الاثنين، 23 فبراير 2009

ندوة اشكالية الهوية في السودان

موضوع الندوة : اشكالية الهوية في السودان
المتحدث : الدكتور الباقر العفيف
مدير النوة: المهندس عمر بوب
معقي : الدكتور محمد الامين ، صحافي موريتاني بقناة الجزيرة.
الزمان : الاثنين 17 مارس 2008
المكان : مركز اصدقاء البيئة
استهلال
بدا الدكتور الباقر العفيف ،مدير مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية ، الحديث بالتعبير عن سعادته بان يكون متحدثا ، يتحاور مع الحضور ، حول اهم المواضيع والتحديات التي تواجهننا ، وعلى المتعلمين ان يقوموا بدور في التغيير الى الافضل ، وفي النظر في مشكلات السودان ، والاسهام في حلها ، ودفع الحلول خطوة الى الامام ، ونحن في وضغ لايسمح إلا بالانشغال بالهم العام ، والوضع يشبه ان الجميع في مركب "مقدودة" في بحر وتوشك ان تغرق ، وهم الجميع ترقيع الثقوب ، لانقاذ انفسهم ، وماويواجهننا هو كيف ننقذ انفسنا ؟ الظاهرة الملاحظة على الشعب السوداني في اوساط الاخرين والمتعلمين ، انه شعب سياسي ، فاي شعب مثلنا ينشغل بالسياسة ، ومقدمة عمر بوب عن الحرب الطويلة في السودان هي المدخل للنظر في موضوع "الهوية" ، ففي السودان انجزنا اطول خروب افريقيا ، استمرت منذ استقلالنا 1955 وحتى هذه اللحظة ، فالطرف الثابت هو الحكومة السودانية ، وحتى عندما انجزنا السلام عام 1972 استمرت "الحرب الباردة" بين الشمال والجنوب ، وكانت حركة انانيا 2 ناشطة على نطاق محدود ، فما هو الدافع لاستمرار الحرب ، ونحن شعب فقير لايحتمل الحرب ، ونواجه مشاكل في التنمية البشرية والمادية ، فالغلبية تعاني من الامية ، و85% يعيشون تحت خط الفقر ، ودارفور عدد ساكانها مابين 5الى 6 ملايين نسمة ، ومنهم حوالي 60% في مخيمات ،بسبب الحرب ، فما هو الحافز الذي يجعلنا نستمر في الحرب ؟ ، غالاولوية ينبغي ان تكون لايقاف الحرب .
إشكالية الهوية
اعتمد الدكتور الباقر العفيف في الحديث وعرض افكاره على ورقة اعدها من قبل بعنوان "أزمة الهوية في شمال السودان .. متاهة قوم سود ...ذوو ثقافة بيضاء" حيث هناك الآن اتفاق واسع بين السودانيين، شماليين وجنوبيين علي حد سواء، أن بلادهم تعاني أزمة الهوية الوطنية. وأصبحت الحرببالنسبة لهم وبصورة جوهرية، حربًا للرؤى، كما عبر عن ذلك تعبيرًا بليغًا، فرانسيس دينق ،الشخصية السودانية الجنوبية البارزة ، وقد سعى الشمال الذي يشعر بأنه عربي ومسلم، إلى تعريفالبلاد كلها على هذا الأساس. وهو لم يكتف فقط بمقاومة كل محاولات القطاع غير العربي لتوصيفالسودان باعتباره جزءً من أفريقيا السوداء؛ بل بذل جهدًا خارقًا لاستيعاب الجنوب من خلالسياسات التعريب والأسلمة، وسعى إلى تحويل الهوية الجنوبية إلى انعكاس مشوه للذات الشمالية.ولكن الجنوب، الذي نظر إلى المشروع كنوع من الاستنساخ الثقافي، قاوم هذه الاتجاهات دون هوادة.وسلط العفيف الأضواء على التراع داخل الهوية الشمالية التي تقود إلى التراع الأكبر بين الهويتينالجنوبية والشمالية وكشف العلاقة بين الانشطارات التي سببتها النخبة الشمالية الحاكمةعلي مستوى البلاد، وتصدعات النفس الشمالية ذاﺗﻬا، وتحديد ما إذا كانت الأولى، هي في نفس الوقت ، عرضًا للثانية وعلامة عليها ، ويحاول العفيف إنجاز تحول أخر، بنقل الانتباهمن الازدواجية الخارجية التي تميز الانقسام الشمالي/ الجنوبي، إلى الازدواجية الداخلية التي تعاني منهاالذات الشمالية.


تفكيك الازمة
الدكتور الباقر العفيف ، فكك "المسكوت عنه " في الهوية ، ولامس قضية بالغة الحساسية، مستخدما "التحليل السياسي" لموضوع "ثقافي" ،وقد يكون صاعقا في اسلوبه ، بتشريحه للواقع وافرازاته ، مستشهدا بمحاولات اخرين لسبر هذه "الاشكالية" ، ونقدها والاضافة اليها ، يساعده في ذلك انشغاله الباكر بالقضية ذاتها ، وعمله في منظمة العفو الدولية ،ووتناوله فيدة ملفات للحروب في السودان ، جنوبا وغربا وشرقا ، وربما وصلت الشرارة الى الشمال في قراءته للمستقبل ،مهد للندوة باستعراض مساهمات الشيوعيون وحكومة مايو في إعلان 9 مارس 1970 الذي اعترف – ولاول مرة – بالخائص الثقافية لجنوب السودان ، ومنحه الحكم الذاتي . ومضى الى "حرب الرؤى" لمؤلفه فرانسيس دينق ، والذي ارجع الحرب بين هويتين الى سببين هما :
- هوية شمالية تريد القضاء على الجنوبيين .
- هوية جنوبية تقاوم من اجل البقاء .
ويلحظ العفيف هيمنة الهوية الشمالية ، والتي تمارس الاسلمة والتعريب ونحت لهذه السياسة مصطلح "الشملنة" ، حيث وضع الصراع على اساس "شمال وجنوب" ، لكن الدكتور جون قرنق ، عرفه بانه "صراع دائري" ، هو بين المركز والهامش ، ويقف العفيف بكثير من الاعجاب ، والتبني لمقولة الاستاذ محمود محمد طه ، "حل مشكلة الجنوب تكمن في حل مشكلة الشمال " ويرى ان "اعراض " الحرب قي الجنوب بينما "الجرثومة" في الشمال واشار ايضا الى اسهامات الدكتور منصور خالد في مسألة الهوية ، والذي يرى ان السودان يعتبر وطنا افتراضيا virtual ، ويختلف العفيف مع ورقة الدكتور محمد سليمان "حروب الموارد" التي اعتمدت التحليل الماركسي وتهميشها التحليل الثقافي ، في انها لم تضع اجابات على اسئلة كثيرة ، ولم تفسر مآلات ان تكون الدولة عنصرا في الصراع .
ويخلص العفيف "الاشكالية" في ان السودان "بلد متنوع ومتعدد الهويات والثقافات والديانات والاعراق واللغات والتواريخ المتعارضة ، وهو مجرد شعوب تجاور بعضها البعض لم تستطع ان تصوغ دولة متعددة "ويجزم بان البنية الفوقية لا تعكس البنية التحتية ، ونتج عن ذلك :
- تمييز بنيوي
- عنصرية مؤسسية
والعنصران انتجا "هوية مهزومة" ، وبالنظر الى المؤسسات العدلية يتبدى التمييز الذي يهدر العدالة ويميز بين الناس ، وايضا التعليم يعكس منهج واسلوب حياة معين ولا يعبر عن التعدد الثقافي ، وهذه "الهوية المهزومة" مغتربة عن ذاتها ، ومستمدة من ثقافات مراكز اخرى في الجزيرة العربية والهلال الخصيب ، وهي لا تسجم معنا ، ولا تعكس ملامحنا او كينونتا وهي تنظر ليس بعيونها وانما بعيون الاخرين .
وقذف العفيف بالسؤال : من نحن ؟ وهو يمشي للبحث في عن "اشكالية الهوية" ، ويستشهد بنتائج بحث اكاديمي طرح سؤال عن الهوية : من انت ؟ وتعددت الاجابات ، عربي ، مستعرب ، سوداني ، نوبي مستعرب ، وخلص البحث الى عدم اتساق الاجابات . وارجع مقولة الروائي الكبير الطيب صالح " من هم هولاء ؟ ومن اين اتوا؟" الى شعور صاحبها ، بان ممارسات الجبهة الاسلامية ، لا تشبه انماط سلوك السودانيين، بل مارسو غلوا في الاغتراب عن الذات ، الى الدرجة التي لم يعد يتعرف عليهم . دلف العفيف الى تعريف الهوية واكتفى بقوله " الهوية إدراك الذات على حقيقتها وقبولها والتصالح معها ، والانطلاق منها لاستقبال العالم والتعامل مع الاخرين " ، وهو ما يعني ان تتعامل مع العالم اصالة عن نفسك ، افرادا او مجموعات اجتماعية . ويستعير العفيف مقولة الملك اوديب في مسرحية سوفو كليس " ما وددت ان اكون غير ذلك الرجل الذي يرقد تحت جلدي والذي لابد ان اعرفه . " وتجربة الاستاذ محود محمد طه الروحية في الخلوة .

ليست هناك تعليقات: