الثلاثاء، 3 مارس 2009

بونايا قودانا.. غصن الزيتون لم يسقط !


بونايا قودانا.. غصن الزيتون لم يسقط!

قد يذكر الكثيرون الجنرال لازراس سامبويا ، الوسيط الكيني في سلام السودان ، الذي صلى من اجل اتفاقية السلام الشاملة ، وفي ذاكرتي ومفكرتي ، رجل أخر لعب دورا ، لا يقل عن دور سامبويا ، حيث وضع لبنة في محادثات السلام السودانية التي استضافتها عدة عواصم افريقية ، أديس أبابا ، نيروبي والتي شهدت الحدث التاريخي بتوقيع اتفاق السلام في 9 يناير 2005 والتي اسكت لعلعة الرصاص، كان وزيرا للخارجية ، وممثل كينيا في مبادرة الإيقاد بإعلان مبادئها المثير للجدل حيث رفضته الحكومة 1993 وعادت لتقبله 1994، قابلته أول مرة في الخرطوم التي استضافت اجتماعا للإيقاد 1998 ، تجمع الصحفيون حوله ، وباغته بالسؤال : أرجو أن توجز لنا ما دار في اجتماعكم ؟ كان رده سريعا : يمكنك أن تسال موظفا في سكرتارية الإيقاد فانا وزير خارجية كينيا ، وهنا التقطت إشارته ، فعدلت السؤال سريعا : أرجو أن تحدثنا عن الدور الكيني في عملية السلام ؟ وهنا تحدث الرجل وانفتحت شهيته للكلام ، وفي العرف الصحفي فان السؤال الافتتاحي ينبغي أن يكون مشجعا ومحفزا لأي مسئول ، تحدث للصحفيين باستفاضة ، وودعنا بابتسامة قائلا : نلتقي في كينيا !
التقيته مرة ثانيه حينما احتضنت نيروبي جولة مفاوضات 3 – 7 مايو 1998 ، والعاصمة الكينية مدينة جميلة وسياحية تغتسل بالمطر ، ومطارها فسيح ، وفي قاعة جومو كينياتا، ابرز معالمها ، جرت المفاوضات ،و التقيت الرجل فذكرته بوعده وطلبت منه اجراء حوار لصحيفة عربية تصدر في لندن وكنت أراسلها من الخرطوم ، فأومأ برأسه مرحبا بنا في بلده ،ولكن لم أتمكن من محاورته ، حيث كان مشغولا . وفي أديس أبابا ، وتحديدا في أغسطس 1998 ، جرت جولة أخرى من المفاوضات في منظمة الوحدة الأفريقية – آنذاك – ومبناها غاية في الروعة ، وأديس أبابا مدينة يسكنها الجمال ، وأهلها يكنون ودا للسودانيين ، التقيت الرجل للمرة الثالثة ، فتذكرني ، وتحدث لمرافقيه بأنه سيوفي بوعده للجلوس معي للحوار وقال : هذا الصحافي قابلته في الخرطوم وعقب الجلسة ألافتتاحيه ، جلسنا ودار حوارنا وتحدث عن السلام في السودان وأهميه استقراره كبلد كبير وما يجري فيه يؤثر في جيرانه .
هذا الرجل هو الدكتور بونايا قودانا ، وزير خارجية كينيا السابق 1998- 2001، تقلب في عدة مناصب في بلده ، كان ناشطا ومهموما بعملية السلام في السودان ، يحترم الصحافة ، مرتب الأفكار ، حديثه مباشر ومحددا وفي لب الموضوع بحكم خلفيته القانونية . جاءت سيرة الرجل خلال حديثي مع روزماري دبليو ندقاوا ، وكيلة وزارة الإعلام والاتصالات الكينية ، خلال مشاركتها في اجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة الأفريقية للاتصالات "راسكوم" في الخرطوم 22- 25 أكتوبر 2007 ، حيث ذكرت لي أن قودانا قضى نحبه في حادث سقوط طائرة وكان في مهمة سلام داخل كينيا 2006 ، وكان ذلك مؤثرا ، وشاطرتها الأسف والعزاء ، وعددنا مناقب الرجل ، فقد كان محبا للسلام ، ورجل حمل غصن الزيتون في بلده ومن اجل السودان ومن أفريقيا ، وعاش من اجل المحبة والسلام ،وكانت أخر مهمة له من اجل السلام . وBonaya Adhir Godana - وهذا اسمه الكامل - ولد في 2 سبتمبر 1952 في دوكانا ، وتخرج بدرجة الماجستير في القانون في جامعة نيروبي 1967 ونال درجة الدكتواره في القانون الدولي من جامعة جنيف 1984 ، وانتخب لأول مرة نائبا في الجمعية الوطنية الكينية (البرلمان) 1992 ، ولقى مصرعه بتحطم طائرة تابعة لسلاح الطيران الكيني في 10 ابريل 2006 في مارسيت ، ومنذ 2002 وحتى وفاته كان نائبا لرئيس حزب كانو المعارض .فغصن الزيتون لم يسقط ، فقد أكمل الجنرال سمبويا مسيرة السلام الذي عم السودان .

ليست هناك تعليقات: