الثلاثاء، 1 فبراير 2011

حوار شامل مع "محمد علال" وزير الشؤون الثقافية المغربي

في حوار شامل مع "محمد علال" وزير الشؤون الثقافية المغربي
القمة الإسلامية "بالرباط" فرصة لمعالجة القضايا وتقديم الصورة الصحيحة عن الإسلام
السودان والمغرب يدافعان عن وحدة ترابهما
تدرج في المسيرة الديمقراطية والبرلمانية بالمغرب
• محمد علال سيناصر وزير الشؤون الثقافية ومبعوث الملك الحسن الثاني زار الخرطوم حاملا رسالة العاهل المغربي الشقيقة فخامة الرئيس عمر البشير لدعوته لحضور قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في الدار البيضاء في الفترة من 13-14 ديسمبر الجاري .
• السودان الحديث انتهزت هذه الزيارة الكريمة وأجرت مقابلة مع معالي وزير الشؤون الثقافية المغربي تطرق لقمة المؤتمر الإسلامي والتضامن العربي الإسلامي والقضايا المغاربية والعربية في الشرق الأوسط.
بطاقة تعريفية
• محمد علال سيناصر وزير الثقافة تقلد المنصب منذ عامين ونصف
• موظف سابق بمنظمة اليونسكو مديرا لقسم العلوم الإنسانية.
• عمل أستاذا بجامعة الدار البيضاء .
السودان والمغرب
• ماذا عن زيارتكم للسودان وكيف تنظرون للعلاقات الثنائية بين البلدين؟
الزيارة بطبيعة الحال للتحضير لقمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي يستضيفها المغرب ولتقديم الدعوة إلى فخامة الرئيس عمر حسن احمد البشير لحضور هذه القمة بالدار البيضاء في 13-14 ديسمبر الحالي. وتتعلق بقضايا المنظمة وجلالة الملك الحسن الثاني- حفظه الله – يعمل على أن تساهم القمة في تحسين صورة الإسلام والمسلمين بصفتهم أهل رسالة حضارية وأخلاقية وبصفتهم طرفا أساسيا من بين المستفيدين من التقدم الذي أحرزه عالم اليوم في جميع المجالات.
قمة الدار البيضاء
• ماذا تتوقعون من هذه القمة في ظل التحيات والأزمات التي تواجه الأمة العربية والإسلامية؟
القمة فرصة لمعالجة وإزالة العقبات وتنسيق العلاقات بين دول المنظمة وهي مناسبة لإعطاء الدليل الفعلي والعملي على قدرة المسلمين على مدارسة التحديات التي تواجههم في جو يسوده منطق الحوار،حياة تنتقل من أزمة إلى أخرى ، واجتهاد متواصل في حل الأزمات التي نواجهها والتحكم في التغيرات،ومن بين التحديات التي يجب الاهتمام بها ما يروج على حساب ديننا وما يوصف به من التطرف وعدم التسامح ، كما يبدو ذلك في الصحف الأجنبية تقريبا كل يوم وهذ الشائعات التي تسئ إلى الإسلام تتناسى القيم التي بني عليها وتأتي القمة في هذه الظروف لتكون فرصة لتحليل هذه الظواهر التي تمس مصالح الشعوب الإسلامية وبالتالي قد تهدد كيانهم، ولاشك ان قضية البوسنة والهرسك تقع مسئوليتها كذلك على الرأي العام الذي لا يعبأ بها ولا يشجع على اهتمام المسئولين بها ، وبالطبع لست مكلفا بالحديث عن أهداف القمة لان القادة سيجتمعون لتحديد ذلك ولا سبيل لمحاولة التنبؤ بمواقفهم وإذا أشرت إلى مشاكل البوسنة فلان ذلك واضح كل الوضوح.
العلاقات الثنائية
• ما هو تقييمكم للعلاقات بين السودان والمغرب خاصة المجالات الثقافية؟\
العلاقات بين المغرب والسودان علاقات وطيدة ترجع إلى ماض سحيق وتتميز بالتعاون في شتى المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية في إطار من الاتفاقيات تؤطر هذا التعاون وهناك لجنة مشتركة تعمل على التباحث والتدارس في مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين كما تسهر على تنفيذ كل ما اتفق عليه الجانبان ومن المنتظر ان تجتمع هذه اللجنة في بداية السنة القادمة بالمغرب. ويحظى الجانب الثقافي باهتمام خاص في التعاون بين البلدين إذ ان هناك مئات الطلبة السودانيين يتابعون دراستهم بالجامعات المغربية ويشارك العلماء والأساتذة السودانيون في الدروس الحسنية التي تقام كل سنة برئاسة العاهل المغربي بمناسبة شهر رمضان المبارك.
الأوضاع في السودان
• كيف تظرون إلى تطورات الأوضاع في السودان وهو يواجه قضية الجنوب ويدافع عن بوابة العرب الجنوبية؟
يدافع السودان عن كيانه ووحدته ونحن أيضا ندافع عن كياننا ووحدة ترابنا ونريد أن نحتفظ ببلدنا بكل إمكاناته الجغرافية والطبيعية لتواجه المشكلة الكبرى التي علينا حلها اليوم وهي مشكلة "التنمية" ومسائل الثقافة تفتح الإسلام مع كل هذه المسائل وتجديد هذه المجالات في إطار الوحدة المشروعة في كل بلد.

القومية في السودان
• الحوار بين الإسلام والقومية كيف يكون؟
ان شخصيا متحفظ على كل ارتجال في هذه القضية التي يتطرق لها من الزاوية الأيدلوجية والتي لها أعماق فكرية وواقعية سياسية وغيره جديرة بالتركيز والتعميق،ولنبق في منطق الموضوع الذي جمعنا وهو زيارة السودان الشقيق في إطار الدعوة التي وجهها جلالة الملك الحسن الثاني إلى أخيه الفريق عمر البشير رئيس الجمهورية السودانية،فان المؤتمر الإسلامي مؤسسة من النوع الذي تتلاءم فيه التيارات الإسلامية المختلفة والانتماء العام إلى الإسلام كمرجع قيمي يتم فيه البحث عن الوسائل الناجعة لبناء التضامن بين دول الإسلام وشعوبه.
البرلمانية المغربية
• ما هي تطورات التجربة البرلمانية في المغرب والمسيرة الديمقراطية؟

المسيرة الديمقراطية في المغرب تتم بالتدرج في مراحل توسيع الديمقراطية ومنذ سنوات الاستقلال وانتصار المقاومة الشعبية على الاستعمار والى يومنا هذا . وقد بلغت كما تعلمون درجة حيوية في التعاون بين الحكومة والأحزاب الممثلة في البرلمان. والأحزاب المقترحة للحكومة لا تشكل أغلبية والمجال مفتوح بالمفاوضات بين الأحزاب والجماعات الأخرى لقيادة هذه المسيرة الكبرى في إطار التقاليد السياسية المغربية وهذه التجارب ضاربة في أعماق التاريخ والطموحات ترتبط بانتماءات المغرب ومواقفه.
مشاركة المعارضة
• كيف يمكن ان تشارك أحزاب المعارضة في المسئولية والحكم؟
السؤال تشارك أو لا تشارك يلقى أن يطرح على الأحزاب نفسها، ولكن أقول أن المعروف اليوم أن التعاون في الحكم بين الأحزاب عمل يبين انه لا معارضة دائمة ولا وجود دائم في الحكومة ولكن هناك تناوب يعبر عن واقع الرأي العام المغربي وعن خياراته الحرة في إطار انتخابات حرة. واقبل المغرب على تجربة ديمقراطية وقبلها بكل روح طيبة واستعد لها تدريجيا وأصبح مسلحا لها لان مسيرة المغرب وتاريخه الطويل جعل المسيرة فيها تناغم بين الرسمي والشعبي في الدفاع عن وحدته وتوافق خطواته في إطار الديمقراطية وأصبح من الممكن أن تستقيم الأساليب الديمقراطية وان لا تضييع في الحزبية العتيقة.
المؤتمر الاقتصادي
• عقد المؤتمر الاقتصادي بالمغرب وقد يكون سابقا لأوانه لان السلام لم يتحقق .. فهل سيحق هذه المؤتمر نتائجه؟
السلام لم يتحقق بعدن هذا صحيح لكن الحرب وضعت أوزارها والشعوب تعبت من تأدية تضحيات والسلم في الطريق وبناء وه ضروري والوسائل متاحة،والعالم عليه مواكبة الأوضاع الاقتصادية والمؤتمر وسيلة للسلام والاقتصاد يتعلق بالحاجات الملحة للبشر هذا شئ طبيعي فالحرب العالمية لم تضع أوزارها وكان التفكير في إقامة النظام العالمي الذي كان مقررا له أن يقوم بعد الحرب وكذلك نشوء الأمم المتحدة سبق نهاية الحرب والاتفاق على الشؤون الاقتصادية هو بمثابة الشروع في الحل وهو جزئية للحل والقاعدة الفقيه تقول" ما لا يرك كله لا يترك بعضه".
السلام في الشرق الأوسط
• ولكن كيف يتحقق السلام وإسرائيل لم تنسحب من الأراضي العربية المحتلة ؟ ولا زالت المفاوضات مستمرة؟
الحل يتم بالمفاوضات بين المعنيين وسعى المغرب لتسهيل الطرق بين الدول العربية ويهمه إيجاد الطرق الناجحة التي تخدم المصالح العربية وتحفظ حقوق الشعب الفلسطيني والحقوق العربية وما أدرك على هذا الطريق كله ايجابي قادر على فتح آفاق جديدة وليس من شانه أن يقلص الإمكانيات.
الصحراء المغربية
* وماذا عن تطورات الصحراء المغربية؟
تعلمون ان المغرب مؤمن إيمانا خالصا بالشرعية الدولية وقبل إجراءاتها وهي للأسف الشديد تجد العراقيل وليس المغرب مسئولا عنها،فالمغرب كما تعلمون مصمم على وحدة ترابه والذين يقفون في وجه تحقيق الإجراءات الأممية في الواقع يخشون النتيجة المنتظمة للاستفتاء الذي سيؤكد وحدة المغرب بطبيعة الحال.
الاتحاد المغاربي
• كيف يجري العمل في الاتحاد المغاربي وكيف تنظرون لمستقبله؟
دعا المغرب إلى المغرب العربي وفكرته شعبية دعا إليها الزعماء وامن الرؤساء وندعم هذه الفكرة ويضمن لها خدمة أغراضها على ارض الواقع الملموس وشارك المغرب بكل قطاعاته في الاجتماعات الأخيرة للاتحاد "بالجزائر العاصمة" وقد حدث منذ أسبوعين من اجتماعات وزراء الثقافة والإعلام في الاتحاد ونرى مستقبله توحيد الصفوف.
مصر والاتحاد
• وماذا عن طلب مصر للانضمام للاتحاد المغاربي؟
يجب ان يفهم الاتحاد المغاربي في مضمونه الأصيل فهو ليس اتحادا خاصا يمنع الآخرين من الانضمام إليه وتدرس القضية ويقرر فيها على مستوى المسئولين وليس القرار لبلد دون الآخرين وما يهمنا ليس إغلاق الباب
انطلاقا من تفتح المغاربيين على بعضهم البعض والعرب على الآخرين( لذلك عمل الملك الحسن الثاني – حفظه الله – عملا يستهدف توحيد الصفوف ورفع اللبس وسوء الفهم الذي قد يضر بالعلاقات على المستوى الثنائي او المستويات الأخرى.ويهمنا أن نجعل للأمة العربية أسبقيات لعلاقاتها مع بعض حتى تتحقق الاستفادة من العلاقات الوريثة ومن المساعدات. ومن هذه السمة الطيبة يكون التسامح مهما بينهم ويحملوا رسالة حضارتهم الحقيقية بمصداقية والتسامح معنى أصيل في اللغة العربية واعني المصطلح ) والتسامح يكون لجهتين مع بعضهما البعض ولهذا كانت المصداقية لانتماءاتنا الحضارية والأخلاقية – وتتلخص تلك الانتماءات في العمل بالمبادئ لسامية حتى لا يصبح الإسلام ذهن وعقل الآخرين كما تريد بعض الجهاد متعارف بالقتل والتقتيل والترهيب والإرهاب وسفك الدماء وغبر ذلك فالإسلام دين وحضارة ومثل وأخلاق ونحن في عالم الكل ينظر ألينا ويجب أن نعبر عن هذه القيم وحتى نكون نموذجا للتصرف البشري والحضاري وان تستقيم بعض الطرق وتتجاوز بعض العقبات.
الأوضاع في الجزائر
• استقرار الأوضاع في الجزائر يهم كل العرب فكيف تنظرون لتطور الأوضاع هناك؟ وهل سيحقق الحوار أهدافه؟

أريد أن أقول وقبل كل شئ ا المعني بالدرجة الأولى هو شعب الجزائر وبالدرجة الثانية جيرانه المباشرون كما سترون وهذا صحيح بالخصوص بالنسبة للمسلمين لان الرسول0ص) قال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه لذلك نحن نهتم بما يجري في الجزائر ولا نتدخل في شؤونها الداخلية وللمغرب تقاليد سياسية ورؤية تاريخية مستمرة المفعول لا تتدخل إلا في الخير وإلا إذا وجد بديلا لحل المشكلات .
الحوار في المغرب
• ولكن للمغرب تجربة في الحوار لحل القضايا؟

الذي يمكن أن أقوله إن المغرب يتميز بمنهاج واضح وإيمانه بالحوار لتسوية المشاكل واتبع ذلك في مقاومة شعبه تحت راية الملك محمد الخامس وأدرك ذلك بعد الاستقلال واستمر في هذا النهج بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني – حفظه الله- ورؤساء الأحزاب والمعارضة في إطار المجلس الخاص بالشؤون الاجتماعية وفي إطار المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وكل المؤسسات تنبثق من فكرة الحوار،ولكن ليس لنا أن نعرض آراءنا على غيرنا لان هذا ليس منهاج المغرب ولكننا نؤمن بالحوار كأساس للتفاعل والمغاربة معرفون بشجاعتهم وباستماتتهم في الدفاع عن قيمهم ووحدة ترابهم وليس إيمانا بالحوار من باب التسامح في كل الأحيان ولكن بالإيمان الراسخ بان الرأي الأخر قبل شجاعة الشجعان وحتى تكون الحكمة في الشجاعة في محلها ولا تطغي العواطف في القرارات السياسية ولا تطغي العواطف على القرارات السياسية لأنها قصيرة الديمومة وليس دعوة المغرب للحوار من باب التلهي ( تمليح الكلام) ولكن عن إيمان راسخ إنما يميز البشر هو"سلاح الفكر قبل سلاح اليد" حتى لا تتصرف الوسائل في المقاصد وحتى تدرك المقاصد قدرتها على الانجاز بالطرق الحكيمة الجديرة بها.
حصار ليبيا والعراق
• وكيف تنظرون إلى الحصار المفروض على ليبيا والعراق؟
• شارك في الإجابة سعادة سفير المغرب عبد الخالق بن ابراهيم:-
• انه لا يخفى على احد أن الاتحاد المغاربي اصدر بيانا عن الحصار على ليبيا والعراق وكان أخر تصريح أدلى به الوزير الأول – وزير الخارجية أن العراق قدم الكثير ونفذ ما طلب ومنه ولابد أن يخفف عنه الحصار وكذلك الموقف من الحصار على ليبيا كما أن اعتراف العراق بالحدود مع الكويت أصبح شيئا هاما وهو مبرر لتخفيف الحصار. ويجب أن نترك للمسئولين ولقادة الشعوب أن يتصرفوا في هذه الأمور ليضمنوا لها ما يجب من التقدم وتتمكن من تسويتها.
• السودان الحديث العدد( 1781)الجمعة 9 ديسمبر 1994