بسم الله الرحمن الرحيم
دارفور: نحو استراتيجية جديدة لتحقيق السلام الشامل والامن والتنمية
مقدمة:
اتخذ الصراع في دارفور ابعادا جديدة تمثل تحديا وكذلك فرصة لاحلال السلام عبر جهد منسق وعمل متطور. لا يستند هذا الجهد على المفاوضات فقط،بل ايضا على المشاورات التي سوف تتضمن انشغالات مجتمع دارفور وتساعد في التوصل إلى سلام شامل ومستدام.
تعقد الوضع في دارفور بسبب الانقسامات بين الحركات المتمردة الذئ الذي انعكس في تقسيم المجتمع المدني بشكل مواز.وقد حال تعنت الحركات المتزايد وانقساماتها المتكررة إلى جانب تصلب المواقف العامة بين جميع الاطراف الفاعلة المدنية والمسلحة في دارفور،دون توصل الفصائل المتمردة إلى الاتفاق على موقف موحد لمطالبهم.في ظل هذه المعطيات، واصلت الجماعات المتمردة وغيرها من الفصائل في التنافس فيما بينها لابراز مواقفها المتشددة تجاه الحكومة،مما عقد عملية التفاوض مع الحكومة.
وبشكل عام،فقد حدث تغير في نمط العنف في دارفورإذ تحول التمرد إلى وتيرة منخفضة الحدة،يتلاشى في كثير من الاحيان الى نشاط اجرامي.لكن تظل جيوب ينعدم فيها الامن نتيجة لقطع الطرق،ورفض الفصائل المتمردة الالتزام بوقف إطلاق النار،وقد شهد شهر مايو 2010 ارتفاعا عابرا في وتيرة العنف نتيجة لانهيار اتفاقات وقف اطلاق النار بين حركة العدل والمساواة والحكومة.في ضوءذلك ، فمن الواضح ان توقيع اتفاقات مع حركات التمرد المسلحةلا يعد وحده كافيا لحل المشاكل الامنية ، لذلك ، فقد اصبح من الضروري ألا نهتم فقط باسترضاء الفصائل المتمردة المنقسمة، بل بالاعتماد على نهج جديد للتعامل مع جذور اسباب انعدام الامن.
كذلك ، لاتزال الاحتياجات الانسانية للشرائح الضعيفة من سكان دارفور من الاولويات، وتواصل الحكومة جهودها المستمرة لتلبية الاحتياجات الانسانية وذلك بالتنسيق مع بعثة اليونميد والشركاءالدوليين.مع ذلك،فإن استمرار انعدام الامن،التهديدات البيئية، وتقلب الاوضاع السياسيةوالمحلية ما زالت تهدد توصيل المساعدات الانسانية وتؤدي بالتالي الى خلق ازمة جديدة .لذلك،فمن الضروري مواصلة توجيه النشاط الانساني في دارفور من اجل اعادة توطين السكان المتضررين من النزاع،وتوفير الامن لهم في قراهم الاصلية،ومد المساعدة الكافية لتمكينهم من الاعتماد على الذات.
تعد المشاركة الاقليمية امرا مهما في تحقيق السلام في دارفور،إذ ان الصراع لم يكن لينشأ او يستمر دون تدخلات اقليمية مؤثرة.ولا تزال حكومة السودان تشعر بالقلق إزاء سلوك بعض الدول في المنطقة وتدخلها السالب في عملية سلام دارفور حتى لو كان ذلك بنوايا حسنة.وستواصل الحكومة السودانية السعي في كسب تعاون الدول المجاورة ، وتأمل في تكرار تجربة تطبيع العلاقات الثنائية بين السودان وتشاد، مما كان له الاثر الايجابي في الحد من عنف الصراع في دارفور.
وعلى صعيد استجابات المجتمع الدولي ، فإننا نتلقى رسائل متضاربة، وذلك بالدعوة إلى السلام من جهة،والخطاب المتطرف الذي يشوه الواقع من جهة اخرى،( على سبيل المثال، قرارات المحكمة لجنائية الدولية الجائرة وغير المبررة،ومسلك بعض جماعات الضغط المتطرفة). وظلت حكومات بعض الدول المعنية غير قادرة على ارسال رسالة واضحة لدعم السلام والتسوية. ونتيجة لذلك، صدرت معلومات خاطئة حول الوضع في دارفور دون ان يتم الرد عليها ، مما كان له اثر سالب في تحديد المفاهيم ووضع السياسات.
ودعما لعملية السلام، فقد اتاحت الدوحة منبرا للتفاوض بين الحكومة والحركات المتمردة منذ عام 2007 وذلك بدعم دولي، وبتركيز للجهود الاقليمية والدولية لاحلال السلام في دارفور.نشا المنبر بمبادرة من دولة قطر، ثم دعم من قبل الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والامم المتحدة، واصبحت له قيادة مشتركة من قبل الحكومة القطرية والوسيط المشترك للامم المتحدة والاتحاد الافريقي. لا يزال منبر الدوحة المكان الوحيد المتفق عليه لاجراء مفاوضات بين الحكومة والحركات المتمردة في دارفور،ولكن واجهته عقبات عديدة على مدى العام الماضي، مثال لذلك ، التنافس بين الجهات الاقليمية الفاعلة،محددات عملية الوساطة،والانقسامات المستمرة في صفوف الحركات المتمردة مما عرقل عملية السلام، الامر الذي يستدعي مضاعفة الجهود لتعويض المكاسب المضاعة.الان، وسبيل جعل عملية السلام اكثر شمولا، بدات الوساطةفي الدوحة عملية هامة للتشاور مع فعاليات المجتمع المدني الذي ينبغي ان يستكمل بعملية منهجية وتشاور داخلي مكثف.
وحدث تطور هام اخر،وذلك عقب الانتخابات القومية والولائية في ابريل 2010،بظهور قيادات جديدة تولت السلطة عبر الانتخابات،وهي تمثل مختلف قطاعات الرأي والمصالح في دارفور. ويتمتع هولاء الممثلين بسلطات مهمة في البرلمانات والحكومات الولائية والقومية وهم لا يعبرون فقط ع مطالب المجتمعات المحلية المتنوعة في دارفور، بل لديهم ايضا السلطة في صياغة التشريعات واتخاذ الاجراءات للاستجابة لها. ولما كان هولاء الممثلين المنتخبين حديثا يعكسون تنوع سكان دارفوربصدق ينبغي إشراكهم في عملية السلام بدرجة اقوى.
كان لانشاء ونشر قوات اليونميد كبعثة مشتركة فريدة بين الاتحاد الافريقي والامم المتحدة دور ايجابي في تعزيز الامن.كما تواصل البعثة تقديم مساهمات بناءة من اجل السلام. وترى حكومة السودان أن البعثة لديها الكثير لتقدمه،وهي ينبغي ان تعمل بطاقتها القصوى في اتجاه تعزيز السلام والمصالحة والتنمية.
كذلك، ومن خلال مبادرات الاتحاد الافريقي،انشئ فريق العمل رفيع المستوى حول دارفور التابع للاتحاد الافريقي(AUPD )، كما انشئت الهيئة التنفيذية العليا للاتحاد الافريقي (AUHIP)،وكلاهما برئاسة الرئيس ثابو امبيكي، للمساعدة في التصدي لقضايا السلام والاستقرار في دارفور والسودان ككل. واذ ترحب الحكومة بهذه المساهمات تؤكد استعدادها لمواصلة عملها مع كلا الفريقينن اللذين قدما اقتراحات بناءة في تقاريرهما ووثائقهما الاخرى.
في ضوء كل هذه التطورات،فإن الحكومة تدرك ضرورة وضع إستراتيجية جديدة وفعالة وواقعية لاحلال السلام والامن والاستقرار في دارفور.وتدرك الحكومة أن هذه المهمة تقع في المقام الاول في حدود مسؤوليتها الاساسية باعتبارها حكومة ذات سيادة على البلد،ولذلك سوفتأخذ زمام المبادرة في اقتراح وتنفيذ السياسة المطلوبة لتحقيق هذه الاهداف. وترحب الحكومة بطبيعة الحال، باية مساهمة بناءة من الشركاء الاقليميين والدوليين،مع الاخذ في الاعتباران الوضع الحالي يمثل تحديا وفرصة لجميع اصحاب الشأن من اجل التوصل الى اتفاق شامل معترف به ومعتمد من قبل المجتمع الدولي. وستمثل الاتفاقات السابقة والشماورات اساسا لهذه المرحلة النهائية من عملية السلام،وفي ذات الوقت فإن الدعم المتواصل من جميع الشركاءوتطوير مبادرات جديدة، تستجيب للمعطيات في ارض الواقع يجب ان تساعد على اكتمال العملية السياسية في دارفور.
ودون تبسيط لاسباب الصراع او الحلول المنشودة لمعالجته،تقترح الحكومة ايجاد حل سلمي للوضع من خلال جهود تركز على خمسة عناصر رئيسية هي : الامن ، والتنمية،وإعادة التوطين،والمصالحات والمفاوضات.على هذا النحو،فإن العملية السياسية الشاملة يجب ان تسعى إلى معالجة اسباب الصراع،بما في ذلك التنمية،التدهور البيئي، تدفق الاسلحة، والمطالب السياسية مثل التوزيع الشامل والعادل للثروة والسلطة. وستتناول العملية السلمية ايضا مظاهر الصراع المتمثلة في انعدام الامن،النزوح، والانقسامات في صفوف مجتمع دارفوروحركات التمرد .وسيتم التعاون في هذا الشأن مع الشركاء ومواطني دارفور.
كذلك ندرك أن القضية الاكثر الحاحا في السودان خلال الاشهر المقبلة ستكون الاستفتاء على تقرير المصير في الجنوب. وفي حين ان الاسصتفتاء ينظر اليه كانه قضية مفصلة،إلا انه سوف تكون له آثاره على دارفور،ويمكن أن يؤثر على عملية السلام في دارفور.فقد تكون دارفور مصدرا للتوتر بين الشمال والجنوب ، وعلى نحو مماثل ،فان التوتر في العلاقات بين الشمال والجنوب سوف يعقد، على الارجح، التوصل إلى حل للوضع في دارفور.
الاهداف والاولويات
الهدف الرئيس للاستراتيجة الجديدة هو تحقيق تسوية سلمية شاملة تعيد الحياة الى طبيعتها في دارفور، وتمكن من تضافر الجهود لدفع عجلة التنمية في المنطقة. الاولوية هي استعادة الامن لجميع السكان في دارفورنوتوفير الضمانات والمحفزات للنازحين للعوة إلى ديارهم، وتقديم الدعم التنموي المقدر للمواطنيين في مناطقهم الاصلية. لتحقيق هذه الاهداف الرئيسية، سيتم انتهاج عدد من الاستراتيجيات المتسقة تشمل:
• توطين عملية سياسية في دارفور تمكن من السماح بمشاركة اوسع من المجتمع من اجل ضمان نجاح الحل النهائي واستمراريت. ويستلزم هذا حشدا لجميع ممثلي القوى الاجتماعية والسياسيةداخل دارفور ،وتشجيعهم على اخذ زمام المبادرة في البحث عن حل سلمي للصراع. كما يجب أن تنطوي العملية السياسية على معالجة الاسباب المحددة والاثار الناجمة عن الصراع في دارفور، بما في ذلك تلك المسائل التي حددت في المشاورات لضمان ايجاد حل لها.
• تعزيز الامن على ارض الواقع من خلال اتخاذ تدابير محكمة في مجال التعاون مع بعثة اليونميد للقضاء على مصادر الانفلات الامني وطمأنة المواطنيين اينما كانوا. وينطوي هذا على مكافحة عمليات قطع الطرق وغيرها من اوجه السلوك غير القانوني، والعمل على استعادة الثقة بين المواطنيين وقوات الامن ونشر الشرطة المجتمعية حيثما يتطلب وجودها.
• تعجيل العودة الطوعية الآمنة والمستدامة للنازحين، واعادة توطين اللاجئين وتقديم الدعم لهم في جميع المجالات.
• اتخاذ اجراءات من جانب الحكومة لتنفيذ المشاريع التنموية والسياسية على ارض الواقع .ويشمل هذا العمل بشكل وثيق مع المجتمعات المحلية لوضع وتنفيذ المشاريع التي ينبغي ان تسهم اسهاما كبيرا في التنمية المتوازنة في المنطقة.ويشمل هذا الجهد ايضا توفير الموارد اللازمة لضمان سبل العيش السوي للرعاة.
• العمل بشكل وثيق مع بعثة اليونميد، والوسيط المشترك والهيئة التنفيذية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الافريقي (AUHIP) لتسهيل وتنظيم عملية الشماورات بشكل جيد بين قطاعات المجتمع في دارفور لاتسطلاع ارائهم حول بعض القضايا الخلافية تجاوزا للخلافات السياسية وذلك بهدف تمكين جميع قطاعات الرأي العام من التعبير عن همومهم والسماهمة بشكل ايجابي في معالجة جذور الازمة.
• العمل على تطبيق العدالة للجميع من خلال الآليات الوطنية وبالتشاور الوثيق مع كافة قطاعات مجتمع دارفور. ويقتضي هذا دفع التعويضات واسترجاع الممتلكات للضحايا وذلك وفقا لروح العدالة والمصالحة.
• إعادة هيكلة العمليات الإنسانية وتوجيهها بغية تحويل التركيز من الإغاثة إلى التنمية على المدى الطويل.
• استقطاب الدعم الإقليمي والدولي لتعزيز المكاسب التي تحققت في عملية السلام ودعم أي اتفاقات في المستقبل.
• تعزيز المصالحة بين مكونات مجتمع دارفور،والاستفادة من الآليات الأهلية لتسوية الصراعات واستعادة الوئام والتعاون بين جميع شرائح المجتمع.
• العمل مع جميع الشركاء لإبرام اتفاق سياسي نهائي وشامل ينبني على أساس التشاور مع مجتمع دارفور يأخذ في الاعتبار المفاوضات والاتفاقيات السابقة.
إعادة توجيه عملية السلام
بالنظر إلى الأهداف المذكورة أعلاه، فإن عملية السلام تتطلب إعادة توجيه جذرية تأخذ في الاعتبار التحديات والفرص المتاحة فيما يتعلق بالصراع في دارفور.وبما انه ليس من المتوقع أن يكون هنالك سلام دائم دون إشراك أولئك الذين ليسوا طرفا مباشرا في الصراع، ولكنهم يعانون من نتائجه،فإن عملية السلام في دارفور يجب إن تتم إدارتها في الداخل عبر إشراك المتضررين من نتائجه، فإن عملية السلام في دارفور يجب أن تتم إدارتها في الداخل عبر إشراك المتضررين الحقيقيين بالإضافة إلى صانعي السلام في دارفور وان تقود حكومة السودان تلك الجهود.
لا يزال منبر الدوحة المكان الوحيد المتفق عليه لأجراء المفاوضات مع متمردين لكن ينبغي على الوساطة التغلب على المشكلات التي طرحت نفسها في الأشهر الأخيرة ن وعلى وجه الخصوص استمرار الانقسامات والتقلب داخل حركات التمرد.
تحقيقا لهذه الغاية فان الحكومة تدعو إلى إحداث تحول في مركز ثقل عملية السلام نحو الداخل بطريقة تلبي احتياجات مواطني دارفور وتسمح لهم بالمشاركة الكاملة. على هذا النحو، تشجع الحكومة إجراء مشاورات داخلية والتحضير لقيام منبر للتشاور في دارفور من قبل الوساطة لاستكمال عملية التفاوض، مما يهيئ منبرا لمواطني دارفور للتعبير عن شواغلهم. وبذلك،فإن الاتفاق السياسي النهائي سوف تتم بلورته من قبل المتضررين من النزاع وهذا لا يعزز كل ما تم التوصل غليه بشان دارفور وحسب،بل يمكن من الارتقاء بشواغل مجتمعات دارفور ويؤدي في ذات الوقت إلى التخلص من عوامل زعزعة الاستقرار الخارجية.
لا ينبغي أن يفسر هذا بأنه عملية لاستبعاد الشركاء الخارجيين من العملية السياسية، بل بأنه مسعى لجعل مشاركتهم على مقربة من أصحاب الشأن الحقيقيين في دارفور.ستقوم الحكومة بالدعوة إلى تناصر منبر الدوحة مع المبادرات الأخرى، بما في ذلك الهيئة التنفيذية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي واليونميد من اجل تحقيق سلام شامل.
وفي إعادة لهيكلة العملية التفاوضية، تقوم الوساطة في الدوحة بترتيب منبر للمشاورات في دارفور تصب نتائجه في مفاوضات الدوحة وإخراجه هناك عبر الأطراف المعنية ليكون اتفاق سلام وشامل ونهائي وعالمي، وبدعم من الوسيط المشترك للامم المتحدة والاتحاد الافريقي . والغرض من منبر المشاورات في دارفور هو تمكين العناصر غير المتمردة في مجتمع دارفور من المشاركة في المفاوضات ، على اساس ان مثل هذا النهج سوف يضع شروطا لنهاية مستدامة ومرضية للنزاع.
إن الهدف النهائي للمفاوضات هو إعداد اتفاق سياسي شامل يخاطب الشواغل المختلفة لاصحاب الشأن في دارفور، بما في ذلك الاطراف المتحاربة المسلحة للتوقيع على الاتفاق السياسي الشامل والمشاركة في مبادرة شاملة لتسوية النزاع تعالج اسباب الراع وعواقبه.
وينبغي ان يشتمل الاتفاق السياسي الشامل على وقف لاطلاق النار، معالجة الترتيبات الامنية،المصالحة،اقتسام السلطة والثروة، بالاضافة إلى الشواغل الاخرى،التي تحددها مجتمعات دارفور من خلال منبر دارفور للتشاور. ويجب التمسك بهذا الاتفاق من جانب المؤسسات الداخلية والجهات غير الحكومية في دارفور،وان يدعم من المجتمع الدولي ويحمي المخربين من قبل الامم المتحدة والاتحاد الافريقي وغيرهما من المؤسسات. وينبغي للشركاء التمسك باهمية المفاوضات في تحديد القضايا التي يتعين حلها،وتطوير الافكاربشأن البرامج والعمليات للقيام بذلك ، وان تتم مخاطبة شواغل جميع الاطراف المعنية بشكل حاسم ومنصف.
الالتزام بالاتفاقيات الموقعة
تظل الحكومة ومع سعيها الجاد للتفاوض حول تسويات جديدة، تلتزم بالتمسك بالاتفاقيات الموقعة السابقة وتطبيقها وبخاصة ما يتصل منها بالامن ، والادماج،والمشاركة السياسية.وينبغي تجنب حدوث تضارب بين هذه الالتزامات واي اتفاقية يمكن ان تفضي اليها المفاوضات الجارية في منبر الدوحة . ان الهدف الكلي هو انجاز صناعة السلام عبر محاور متعددة تؤمن استيعاب كل المجموعات في دارفور بغية التوصل إلى تسوية في إطار سياسي مقبول. وتجدد الحكومة ، بجانب الاتفاقيات الموقعة، التزامها بما اشتملت عليه مبادرة اهل السودان المعبرة عن اراء غالب اهل السودان،وتسعى لاعتمادها لتهيئة ارضية منبر مشاورات دارفور.
الامن
تمثل التدابير الامنية المسئولية الاساسية لاي حكومة، وهي الوظيفة المحددة للدولة ذات السيادة.لتطبيق القانون والنظام ورد الحقوق وتحقيق العدل بين المواطنيين وستقوم الحكومة باتخذا اجراءات استباقية
وحاسمة لتوفير الامن لكل المواطنيين في دارفور، وسنسعى في سبيل ذلك الى التعاون مع الشركاء الدوليين بقيادة بعثة اليونميد وبما يتسق مع ولايتهم. ولمخاطبة الاسباب الجذرية المختلفة لعدم توفر الامن في دارفور، لابد من تطبيق الخطوات التالية:
أ- إكمال إعداد استراتيجية امنية شاملة وتفصيلية، تحقق الاستقرار، السلام المعزز وإعادة الاعمار بالتعاون مع الادارات المحلية المنتخبة مؤخرا وبالتشاور التام مع جميع اصحاب الشأن في دارفور.
ب- تحديد تدابير وقائية لمكافحة انعدام الامن وتطبيقها لتحقيق الاستقرار في الاقليم.
ت- العمل على التوصل إلى تدابير امنية مع دول الجوار شبيهة بالاتفاقية الامنية بين السودان وتشاد لوقف تدفق السلاح وتقييد حركة المجوعات المسلحة ، بما يضمن انعدام مصادر جديدة لعدم الاستقرار.
ث- شروع الحكومة في عملية نزع سلاح متزامنة من كل المجموعات المسلحة في سياق استراتيجيتها الشاملة لبناء السلام.
ج- حماية المدنيين مع ايلاء اهتمام خاص بالنازحين على ان يتم ذلك بالشراكة والتعاون مع العمليات الحالية التي تضطلع بها اليونميد.
ح- تعمل الحكومة على حماية جميع المناطق في دارفور من المجموعات المسلحة ، وذلك عبر تعزيز قدرات الاجهزة الامنية للدولة وحماية النازحين وتقوية آليات مراقبة الحدود وتفعيلها.كما تعمل على التفاوض حول اتفاقيات وقف إطلاق نار مع المتمردين المتجاوبين ، وإكمال عملية ادماج قوات الحركات الموقعة على اتفاقية ابوجا وإعلانات الاتزام (DPA,DOC) في القوات المسلحة.
خ- ستكون هنالك مشاورات مع شركائنا اثناء مراحل تحديد وتطبيق التدابير الامنية، وسيكون الدعم مطلوبا حسب الاقتضاء.
المصالحات والعدالة
تحتاج عمليات المصالحات والعدالة في دارفورإلى دعم وتعزيز يجنب العودة للصراع في المستقبل .وسيكون منبر مشاورات دارفور المنبر الامثل للتعاطي مع قضايا العدالة والمصالحات.ويجب ان تتم قيادة هذه العملية من قبل مجتمعات دارفور مع مخاطبة جذور الصراع ومسألة استمرار انعدام الثقة وتزايد الانقسامات في اوساط السكان.
ستعمل الحكومة على تكوين منابر جديدة للمصالحات ، مع تقوية الاليات الموجودة أخذا في الاعتبار الوسائل التقليدية والتي اسهمت تاريخيا في حل الصراع .وبالاضافة إلى إلى ذلك ، ستعمل الحكومة على تفعيل دور المسؤولين المحليين المنتخبين مؤخرا لتقوية وتعزيز آليات المصالحات وحل الصراع.
ستقوم الحكومة بالعمل على إنفاذ مشاريع تعويض عادل للمجتمعات المتاثرة بالصراع في دارفور،مع توظيف الموارد المتاحةوالمخصصة للتعويضات وزيادتها إذا دعت الضرورة.تقر الحكومة باهمية البعد النفسي والعملي في موضوع العدالة،وتظل ملتزمة بدعم عمل المدعي العام الخاص المعين لدارفوروالمحاكم الوطنية ذات الصلة للقيام بمسئولياتها بحيادية.
من الاغاثة غلى التنمية
اصبحت الاغاثة في دارفور ضرورية من واقع طوارئ النزوح الكبير ، وتمثل الاغاثة حسب التعريف اجراء مؤقتا وليس مظهرا دائما للحياة في دارفور. لذلك فهي اولوية قصوى للحكومة لاعادة توجيه الجهود الانسانية في اتجاه الـتأهيل والتحول من الاعتماد على الاغاثة ألى التنمية واعتماد اهل دارفور على الذات.
تظل الحكومة ملتزمة بالمبادئ الدولية المعترف بها في مجال العمل الانساني والوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقيات الموقعة،وتؤكد ان الاحتياجات الانسانية الكاملة لاهل دارفور ينبغي ان توفر بسد الفجوات وتسهيل دخول مجموعات العمل الانساني إلى المناطق الآمنة في دارفور.ينبغي ان تعزز العلاقة بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية العاملة في دارفور من خلال النية الحسنة والتعاون الفاعل والجهود المشتركة لمساعدة اهل دارفور مع حماية كرامتهم واعتمادهم على ذاتهم.لاجل ذلك،فإن العودة الطوعية والآمنة والمنظمة للنازحين في دارفور إلى مساكنهم، سيعتبر المؤشر النهائي للحل الناجح للصراع، ويمثل تنظيم هذه العودة واحدة من اولويات الحكومة. ولتحقيق ذلك ستقوم الحكومة ببذل جهود مشتركة مع اليونميد والشركاء الاخرين لتوفير الامن والخدمات الاساسية للنازحين واللاجئين في مناطق سكنهم الاصلية حتى تكون العودة المتوقعة آمنة ومستديمة . بالمقابل، فإن جهود العودة الطوعية ستمكن اصحاب الشأن من تدشين مشاريع تنمية معدة لتوفير سبل العيش وضمان الاحتياجات الضرورية للرعاة والنازحين واللاجئين.
يمثل التخطيط لتقديم الخدمات الاساسية ، المحرك الاساس للتنمية في دارفور بمعالجة التدهور البيئي وتهيئة المناخ بخطط طويلة المدى، ومعالجة النقص التاريخي في البينات الاساسية في دارفور.إن التنمية الحقيقية لن ـاتي إلا مع السلام، ولكن الحكومة ستضع خططا لتهيئة المناخ لضمان توفير موارد من مصادر محلية وعالمية، والاستمرار في تنفيذ المشروعات والتعهدات السابقة او قيام مشروعات جديدة في المناطق الامنة في دارفور. وتهيئة الخدمات الملائمة للرعاة والرحل وسيتم ايلاء اهتمام خاص بايجاد بيئة تساعد على عودة النازحين واللاجئين.
ستمضي التنمية يدا بيد مع بناء قدرات الخدمة المدنية في دارفور من اجل تقديم خدمة افضل لاهلها وتعزيز امنهم . وسيتم تعزيز بناء القدرات من خلال استصحاب المؤسسات غير الرسمية في ذلك وتشجيع انخرط المؤسسات التشريعية والتفيذية كذلك.
تعديل الانطباعات وتجلية الواقع
لقد تم تضخيم الوضع في دارفور من خلال نشر المعلومات الخاطئة حول الصراع،وهذا التشويه المتعمد مصحوبا بالدعاية التي تقوم بها بعض المجموعات المتمردة، استمر يشكل النزاع ويعقد من عملية البحث عن السلام. لذلك من الضروري وحتى يتم تعزيز العملية السلمية ، القيام بتعديل المفاهيم عن ازمة دارفور لتكون متسقة مع حقيقة الاوضاع على الارض،وتعزيز التصورات الايجابية المتبادلة بين مجتمعات دارفور المختلفة . كل هولاء بمن فيهم الشركاء، والعاملون في الاغاثة والاعلام ، والمراقبون عليهم عكس الحقيقة،والبعد عن تشويه الواقع والترويج لمعلومات بصورة غير دقيقة تنشر الكراهية والبغضاء بين العناصر المختلفة في دارفور.وبالتحديد،فإن على الاطراف ذات المصلحة إعداد تقارير عن دارفور من مصادر نزيهة وموثوق بها، وتعمل على الارض.
تعتمد على شركائنا الدوليين بفعالية في هذا المجال، تعزيزا للتعاطي البناء والايجابي والذي يشجع الحوار بين مكونات مجتمع دارفور المختلفة،مع عدم تشجيع الاستقطاب والاراء غير النزيهة.إن على اصحاب الشأن مسئولية البحث عن معلومات دقيقة وحقيقية في كل الموضوعات المتصلة بدارفور.
دور الشركاء
إن انخراط الشركاء محليين او اقليميين او دوليين سيتم تقييمه وفقا للمصالح الحقيقية لاهل دارفور. وتشجع الحكومة الشركاء الدوليين دولا او منظمات لدعم العملية السياسية الشاملة بصورة بناءة تعترف بمركزية قيادة السودانيين للحل المستدام.
اليونميد
تعتبر الحكومة،بصورة خاصة اليونميد شريكا فريدا في عملية تحديد وتطبيق مبادرتها الامنية والسياسية والانسانية والتنموية،وتشيد بالدور المهم لليونميد في تحقيق الاستقرار في دارفور.ما تزال تتمتع اليونميد بعلاقة عمل مثمرة مع حكومة السودان بما يوجب عليها الاستمرار في تقديم مساهمات مهمة للمساعدة في تسهيل انسياب العمليات الانسانية.إن على الحكومة والونميد العمل سويا لمراجعة النجاحات التي حققتها البعثة والنظر في المجالات التي تتطلب التحسين . يحتاج الطرفان كذلك غلى العمل على تعزيز التعاون بصورة خاصة بهدف تقوية دور اليونميد المحوري للقيام بدور حاسم في هذا التحول المتوقع من الاغاثة إلى التنمية والتحول من سياسة الابقاء على الوضع الراهن نحو مزيد من النهج الفاعل لمعالجة العقبات التي تبطئ من تحقيق الامن في مناطق معينة حول دارفور.
ستكون اليونميد الشريك الاساسي في استراتيجية الامن الجديدة نحو مزيد من تعزيز امن المدنيين دون انتقاص للالتزامات السيادية لحكومة السودان، وعلى اليونميد الاجتهاد في استخدام ممتلكاتها بالتنسيق مع الاجهزة المعنية لتعزيز إعادة الاعمار والتنمية في دارفور . وتكملة لجهود منبر الدوحة فإن على اليونميد دعم العملية السياسية على الارض في دارفور.
فريق العمل المعني بدارفوروالتابع للاتحاد الافريقي والهيئة التنفيذية العليا التابعة للاتحاد الافريقي
تعترف الحكومة بالمساهمات المقدرة لفريق العمل والهيئة التنفيذية في العملية السياسية في دارفور مع التقدير للخبرات الكبيرة والمصداقية والنية الحسنة التي تتمتع بها الهيئتان .ستواصل الحكومة تعويز علاقاتها وتوسيعها مع الهيئة التنفيذية رفيعة المستوى في البحث عن حل نهائي للصراع في دارفور،كا ان الهيئة في وضع يمكنها من التوسط مع اصحاب الشأن الاقليمين والدوليين في عملية سياسية لمصلحة اهل دارفور. تتفق الحكومة تماما مع توصيات فريق العمل باتخاذ تدابير احادية من قبلها في مجالات الامن،العودة الطوعية والتعويضات والتي تشكل جميعها ركائز اساسية للاستراتيجية الجديدة في دارفور. وبالتعاون مع اليونميد والهيئة التنفيذية العليا سيتم القيام بدور مهم في التنسيق والاعداد لمنبر مشاورات دارفور.
الشركاء الاخرون
للشركاء الاخرين دور مهم يلعبونه. وتتوقع الحكومة من الاتحاد الافريقي ، الامم المتحدة، الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي الاستمرارفي انخراطهم البناء ومضاعفة جهودهم للتصدي للعقبات المتبقية في طريق السلام.وتشيد الحكومة بدور قطر في استضافة وتنسيق منبر الدوحة والذي ينبغي ان يستمر ويعزز وزيكمل بآليات اخرى. ويتوقع من الشركاء الاقليميين الاخرين أن يلعبوا دورا اكثر ايجابية في تحقيق السلام مع تجنب التدخلات المضرة وغير المفيدة.
وضع المجتمع الدولي دارفور في صدارة اهتمامه ،ولكن مشاركته في الحل الايجابي،ظلت محدودة، وكثير من اجراءاته مضرة وغير مفيدة مثل تدخل المحكمة الجنائية الدولية وتصرفات بعض المتمردين. ولكي يلعب المجتمع الدولي دورا اكثر ايجابية في إطار الاستراتيجية الجديدة،فإن تحولا اساسيا يظل مطلوبا في السلوك والادوار، وتحديدا فإن التحول مطلوب من سلولك المواجهة والتعويق إلى مزيد من نهج التعاون البناء.
واحد هذه الامثلة التي يمكن الاشارة اليها على صعيد التحول في السلوك والذي يمكن ان يحقق مساهمات مقدرة،هو التعاون المطلوب في مجال التحول من الاغاثة إلى التنمية.
في الوقت الحالي،فإن مئات الملايين من الدولارات صرفت للابقاء على الاوضاع في دارفورعلى وضعها الراهن سواء أكانت إغاثة النازحين أو ابقاء الوكالات الدولية والمنظمات. في الوقت الراهن،فإن التعويضات والعودة الطوعية تمثل واحدة من الاشياء التي محتاج اليها. إذا تم تقديم المانحين الدوليين
لتعهدات من مواردهم لمقابلة التعويضات والعودة الطوعية ،فإن ذلك سيكون مؤشرا مشجعا لمجتمعات دارفور للقبول بالعودة الطوعية مما يشاعد في حل النزاع بصورة اسرع.
التطبيق
يتم حاليا تطوير الخطط التفصيلية لتحقيق التزامات هذه الاستراتيجية.بمجرد الفراغ من عمليات التشاور مع الشركاء وفي إطار مؤسسات الحكومة، سيكون من الممكن البدء في هذه المشروعات من خلال اتخاذ خطوات عملية ومحسوبة على الارض.
ستقوم الحكومة كذلك باتخاذ اجراءات احادية من جانبها متى ما دعا الامر، مع التزامها بان تكون حاسمة في منهجها. تلتزم الحكومة تحديدا بتكوين منبر مشاورات دارفورDCF وتدشين مبادرات تحقيق الامن والاستقرار.
ستقوم الحكومة بدعوة المؤسسات غير الرسمية والشركاء الاخرين الذين سيقبلون هذه الاستراتيجية لتشكيل شراكة لتطبيق هذه الاستراتيجية.
ستكون هذه الاستراتيجية خاضعة للمراجعة الدورية وقابلة للتعديل وفقا لتطورات الاوضاع في دارفور.
الإطار الزمني
سيلتزم اصحاب الشأن في دارفور بسقف زمني مححد للتوصل إلى اتفاق سلام بالاضافة إلى إطار زمني لعودة اللاجئين والنازحين ، واي عمليات ترد في اي اتفاق سلام مستقبلي. يعزز هذا الاطار الزمني من فرص التوصل إلى اتفاق سلام شامل وابتدار مشروعات مهمة قبل استفتاء يناير 2011 حول تقرير المصير في جنوب السودان بوقت كاف.
إجازة مجلس الوزراء
في جلسته رقم(23) بتاريخ الخميس 7 شوال 1431 هـ الموافق 16 سبتمبر 2010 أجاز مجلس الوزراء هذه الاستراتيجية وقد اضاف توصيات كما اقر توصيات اخرى من خلال التشور مع القوى السياسية او تنظيمات المجتمع المختلفة، والتوصيات هي كما يلي:
1- ابراز مبادرة اهل السوان لحل مشكلة دارفور بصورة اقوى واوضح
2- تاكيد التكامل والارتباط الوثيق بين الامن والعدالة في السعي نحو تحقيق السلام
3- ابراز دور المراة في تنفيذ الاستراتيجية ،وتضمن الاستراتيجية تحقيق اهداف الدولة نحو الاطفال
4- ايضاح المقصود بالتنمية ليس التنمية الاقتصادية وحدها ،بل التنمية الاجتماعية ايضا
5- اعطاء اهتمام اكبرلدور قواعد المجتمع كشركاء اصليين ، ويشمل ذلك الادارة الاهلية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الشعبية عموما
6- صياغة خطة اعلامية فاعلة لدعم الاستراتيجية
7- تحديد آليات تنفيذ الاستراتيجية بصورة دقيقة
8- تحديد آليات تقويم تنفيذ الاستراتيجية
9- إحالة الاستراتيجية إلى القطاعات الوزارية للاشراف على انفاذها في جوانبها الرسمية؟
* تعرف هذه الورقة باستراتيجية غازي صلاج الدين مستشار رئيس الجمهورية مسؤول ملف دارفور
هناك تعليق واحد:
click here for more info click over here now best site useful source click for more info Dolabuy Chloe
إرسال تعليق