ضحك والكلام بدا لي ‏وقتذاك إن الانغماس في الشراب والظلمة والعرقي والنتانة هو الشئ الوحيد الذي ‏يبقينا نحن كما نحن ..‏جاءني مزمل وقدم لي هو الأخر كأسا .. ثم من داخل الحجرة الطينية المظلمة ‏جاءت تمبوشة تتبسم .. وقبل إن تطوقني بزراعيها .. اجل بزراعيها يا اسعد ‏تكتكت بالضحك : الليلة من يا هاشم القشا ليك الدرب .‏ رمقت سريعا كفي اليمنى وقلت لها وأنا أكرف عبيرها الفواح : الحي مصيرو يلاقي ‏يا تمبوشة .. وقعدت في طرف العنقريب القديم جوار الحائط .. حومت عيوني في ‏الأشياء .. كانت كما هي كرسيها ذاك المنسوج من الحبال .. البنابر التي شهدت قعداتنا ‏‏.. الراكوبة القصيرة التي حشيت أطرافها بالملابس القديمة .. والتيس المربوط هناك ‏في الزريبة كان ما يزال يخش الأرض ويرمق الندامى بعينيه المحمرتين .. وتمشت ‏تمبوشة إلى داخل الحجرة لتأتي بالعرقي .. وتمشت وراءها عيوني .. كانت تمبوشة ‏كما رايتها أنت يا اسعد لأول مرة .. قامتها مديدة ...وهيطة .. رويانة .. يداها ‏مندوعتان .. بشرتها مثل لون البن المقلي بالسكر .. جلها ناعم .. لامع أملس كفركه ‏قرمصيص وتركزت نظراتي أخيرا قبل إن تغيب في داخل الحجرة فوق عجيزتها ‏المدملجة تماما يا اسعد .. تما ما يا اسعد مثلما كانت نظراتنا تلتقي جميعا في ذات ‏الموقع من جسدها قبل أربع سنوات حينما كنا نرتاد هذا المكان في الأمسيات .. ‏ كان يحلو لي وقتذاك وأنا أحس دملجة عجيزتها نشافا في حلقي .. أكولة في راحة ‏يدي .. ازديادا في إفراز العرق في جسدي ... كان يحلو لي أصوركم انتم (شلة ‏العقارب ) واحدا واحدا متلبسين في ذات الجريمة . ‏كنت أنت تتحسس بيديك طلائع الصلع المبكر الذي كان قد بدأ يغزو وقتذاك القطاع ‏الأمامي والأوسط من راسك .. عووضة التلب .. ينتف شعر شاربه بيد اليسرى شعره شعره . .. حامد يكف فجأة عن ‏فلسفة الأشياء ويتطاول بقامته القميئة من فوق البمبر .. اخو التومات يرشق في ‏جوفه كأسا من العرقي .. تأبط شرا يفتح ما تبقى من حقه التمباك .. ويفضحنا جميعا ‏التيس المربوط في الزريبة حينما ينتفض فجأة ويروح في نوبة لبلبلة متواصلة .. لب ‏لب لب . ‏ واختلط في حلقي طعم التبغ المر بطعم العرقي وطعم الملوحة في خشمي وتمازجت ‏الطعوم .. تجانست .. توحدت و أصبحت طعما واحدا .. هو طعم أخر يوم من ‏الأشهر الأخيرة .. وراحت الخمر تدب في عظامي تمشي .. تركض وتركض معها ‏هناك تلا فيف ذاكرتي .. تلكم الأمسية الرائعة التي حدثتكم عنها .. ‏آه آه .. أدخلت , أدخلت الدبلة في أصبع كفي اليمنى رويدا رويدا قالت لي ‏وملامحها الطفلة تترى عشقا وبوحا وبراح .. مبروووك ‏أأأخطبك ‏قلت لها وكفي تنوم في كفها .. خلاص اقتنعي يا إلطاف ‏شع ثغرها وأجابت : جدا .. جدا يا هاشم ‏ضغط كفها في رفق وحنين وقلت لها وان أتملأ عينيها الجميلتين : طيب أؤكد بأنني ‏لن اخرج هذه الدبلة من أصبعي حتى تستبدلينها من أصبعي أنتي يا إلطاف بالدبلة ‏الأصلية في يوم خطوبتنا . للقصة بقية تابعونا ................!

ولبلب التيس داخل الزريبة بلهاة شبقه لأفيق على صوت واهم مخمور ينم .. يجر ‏الدوباي في قلب الظلمة .. شيلوا الصبر ختو الأمر للهادي والمقدودة تب ما عدمت ‏الرفاي . ‏شخصت في الصوت بذاكرتي لاتبين ملامحه .. كان أشعثا اغبرا معفرا متعبا من ‏طول لج في الأيام والدنيا .. انه صوت عمك رمضان الذي يقبع هناك داخل الراكوبة ‏هيكلا من العظام والعرقي والتمباك والاحباطات .و خطر لي لأول وهلة إن أثب إليه ‏واقبضه من تلابيبه بكلتا يدي ... اصرخ في وجهه وانتهره .. كفى ... كفى .. فانت ‏تكذب .. تكذب حتى على نفسك .. كانت تلك الاجساد يا اسعد كل منها يعاني ‏احتضاره وجحيمه .. مزمل يشخر شخيرات متقطعة .. يفقيق .. يبصق .. ينشف كبده ‏بصوت من العرقي .. يدبغ شفتيه ولثته ولسانه بسفة من التمباك .. عبد الملك يحقن ‏عروقه بالسم الهاري .. يكح .. يسعل .. يمسك راسه بكلتا يديه .. يتفرس بعينيه ‏الضيقتين في الزمن .. وتمبوشة تستلقي بجلنبي فوق العنقريب المهلهل .. ‏زجاجة من عرقي التمر البكر .. شطة وحواحه .. فول حاجات .. وانا قاعد وقد فكت ‏من اعماقي سكره البارحه .. واعاني ايضا احتضار جحيمي .. في مسيس الحاجة ‏الان الى شراب جديد من نوع اخر لعله يكون اشهى وارخص وأمر شراب اتلمطه ‏في غبطه وقرف وتعاسة ولا افيق من سكرتي اطلاقا .. اكترعت الكأس الواحد ‏والعشرين ... انسل الى داخل جوفي كالفجيعة .. أوووف .. عرقي كافر .. بصقت .. ‏خرشت عود كبريت تراقص بصيص ضوئه في قلب العتمة مخمورا وتفرست ‏تمبوشة .. كانت تتوسد ساعدها الايمن ساقيها الممتلئتان مدتا في استرخا كسول .. ‏عجيزتها تتكوم هناك .. تترجرج هناك بين الفينة والفينة فوق مرق العنقريب .. ‏نظرت اليها .. بادلتني هي النظرة .. امسكت يدي وراحت تعابث اصابعي .. اصبعا ‏‏... اصبعا .. وانا امسح براحة يدي اليسر عنقها وخدها وجبينها .. فاجأتني بالسؤال ‏‏- الدبلة دهب ؟ ‏قلت لها سريع : لا ‏ضحكت وقالت : موضة قديمة .. اقلعها ! ‏وأنا أحس بالدبلة تسل رويدا رويدا من اصبعي .. ووحشة مشققة القدمين .. طويلة ‏الاظافر تجوس في دهاليز روحي .. اعتصرت يدها . فالتمع ثغرها البازنجاني عن ‏اسنان مفلجة بيضاء .. جاءني صوتها نقيا مقعرا صافيا يلسغ نغمة ممراحة : سنة ‏‏!! ‏ونحن في اول سلالم الصعود الى اسفل انبثقت فوضى في جوف الظلمة كالشعفوفة .. ‏صوت صفيحة ترتطم بشئ حاد .. سائل يندلق .. كرسي يتهاوى .. جسم ثقيل يرز ‏وينقر فوق الارض .. انتفضت تمبوشة واقفة .. تحفزت في قعدتي .. حدقنا سويا في ‏الظلام .. كان هناك كالعفنة في مركز الفوضى .. اسود كثيف الشعر ... محمر ‏العينيين .. يلبلب في صوت اخرش .. لبلب لبلب .‏ووب علي التيس انفك !! ‏قذفتها سريعا من فمها وجرت تحوشه ، وهي تستنجد بي ومزمل وعبد الملك وعمك ‏رمضان .. وثبنا .. تحلقنا حوله متحفزين .. تحفز هو الاخر .. رمقنا هو الاخر بنظرة ‏ملتهبة قاسية اطارت مافي رؤوسنا .. تلفت بجمجمه في عنجهية رهيبة .. يمنى ‏ويسرى ،.. تسلق الهواء برجليه الاماميتين .. نقر نقرتين .. قفز فوق العنقريب .. ‏نطح تمبوشة .. بطحها ارضا .. اندفع وهو يلبلب .. ارتطم بعمك رمضان وعبد الملك ‏يرتطم بخشم الباب الخسبي الضيق كأنما هو على موعد مسبق ليضاجع مراحا كاملا ‏للاغنام في الشارع .. ‏صديقي اسعد... ‏يبدو إن رسالتي اليك قد طالت ... لكن يؤسفني إن اقول لك بانني لم اتمكن من ‏الحضور اليكم في السعودية لاعمل معكم موظفا والملم – كما قلت لي في رسالتك ‏الرقيقة – قرش قرشين واكيد سوف تتلمس ماتبقى من شعر راسك .. تدخل يديك ‏في جيوبك تفتش عبثا عن حقة تمباكك .. تسالني وكرشك تختج بالضحك المتقطع : ‏شنو يا ابو الهشم يا اخي خلاص بديت تفكر بعقلية التيوس .. ‏عموما اختم هذا الموضوع في بيت تمبوشة ‏لك يا اسعد تحيات كل ناس امدرمان !!


الدوحة 22- 8 - 2006

السبت، 21 مارس 2009

الجنرال ..سكوت غراشن .. مبعوث اوباما للسودان ( سيرة مترجمة)


الجنرال سكوت غراشن Maj. Gen. Scott Gration ضابط متقاعد من سلاح الجو الأميركي ، وتم ترشيحه في يناير 2009 لرئاسة وكالة ناسا للفضاء، , الامر الذي يتطلب موافقة مجلس الشيوخ ، كان اول ظهور له كان ضمن فريق مستشاري الشؤون الخارجية للرئيس باراك اوباما ، وكان ناشطا خلال حملة الانتخابات الرئاسة الامريكية في نوفمبر 2008 ، وهذا الفريق شبهته صحيفة نيويورك تايمز بأنه بمثابة «وزارة خارجية مصغرة»، ويقول أوباما إن أول ما لفت نظره في غراشن هو معرفته بـ«قضايا لا حدود جغرافية لها»، مشيراً إلى قضايا حقوق الإنسان والطاقة والبيئة والتجارة الدولية" . غالبية مستشاري أوباما وحلقته الضيقة عاشوا سنوات طفولتهم أو مراهقتهم وشبابهم خارج أميركا، مثل رام إيمانويل، الذي عاش لسنوات في إسرائيل، لأنها مسقط رأس والديه. ومثل مستشار الأمن القومي الأميركي ، جيمس جونز الذي عاش في فرنسا أكثر سنوات طفولته، ومثل تيموثي جيثنير الذي كبر في زيمبابوي والهند وتايلاند,وفاليري غاريت، موضع سر وثقة أوباما وأحد أهم مستشاريه، ولدت في مدينة شيراز الإيرانية وقضت سنوات طفولتها الأولى في إيران عندما كان والدها الطبيب يعمل في مشروع بناء أول مستشفي حديث في المدينة. ولد وغراشن في الكونغو الديمقراطية لابوين عملا مبشرين في القارة السمراء ووفقا لمقال لنيوزويك نشر 2007، قضى غرشن طفولته في هذه البلد وعاش ازمته في الستينات حيث تم اجلاء اسرته ثلاث مرات حيث كانت لاجئة،وبعد عودته الى الولايات المتحدة درس في جامعة Rutgers University وحصل على بكالريوس الهندسة الميكانيكية،وبعدها انضم الى سلاح الجو الامريكي في عام 1974،ونال درجة الماجستير في دراسات الامن القومي في جامعة Georgetown University عام 1988 ،كما درس في كلية القادة للقوات المسلحة. ويتحدث اللغة السواحلية بطلاقة ،وتعرف على السيناتور- انذاك – باراك اوباما عام 2006 خلال رحلة الى افريقيا وزارا لاجئي دارفور في تشاد، ويتمتع بصداقة اوباما بعد انتخابه رئيسا ويستحوذ على اذنيه ، وكان دائما مايشاهد خلال الحملة الانتخابات الرئاسية العام الماضي . ويتمتع غراشن بخبرة عميقة في افريقيا وله علاقات شخصية ومهنية مع قادة بارزين. زيارته لافريقيا عام 2006 كانت جولة تقصي حقائق شملت خمس دول ولمدة 15 يوما،ووصفه اوباما بانه "خبير افريقي"، ومن جهته وصف غراشن ان اوباما بانه يتماع بـ "الموهبة والحكمة ، والشجاعة ، والخبرة ، والقدرة على القيادة ، وأننا في أمس الحاجة"، وعمل بجانب ريتشارد دينغز والجنرال ماكبيك .وغراشن من كبار مستشاري اوباما في الشؤون الخارجية والعسكرية حيث يتمتع بخبرة قتالية واسعة في الشرق الأوسط ، وشغل منصب قائد الفرقة الغربية خلال عملية حرية العراق. وله خبرة قتالية تشمل 274 من المهام القتالية في العراق ، مع 983 ساعة من القتال.ويتمتع بأكثر من 5000 ساعة طيران ، بما في ذلك أكثر من 2000 ساعة كمدرب طيار. تدرج غراشن في عدة رتب عسكرية حيث بدا في 24 يناير 1974 ملازم ثان -ملازم اول 24 يوليو 1976- نقيب 24 يوليو 1978 - رائد 1 مايو 1985مقدم 1 يناير 1988 -عقيد 1يناير 1995- عميد 1اكتوبر 1999- لواء 1 ابريل 2003.وسبق له أن شغل منصب زميل في البيت الابيض ، وقائد عمليات الجماعة و قائد جناح لمرتين وذلك قبل توليه منصبه الحالي ، وشغل منصب مساعد نائب وكيل والقوات الجوية للشؤون الدولية ، في مكتب وكيل والقوات الجوية ، مقر القوات الجوية الامريكية.وعمل مديرا للاستراتيجية والسياسات والتقييم ، في القيادة الامريكية الاوروبية شتوتغارت- فيمينغ بألمانيا ومديرا للاستراتيجية والخطط والسياسات العامة ، ومسؤولا عن إعادة التكوين وتوجيه الموظفين تجاه تنفيذ الاساسيات العسكرية والسياسية ، فضلا عن التخطيط لقيادة الأنشطة التي تنطوي على علاقات الولايات المتحدة مع غيرها من القيادة الموحدة ، المتحالفة مع الجيش والعسكرية الدولية والمنظمات التابعة لها والأوامر. كما يعمل مدير القدرات والتقييمات. وبهذه الصفة كان مسؤولا عن تطوير هيكل القوة متطلباتها وإجراء دراسات وتحليلات وتقييمات القوات العسكرية لتقييم الخطط والبرامج والاستراتيجيات.
>>>
تعليق:
اعتمدت كثير من وسائل الاعلام على هذه السيرة التي ترجمتها ونشرتها في سودانيز اونلاين 18 مارس وبثت بي بي سي تقريرا من مراسلها من واشنطن لقمان همام وتضمن معلومات عن خبرات غراشن العسكرية وطلعاته الجوية في العراق. فضلا عن وكالة السودان للانباء التي اوردته في نشرتها الخاصة، النشر تم بواسطة مراسل الوكالة في الدوحة (م.م) الذي مررت له ما نشرته في الشرق القطرية

الثلاثاء، 3 مارس 2009

بونايا قودانا.. غصن الزيتون لم يسقط !


بونايا قودانا.. غصن الزيتون لم يسقط!

قد يذكر الكثيرون الجنرال لازراس سامبويا ، الوسيط الكيني في سلام السودان ، الذي صلى من اجل اتفاقية السلام الشاملة ، وفي ذاكرتي ومفكرتي ، رجل أخر لعب دورا ، لا يقل عن دور سامبويا ، حيث وضع لبنة في محادثات السلام السودانية التي استضافتها عدة عواصم افريقية ، أديس أبابا ، نيروبي والتي شهدت الحدث التاريخي بتوقيع اتفاق السلام في 9 يناير 2005 والتي اسكت لعلعة الرصاص، كان وزيرا للخارجية ، وممثل كينيا في مبادرة الإيقاد بإعلان مبادئها المثير للجدل حيث رفضته الحكومة 1993 وعادت لتقبله 1994، قابلته أول مرة في الخرطوم التي استضافت اجتماعا للإيقاد 1998 ، تجمع الصحفيون حوله ، وباغته بالسؤال : أرجو أن توجز لنا ما دار في اجتماعكم ؟ كان رده سريعا : يمكنك أن تسال موظفا في سكرتارية الإيقاد فانا وزير خارجية كينيا ، وهنا التقطت إشارته ، فعدلت السؤال سريعا : أرجو أن تحدثنا عن الدور الكيني في عملية السلام ؟ وهنا تحدث الرجل وانفتحت شهيته للكلام ، وفي العرف الصحفي فان السؤال الافتتاحي ينبغي أن يكون مشجعا ومحفزا لأي مسئول ، تحدث للصحفيين باستفاضة ، وودعنا بابتسامة قائلا : نلتقي في كينيا !
التقيته مرة ثانيه حينما احتضنت نيروبي جولة مفاوضات 3 – 7 مايو 1998 ، والعاصمة الكينية مدينة جميلة وسياحية تغتسل بالمطر ، ومطارها فسيح ، وفي قاعة جومو كينياتا، ابرز معالمها ، جرت المفاوضات ،و التقيت الرجل فذكرته بوعده وطلبت منه اجراء حوار لصحيفة عربية تصدر في لندن وكنت أراسلها من الخرطوم ، فأومأ برأسه مرحبا بنا في بلده ،ولكن لم أتمكن من محاورته ، حيث كان مشغولا . وفي أديس أبابا ، وتحديدا في أغسطس 1998 ، جرت جولة أخرى من المفاوضات في منظمة الوحدة الأفريقية – آنذاك – ومبناها غاية في الروعة ، وأديس أبابا مدينة يسكنها الجمال ، وأهلها يكنون ودا للسودانيين ، التقيت الرجل للمرة الثالثة ، فتذكرني ، وتحدث لمرافقيه بأنه سيوفي بوعده للجلوس معي للحوار وقال : هذا الصحافي قابلته في الخرطوم وعقب الجلسة ألافتتاحيه ، جلسنا ودار حوارنا وتحدث عن السلام في السودان وأهميه استقراره كبلد كبير وما يجري فيه يؤثر في جيرانه .
هذا الرجل هو الدكتور بونايا قودانا ، وزير خارجية كينيا السابق 1998- 2001، تقلب في عدة مناصب في بلده ، كان ناشطا ومهموما بعملية السلام في السودان ، يحترم الصحافة ، مرتب الأفكار ، حديثه مباشر ومحددا وفي لب الموضوع بحكم خلفيته القانونية . جاءت سيرة الرجل خلال حديثي مع روزماري دبليو ندقاوا ، وكيلة وزارة الإعلام والاتصالات الكينية ، خلال مشاركتها في اجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة الأفريقية للاتصالات "راسكوم" في الخرطوم 22- 25 أكتوبر 2007 ، حيث ذكرت لي أن قودانا قضى نحبه في حادث سقوط طائرة وكان في مهمة سلام داخل كينيا 2006 ، وكان ذلك مؤثرا ، وشاطرتها الأسف والعزاء ، وعددنا مناقب الرجل ، فقد كان محبا للسلام ، ورجل حمل غصن الزيتون في بلده ومن اجل السودان ومن أفريقيا ، وعاش من اجل المحبة والسلام ،وكانت أخر مهمة له من اجل السلام . وBonaya Adhir Godana - وهذا اسمه الكامل - ولد في 2 سبتمبر 1952 في دوكانا ، وتخرج بدرجة الماجستير في القانون في جامعة نيروبي 1967 ونال درجة الدكتواره في القانون الدولي من جامعة جنيف 1984 ، وانتخب لأول مرة نائبا في الجمعية الوطنية الكينية (البرلمان) 1992 ، ولقى مصرعه بتحطم طائرة تابعة لسلاح الطيران الكيني في 10 ابريل 2006 في مارسيت ، ومنذ 2002 وحتى وفاته كان نائبا لرئيس حزب كانو المعارض .فغصن الزيتون لم يسقط ، فقد أكمل الجنرال سمبويا مسيرة السلام الذي عم السودان .

حوار صحفي مع وزير الخارجية الاثيوبي


وزير الخارجية الإثيوبي في حديث خاص لـ "المستقلة":
سنكسر العمود الفقري للجيش الارتري إذا رفض الانسحاب السلمي من أراضينا
الزمن تغير والمطلوب أن نتوصل إلى اتفاقية جديدة لتقاسم مياه النيل
لدينا خلافات مع الخرطوم ونحاول حلها بالحوار
غير صحيح إننا سمحنا لقرنق بإقامة معسكرات داخل حدودنا
المبادرتان الرواندية والأمريكية لم تفشلا في حل النزاع بيننا واريتريا
أديس أبابا- خاص من موفد المستقلة- فيصل خالد:
خص سيوم مسفن وزير خارجية أثيوبيا"المستقلة" بحديث مهم على هامش مفاوضات السلام السودانية حول قضية جنوب السودان التي استضافتها أديس أبابا الأسبوع الماضي.وتطرق سيوم في حديثه لقضايا ذات اهتمام لافت للرأي العام العالمي والأفريقي بصفة خاصة سواء تعلق الأمر بمسالة مفاوضات الحكومة السودانية مع حركة التمرد ، أو تعلق الأمر بأخر تطورات الحرب الإثيوبية- الارترية.وبرغم انه شدد على الحل اسلمي إلا انه أكد حق بلاده أكثر من أي وقت مضى في استعادة أراضيها وأنها مستعدة لـ"كسر العمود الفقري للقوات الارترية المحتلة". وتطرق أيضا للعلاقات بين أديس أبابا والخرطوم التي قال بان المشاورات فيها جارية . وفيما يلي نص الحوار:
كيف تنظر لاستضافة اثيوبيا لجولة مباحثات السلام بين الحكومة السودانية ومتمردي الجيش الشعبي لتحرير السودان وسبق ان استضافت محادثات في 1989؟
نعبر عن فخرنا في رعاية واستضافة مفاوضات السلام لاحلال السلام بجنوب السودان.وقد عبرت عن هذا الشعور في الجلسة الافتتاحية للمفاوضات التي تستضيفها اديس ابابا . ونعتقد ان عملية احلال السلام في الجنوب لاتهم السودان وحده وانما تهم اثيوبيا واقليم الايقاد،لان التوصل الى حل سلمي للمشكلة يحقق الاستقرار والامن وهذه قضايا مهمة للاقليم باكمله،خاصة وان اقليمنا يشهد في الفترة الاخيرة اراقة دماء وحروبا اهلية ونزاعات بين دوله.ولذلك تسعى اثيوبيا في اطار مبادرة الايقاد للاسهام في التوصل لحل سلمي لقضية النزاع في جنوب السودان في إطار مبادرة الايقاد التي جمعت بين طرفي النزاع في المفاوضات حول السلام.
توصلت الحكومة السودانية لاتفاقية سلام مع فصائل جنوبية ، فهل تعتقد إن هذه الخطوة ايجابية لتحقيق السلام ، وكيف تنظر لاعلان المبادئ كاساس لحل المشكلة؟
أي خطوة من طرفي النزاع مهمة لحل المشكلة سلميا ويمكن اتى تشكل الاتفاقية اساسا لحل المشكلة.وقد وضع إعلان المبادئ الذي قدمته الايقاد عام 1994 الاساس لحل المسالة وهو ما قبلته الحكومة السودانية وعلى اساسه جرت المفاوضات هذا العام بجولتين في نيروبي وفي اديس ابابا كجولة ثالثة ، ويتضمن الاعلان مبادئ لحل المشكلة من كافة جوانبها ، السياسية والاقتصادية والتاريخية،كما يتضمن حق شعب جنوب السودان في التعبير عن تطلعاته السياسية والادارية لوحدة السودان وفي تقرير مصيرهم من خلال استفتاء. ولذلك فمباحثات اديس ابابا مهمة، وينتظر ان تحرز تقدما لحل المشكلة سلميا وكما تعلم فان المحادذات بين الطرفين لم تستانف منذ عام 1994 إلا هذا العام 1998 في نيروبي في مايو الماضي ، وهنالك تقدم في قضايا الخلاف بين الطرفين ونركز جهودنا للتوصل الى لحل مشكلة جنوب السودان لان مسالة الحرب اصبحت تراجيدية ، وهنالك اوضاع مأساوية ولابد من ان يحدث كسر للجمود في المواقف واحراز تقدم في قضايا المفاوضات بين طرفي النزاع حتة نحقق سبلاما يحل المشكلة.
اعلنت الحكومة السودانية وقفا شاملا ودائما لاطلاق النار ، كيف تنظر لهذا الاعلان في اتجاه تسهيبل وصول المساعدات الانسانية للمتضررين من الحرب في بحر الغزال وفي مقاطعات اخرى من الجنوب،ونأمل من طرفي النزاع ان يولوا مسألة وقف إطلاق النار اهمية واولوية لانه يمثل الخطوة الصحيحة في اتجاه الحل السلمي ويمكن من اغاثة المتضررين ، وحتى نتمكن في الايقاد من التوصل لحل سلمي دائم وشامل لقضية الحرب في الجنوب التي بدات منذ استقلال السودان.
لكن ألا تعتقد إن الخلافات والنزاعات بين دول الايقاد نفسها، ومنها الصراع الاثيوبي- الاريتري ، يضعف مبادرة الايقاد لحل مشكلة الجنوب؟
اوافق على هذا الراي،واعتقد ان الخلافات بين دول الايقاد عامل سلبي،ويؤثر في العلاقات الثنائية،وفي الاستقرار في الاقليم،وكما قلت في كلمتي لافتتاح جولة المفاوضات ان اثيوبيا تهتم باستقرار العلاقات الثنائية بين دول الايقاد وان تتجه الجهود لتقليل وتضييق شقة الخلافات والعوامل السالبة في علاقات الدول حتى يتحقق السلام والاستقرار في اقليمنا،وهو ما نسعى اليه من خلال مبادرة الايقاد لحل مشكلة جنوب السودان ، وهي كما قلت تهم كل دول الاقليم وحلها لصالح الاستقرار والامن والتنمية في الاقليم كله.
نقل د. مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية السوداني رسالة من الرئيس عمر البشير الى الرئيس ملس زيناوي تتعلق بالعلاقات الثنائية وعملية السلام في السودان ، كيف تنظر لاثر هذه الرسالة في العلاقات بين البلدين؟
اتمنى وارغب ان تكون العلاقات بين البلدين حسنة،لاننا نؤمن بان تحسين العلاقات الثنائية مع دول الجوار مسالة حيوية ، ولا اخفي هنا على اشلعب السوداني او الشعب الاثيوبي او المجتمع الدولي خلافاتنا مع الحكومة السودانية التي ترجع اسبابها الى ان ارهابيين ارتكبوا جريمة في ارضنا وارقوا دما في بلدنا وهذا معلوم للحكومة السودانية ونريد ان نحل هذه المشكلة وان يتم التعاون بيننا في تسليم المتهمين في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك.
ولكن بنفس القدر ان واحدا من اسباب الخلاف مساعدتكم للمتمردين واستخدام اراضيكم للاستيلاء على مدينتي الكرمك وقيسان؟
ليس صحيحا اننا نساعد وندعم المتمردين السودان، لان اثيوبيا لا تتدخل في الشؤون الداخلية للسودان،وهو مبدامع كل دول الجوار،وسيساة واضحة وقاطعة لاثيوبيا،اننا لا نتدخل ونراعي مسالة الاستقرار والسلام في المنطقة،ونرى ان اثيوبيا ينبغي ان تكون جزء ا من الحل لقضية الحرب الاهلية في السودان وليس طرفا في المشكلة.
ولكن احتلال الكرمك وقسشان تم باستخدام الاراضي الاثيوبية؟
اؤكد اننا لا ندعم متمردي السودانويمكن للحكومة السودانية ان ترسل وفودها لتتاكد بنفسها هل لدينا معسكرات للمتمردين في اراضينا ونحن على استعداد لاستقبال فريق سوداني للتاكد.ان اثيوبيا لا تدعم المتمردين او ان هناك معسكرات عسكرية داخل الاراضي الاثيوبية.
هل هناك حاليا أي اتصالات جارية بين اديس ابابا والخرطوم لتطبيع العلاقة او أي مبادرة لتحسين العلاقات الثنائية؟
نحن نقوم بدورنا في العلاقات الدبلوماسية،ولم نقطع علاقاتنا الدبلوماسية مع السودان،والاتصالات مفتوحةبيننا ولانخفي شعورنا او خلافاتنا مع الحكومة السودانية،وهذا هو الطريق السليم لتطبيع العلاقات وهناك قضايا تناقش مباشرة والان نحن في حوار وكما ذكرت ان مشكلتنا مع الحكومة السودانية واحدة تتعلق بتسليم ارهابيين.
ولكن كيف تطالب اثيوبيا بمتهمين غير موجودين في الاراضي السودانية؟
سمعنا ذلك ولكن لم يكن مقنعا كل ما نطالب به تسليم الارهابيين.
لننتقل الى الحرب بينكم واريتريا ، يرى مراقبون ان الوساطتين الامريكية والرواندية قد فشلتا في حل النزاع ، فالى اين تتجه الامور الان؟
لا اعتقد ان المبادرتين الراوندية والامريكية فشلتا لان منظمة الوحدة الافريقية دعمت توصيات المبادرتين وتحث الطرفين على التوصل الى حل سلمي للنزاع المسلح ، ولديهما توصيات بناءة ، وايضا مجلس الامن الدولي دعم قررات منظمة الوحدة الافريقية وهنالك لجنة في إطار تلك الجهود لحل المشكلة واعتقد ان المبادرتين مستمرتان وتهتم اثيوبيا بمبادرة منظمة الوحدة الافريقية وتوصيات المبادرتين الراوندية والامريكية.
إذنن ما هي وجهة النظر الاثيوبية باختصار لحل النزاع مع اريتريا؟
اوجز ردي في النقاط التالية لحل النزاع :
1- ا تسحب اريتريا قواتها من الاراضي الاثيوبية التي تحتلها.
2- الموافقة على تحديد وترسيم الحدود المشتركة على اساس الاتفاقيات الموروثة منذ الاستعمار والقانون الدولي واستنادا على تلك الاتفاقيات.
3- نزع السلاح من المناطق في الحدود المشتركة للسماح بتحديد وترسيم الحدود التي تم اخذها في تلك الاجواء من النزاع.
4- ان تسحب اريتريا قواتها حتى يمكن التوصل لحل سلمي.
ولكن اريتريا تدعو لانسحاب متساو من المناطق التي فيها نزاع ونزع السلاح ووجود قوات حفظ سلام دولية؟
هذا غير ممكن، لان اريتريا لايمكن لها ان تمضي في عدوانها اطلاقا،لان العدوان شئ والنزاع على الحدود شئ اخر،ونحن لا نتحدث عن الصراع الحدودي بين البلدين،ولكن نتحدث عن عدوان ضدنا من اريتريا وهذه جريمة ينبغي ان تنتهي واولى باريتريا ان تتحدث عن حل سلمي لا ان تستمر في عدوانها واوكد ان اثيوبيا مستعدة اكثر من ذي قبل لكسر العمود الفقري للقوات الارترية المحتلة لاراضينا.
يواجه العالم باسره ، ودول افريقيا، مشكلة نقص المياه ، فكيف تنظر الى هذه القضية، وخاصة ان اثيوبيا تواجه انتقادات من دول المنطقة ومنها مصر بانهاتسعى لتغيير واقع تنظيم استخدام مياه النيل؟
اصبحت المياه قضية مهمة في العالم اليوم،وخلافنا اوحيد مع الذين يريدون استخدام مياه النيل على اساس احتكاري،فهذا غير مقبول لان الزمن تغير وان المنافع من الياه ينبغي ان تتغير وتكون عادلة.ورؤية اثيوبيا تقول اننا لانريد استخدام مياه النيل على حساب الاخرين،ولكن نريد التوصل لاتفاقية جديدة لدول حوض النيل تراعي كل مصالح دول الحوض على اساس المساواة وتكون مقبولة للجميع لان الاحتكار غير عادل ولا يراعي مصالح لدول وينبغي ان تتغير الاتفاقيات الموجودة.
ترى مصر ان اثيوبيا تقوم ببناء مشاريع للمياه وإنشاء سدود في اتجاه استخدام اكبر للموارد دون مراعاة مصالح دول الحوض الاخرى؟
ليس صحيحا اننا نبني سدودا ، هنالم مشاريع وينبغي ان نستخدم مياهنا للطاقة والري ولك ان تتصور ان اثيوبيا تستخدم 1% من مواردها،ولايمكن ان ينكر الناس لاثيوبيا حقها في استخدام مواردها ، ان اثيوبيا تدعو الاطراف المعنية للجلوس للتوصل لتفاهم مشترك حول الاستخدام العادل لموارد مياه النيل.
اخيرا ، كيف تنظر للاوضاع الداخلية لاثيوبيا بين القوميات الاثوبية والمجموهات العرقية وممارسة الديمقراطية؟
الاوضاع مستقرةن لان الديمقراطية تقوم على اساس ممارسة الشعب للسلطة فلكل قومية حق الحكم الذاتي وتحكم بنفسها وممارسة الادارة سياسيا وقتضاديا واجتماعيا ، لقد اصبحت اثيوبيا اليوم موحدة اكثر من ذي قبل وتقوم هذه الوحدة طوعيا وليس على اساس القهر ، وحدة تعززها المصالح المشتركة في الوطن.

نشرته المستقلة الصادرة في لندن 10 اغسطس 1998

الاثنين، 2 مارس 2009

ثورة الانفوميديا.. نبوءة فرح ودتكتوك !

الحقيبة الالكترونية.. ثورة في نقل الرسائل الدبلوماسية
قديما، تنبأ الشاعر العربي طرفة بن العبد بثورة الوسائط المعلوماتية"Infomedia Revolution"
حينما قال:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالإنباء من لم تزود
وفي عصرنا الحديث ، بات الناس يستشعرون قدرات التكنولوجيا الجديدة،وهم يدركون تماما إن الكمبيوترات الأصغر حجما،والأكثر سرعة المرتبطة بطريق المعلومات فائق السرعة والمتخم بالمعلومات ،سيكون لها تأثير عميق في أساليب عملنا وحياتنا نفسها،ومثل هذه الثورة ، التي تنبأ بها طرفة بن العبد،نتأثر بها على المستوى الشخصي،وتثير قضايا جديدة في مجالات متعددة،كما تغير من أسلوب حياتنا اليومي، والأسلوب الذي نتعامل به مع الآخرين.وسبق الشيخ فرح ودتكتوك ، حلال المشبوك،الشاعر طرفة بن العبد في نبوءته حينما قال :"سيأتي زمن يكون فيه الكلام بالخيوط والسفر بالبيوت".
شهد البريد تطورا مذهلا، فمن عصر الحمام الزاجل والدواب انتقلنا عصر الكمبيوتر في إرسال الرسائل بكبسة"زر"حيث بات الرسالة الالكترونية e-mail هي الأسرع والأقل تكلفة. وفي مجال الدبلوماسية تغير نمط الحقيبة الدبلوماسية التقليدي ، والتي تماثل الطرود البريدية،واتجهت الدول إلى استخدام التقنية الحديثة وربط سفارتها في الخارج بشبكة الكترونية لتبادل الرسائل الدبلوماسية،والحقيبة الدبلوماسية التقليدية يتولى أمرها القسم القنصلي في وزارت الخارجية،وتنقل عبر وسائل النقل المعروفة برا وجوا،وقد ينقلها رسول في حال أهميتها وسريتها حيث تكون حرمة الحقيبة الدبلوماسية ومن يحملها مصونة.
أدخلت مصر تغييرا جوهريا في الحقيبة الدبلوماسية التقليدية،إذ استعاضت عنها بشبكة الكترونية تربط سفارتها في الخارج،وباتت ترسل رسائلها عن طريق هذه الشبكة،وهو ما يمكن أن نسميه مجازا"الحقيبة الالكترونية"،وذلك عن طريق الايميل e-mail أو شفرة code. وطبقا لاتفاقية فيبنا للعلاقات الدبلوماسية، فإن حرمة محفوظات أي بعثة دبلوماسية "سفارة" مصونة دائما ولديها حرية الاتصال لجميع الإغراض الرسمية، ويجوز لها أن تستخدم جميع الوسائل المناسبة، بما في ذلك الرسل الدبلوماسيين،والرسائل المرسلة بالرمز أو الشفرة،ومع ذلك لا يجوز للبعثة تركيب واستخدام جهازارسال لاسلكي إلا برضا الدولة المعتمدة لديها.كما لايجوز فتح الحقيبة الدبلوماسية "التقليدية" أو حجزها، وتقوم الدول بحماية الرسول الدبلوماسي ، الذي يتمتع بالحصانة،ولكن مع تطور الوسائط المعلوماتية واستخدام "الحقيبة الالكترونية"فإن التحدي الذي يواجه الجميع هو كيفية حماية الشبكات ، والرسائل السرية،والشفرات،من الاختراق أو التخريب المتعمد أو التدمير بهجوم،وسبق أن اخترق هاو شبكة وزارة الدفاع الاميريكية"البنتاغون"!
جملة القول،سيأتي عصر الانفوميديا بتغييرين أساسيين،حيث ستدخل الكمبيوترات البيوت بصورة متنوعة يصعب حصرها،ويصبح البيت في بؤرة اهتمام صناعات الحوسبة والاتصال، أما التغيير الثاني هو : تبدل النماذج الشاملة للمشاريع وسيؤدي هذا العصر إلى تثوير المال والأعمال ، وابرز سمات ذلك تغيير الأنماط التقليدية حيث تكون هناك مصارف بلا صرافين،وتحل "البطاقات الذكية "smartcards محل النقود الورقية،
وتثوير العمل الرسمي بما يعرف ب"الحكومة الالكترونية "e-government حيث تصبح الوزارات بلا زيارات أو صفوف، وتنجز المعاملات عبر الكمبيوترات بعيدا عن تعقيد الروتين الحكومي،كسبا للوقت وتفعيلا للأداء .